سموم الكبد لدى القطط: ما تحتاج إلى معرفته لحماية قطتك

الكبد هو أحد أكثر الأعضاء حيوية في جسم القطة؛ فهو مسؤول عن إزالة السموم، إنتاج البروتينات، وتخزين الفيتامينات والمعادن. أي ضرر يصيب هذا العضو يمكن أن يعرّض حياة الحيوان للخطر خلال فترة قصيرة جداً. في هذا الدليل، نستعرض بالتفصيل ماهية سموم الكبد (Hepatotoxins)، مصادرها، أعراض التسمم، أساليب التشخيص، الخيارات العلاجية، وكيف يمكنك الوقاية منها للحفاظ على صحة قطتك.

ما هي سموم الكبد؟

سموم الكبد هي أي مادة كيميائية أو بيولوجية تؤدي إلى إتلاف خلايا الكبد أو إعاقة وظائفه. تتراوح هذه المواد من أدوية بشرية شائعة إلى فطريات تنمو في الأعشاب الرطبة. تدخل السموم الجسم عن طريق الابتلاع، الاستنشاق أو حتى الامتصاص عبر الجلد، ثم تُستقلب في الكبد حيث قد تسبب:

  • نخرًا مباشرًا في الخلايا الكبدية
  • التهابًا مفرطًا يؤدي إلى تليّف أو تندّب
  • انسداد القنوات الصفراوية (ركود صفراوي)
  • اختلالًا في تخثّر الدم نتيجة تراجع تصنيع عوامل التخثّر

تصنيف سموم الكبد

يقسِّم الأطباء البيطريون السموم الكبدية غالبًا إلى فئتين رئيسيتين:

  1. السموم المباشرة: تؤثر بشكل مباشر في خلايا الكبد، مثل رباعي كلوريد الكربون، الفينولات، والفلوران.
  2. السموم غير المباشرة أو الثانوية: تسبّب أذى للكبد عبر آليات أخرى مثل تحفيز الجهاز المناعي أو إحداث نقص تروية. تشمل هذه الفئة بعض البكتيريا، الفطريات، والسموم النباتية.

المصادر الأكثر شيوعًا لسموم الكبد لدى القطط

على الرغم من أن قائمة السموم طويلة، فإن بعض المصادر تظهر في غرف المعيشة والمطابخ أكثر مما نتوقّع. إليك أبرزها:

1. الأدوية البشرية والحيوانية

  • أسيتامينوفين (باراسيتامول): جرعات صغيرة قد تكون قاتلة للقطط.
  • ديـازيبام: يُستخدم كمهدئ لكنه قد يسبّب فشلًا كبديًا حادًا لدى بعض القطط.
  • ميثيمازول: دواء لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية يمكن أن يرفع إنزيمات الكبد.

2. النباتات السامة

  • عائلة Senecio (راغوورت، راتل بوكس) الغنية بالبايروليزيدين.
  • فطر Amanita phalloides المعروف باسم “قبعة الموت”.

3. السموم البيئية والكيميائية

  • مركبات الفينول الموجودة في بعض مستحضرات التنظيف المطهرة.
  • الفوسفور، خصوصًا في سم الفئران والألعاب النارية.
  • المعادن الثقيلة مثل النحاس والحديد عندما تُبتلع بكميات كبيرة.

4. السموم البكتيرية والفطرية

  • الأفلاتوكسين: ناتج عن عفن Aspergillus الذي قد ينمو في طعام القط إذا خُزّن بطريقة غير صحيحة.
  • ذيفانات بكتيريا Clostridium: قد تُنتج داخل أمعاء القطة في حالات إسهال شديدة.

عوامل الخطر

ليست جميع القطط معرضة للتسمم بدرجة متساوية. تزداد احتمالية الإصابة إذا توفر واحد أو أكثر من العوامل التالية:

  • وجود أمراض كبدية سابقة
  • العمر المتقدم أو صغر العمر الشديد (القطط الصغيرة)
  • سوء التغذية أو الجفاف
  • التعرض المزمن لكميات صغيرة من السموم بمرور الوقت

الأعراض الشائعة لتسمم الكبد

يمكن أن تظهر العلامات خلال ساعات أو أيام بناءً على نوع السم، منها:

  • قيء وإسهال متكرر
  • فقدان الشهية وخمول واضح
  • اصفرار اللثة وبياض العينين (يرقان)
  • انتفاخ البطن بسبب تراكم السوائل (حبن)
  • تغيرات عصبية: ارتجاف، تعثر، وحتى غيبوبة
  • نزيف من اللثة أو الأنف نتيجة اضطرابات التخثّر

التشخيص

يبدأ الطبيب البيطري بجمع تاريخ طبي مُفصَّل يتضمن:

نوع الطعام، الأدوية المستخدمة، إمكانية وصول القطة إلى مواد تنظيف أو نباتات، وأي تغيّرات بيئية حديثة.

تلي ذلك فحوص مخبرية وتصويرية تشمل:

  • تحاليل الدم الشاملة: تعداد دم كامل، إنزيمات كبدية (ALT، AST، ALP، GGT)، مستويات البيليروبين.
  • اختبارات التخثّر: PT و aPTT للكشف عن نقص عوامل التخثّر.
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية: لتقييم حجم الكبد، وجود أورام أو انسداد صفراوي.
  • خزعة الكبد: في الحالات المزمنة أو عند الحاجة لتحديد طبيعة التلف بدقة.

العلاج

يعتمد بروتوكول العلاج على سرعة التشخيص ونوع السم، ولكن المبادئ العامة تشمل:

1. استقرار الحالة العامة

  • تأمين ممر هوائي ومنع انخفاض حرارة الجسم
  • إعطاء سوائل وريدية مضاف إليها دكستروز لمنع انخفاض السكر
  • تصحيح اضطرابات الشوارد مثل البوتاسيوم والصوديوم

2. إزالة السم

  • تحفيز القيء أو غسيل المعدة إذا كان الابتلاع خلال ساعتين ومع عدم وجود مانع لذلك.
  • إعطاء فحم منشط لتقليل الامتصاص المعوي.

3. أدوية داعمة للكبد

  • N-acetylcysteine (NAC): مضاد أكسدة قوي يعيد مستويات Glutathione.
  • S-adenosylmethionine (SAMe): يحسن تدفق الصفراء ويحمي الخلايا.
  • Silymarin (مستخلص حليب الشوك): يثبّت غشاء الخلية ويمنع اختراق السم.
  • فيتامين K1: لعلاج اضطرابات التخثّر.
  • مضادات حيوية: عند الاشتباه في عدوى ثانوية.

4. التغذية العلاجية

قد يحتاج الطبيب إلى وضع أنبوب تغذية إذا كانت القطة ترفض الطعام. التوصيات الغذائية عادةً:

  • بروتين عالي الجودة لكن بكمية معتدلة لتقليل الأمونيا
  • دهون معتدلة وكربوهيدرات سهلة الهضم
  • تقليل النحاس في الحالات المرتبطة بفرط تراكمه
  • تزويد الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء (B و C) لتعويض الفقد

فترة النقاهة والمتابعة

قد تحتاج القطة إلى البقاء في المستشفى لعدة أيام حتى تستقر إنزيمات الكبد وتتحسن العلامات السريرية. بعد العودة إلى المنزل، يوصَى بما يلي:

  • تكرار فحوص الدم كل 2–4 أسابيع لمراقبة تحسّن وظائف الكبد
  • الالتزام الصارم بالأدوية والجرعات الموصوفة
  • تبديل النظام الغذائي بالتشاور مع الطبيب البيطري فقط
  • منع القطة من الخروج إلى الحدائق إذا وُجدت نباتات سامة

الوقاية خير من العلاج

يمكنك حماية قطتك من سموم الكبد عبر الخطوات التالية:

  1. تخزين الأدوية البشرية والبيطرية في خزائن مغلقة بإحكام.
  2. قراءة ملصقات منتجات التنظيف واختيار الأنواع الآمنة للحيوانات الأليفة.
  3. إزالة الفطريات والنباتات السامة من حديقة المنزل.
  4. إطعام القطة طعامًا ذا جودة عالية والابتعاد عن الأطعمة الرخيصة المعرضة للعفن.
  5. التواصل الفوري مع الطبيب البيطري عند ملاحظة أي عرض غير طبيعي.

متى يجب طلب الطوارئ؟

عليك التوجه إلى أقرب عيادة بيطرية دون تأخير إذا لاحظت:

  • قيئًا مدمى أو أصفر قاتم
  • إسهالًا متواصلاً أو برازًا بلون القطران
  • صعوبة في التنفس أو تشنجات
  • اصفرارًا واضحًا في الجلد أو العينين

الخلاصة

تسمم الكبد لدى القطط حالة خطرة ولكن يمكن تجنبها باتباع ممارسات الوقاية الأساسية والانتباه السريع لأي تغييرات في سلوك قطتك. تذكّر أن التشخيص المبكر والتدخل العلاجي السريع يصنعان فارقًا كبيرًا بين الشفاء التام والمضاعفات الخطيرة. إذا ارتبت في تعرض قطتك لسم مهما كان نوعه، فاتصل فورًا بالطبيب البيطري أو مركز سموم الحيوانات الأليفة.

المراجع

  1. مؤسسة الطب البيطري. “دليل شامل لسموم الكبد وأعراضها وطرق العلاج.” , 2020. vetfoundation.org

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version