دليل شامل لفهم وعلاج سلس البول عند القطط
مشاهدة بقع البول على أرضية المنزل أو فراش قطتك قد يثير القلق، خاصة إذا كان القط يستعمل صندوق الفضلات بانتظام في العادة. يُعرف هذا المشهد المقلق باسم سلس البول، وهو عدم قدرة القط على التحكم الكامل في إخراج البول، فيتسرب منه دون وعي. في هذا المقال ستجد كل ما تحتاج معرفته عن هذه الحالة: أسبابها، أعراضها، طرق التشخيص والعلاج، إضافةً إلى نصائح عملية للرعاية المنزلية.
ما هو سلس البول عند القطط؟
سلس البول هو فقدان غير إرادي للبول بسبب خلل في المثانة أو مجرى البول أو الأعصاب المسؤولة عن التحكم في عملية التبول. بعكس التبول المتكرر أو فرط إنتاج البول (البوال)، فإن القط المصاب بالسلس لا يقرر التبول عن قصد، بل يتسرب البول أثناء النوم أو أثناء المشي أو حتى عندما يقفز إلى حضنك.
كيف يختلف عن التبول المتكرر؟
قد يختلط الأمر على بعض المُربين بين القط الذي يُخرج كميات كبيرة من البول في صندوق الفضلات وبين القط الذي يترك قطرات هنا وهناك. في حالات مثل مرض السكري أو أمراض الكلى يزداد حجم البول لأن الجسم ينتج كمية زائدة من البول، لكن السيطرة على عملية التبول تكون سليمة. أما في السلس فالمشكلة تكمن في فقدان التحكم، وغالبًا ما يكون حجم البول المتسرب صغيرًا ويترك رائحة قوية لأن البول بقي فترة في المثانة.
الأسباب الشائعة لسلس البول
١. عيوب خلقية (تحرك الحالب أو الحالب المنتبذ)
تصاب بعض القطط الصغيرة بعيب خلقي يجعل الحالب يصب بول الكلية مباشرة في الإحليل بدلاً من المثانة. مع مرور الوقت يتسرب البول باستمرار لأن المثانة لا تستطيع تخزينه بشكل صحيح. يحتاج هذا العيب في العادة إلى تدخل جراحي لتصحيحه.
٢. المشكلات العصبية أو إصابات العمود الفقري
الأعصاب التي تنقل الإشارات من المخ إلى المثانة والإحليل قد تتعرض للتلف نتيجة حوادث السير، أو السقوط من ارتفاع، أو أمراض الأعصاب التنكسية. عندما تضطرب هذه الإشارات، تفقد القطة القدرة على شد العضلة العاصرة للمثانة.
٣. التهابات المسالك البولية وحصوات المثانة
يسبب الالتهاب أو وجود البلورات والحصوات تهيجًا للجدار الداخلي للمثانة، ما يضعف العضلة العاصرة ويؤدي إلى تسرب البول. عادةً ما يصاحب هذه الحالات ألم وصعوبة في التبول داخل صندوق الفضلات.
٤. الأورام أو التهابات المثانة المزمنة
قد تؤدي الكتل السرطانية، أو التهاب المثانة مجهول السبب (FIC)، أو الأورام الحميدة إلى تقليل سعة المثانة أو منعها من الانغلاق بإحكام.
الأعراض التي تستدعي الانتباه
- وجود بقع أو خطوط بول على الفراش أو أرضية المنزل.
- رائحة بول قوية حول القط أو في أماكن جلوسه.
- رشح البول أثناء النوم العميق أو فور النهوض.
- تبلل الفراء حول الذيل والأرجل الخلفية باستمرار.
- تهيّج الجلد أو تساقطه نتيجة ملامسة البول.
- اللعق المفرط للأعضاء التناسلية.
- ظهور دم أو صعوبة واضحة أثناء استعمال صندوق الفضلات.
كيف يشخّص الطبيب البيطري الحالة؟
يبدأ الطبيب بأخذ التاريخ المرضي بالتفصيل: متى بدأت المشكلة؟ هل القط يشرب ماءً أكثر من المعتاد؟ هل خضع لعمليات سابقة؟ ثم يجري فحصًا بدنيًا شاملًا مع التركيز على البطن والعمود الفقري والأعضاء التناسلية. بعد ذلك قد يوصي بالفحوص التالية:
- تحليل البول للكشف عن العدوى، الدم، البلورات وقيمة حموضة البول.
- زراعة البول لتحديد نوع البكتيريا والمضاد الحيوي المناسب.
- تحاليل الدم الشاملة للتأكد من وظائف الكلى والكبد واستبعاد الأمراض الجهازية.
- الأشعة السينية التقليدية أو المقطعية لرؤية الحصوات أو كسور العمود الفقري.
- الموجات فوق الصوتية لتقييم جدار المثانة، الحالب، والبحث عن الأورام.
- حقن مواد ظليلة (تصوير الجهاز البولي الوريدي أو تصوير المثانة الظليل) لتحديد موضع الاضطراب بدقة.
- التصوير بالمنظار الداخلي (Cystoscopy) في بعض المراكز المتقدمة.
- الفحص العصبي في حال الاشتباه بتلف الأعصاب.
خيارات العلاج المتاحة
أولًا: علاج السبب الأساسي
تعتمد خطة العلاج على العامل المسبب. في الالتهابات البكتيرية يُوصف مضاد حيوي واسع الطيف يتم تعديله بعد ظهور نتيجة الزراعة. بالنسبة للحصوات، قد يُقترح نظام غذائي مُذاب للحصوات أو جراحة لإزالتها. أمّا العيوب الخلقية والأورام فقد تتطلب تدخلاً جراحيًا أو بالليزر.
ثانيًا: أدوية تحسين قوة الإحليل
حين تصبح عضلة الإحليل ضعيفة يمكن وصف أدوية مثل:
- فينيل بروبانولامين (PPA) الذي يزيد من قوة العضلة العاصرة.
- نظائر الإستروجين خاصة في الإناث بعد التعقيم.
- محفزات ألفا الأدرينالية التي تساعد في منع التسرب.
يجب استخدام هذه الأدوية تحت إشراف بيطري صارم لتجنب ارتفاع ضغط الدم أو مشكلات القلب.
ثالثًا: الرعاية الداعمة
إذا تعذر علاج السبب جذريًا، يمكن التحكم في الحالة عبر:
- إفراغ المثانة يدويًا عدة مرات في اليوم وفق إرشادات الطبيب.
- استخدام حفاضات أو سراويل مخصّصة للقطط.
- فرش الأسرة ببطانات ماصة أو أغطية مقاومة للماء لمنع تهيج الجلد.
- العناية بالجلد بغسول لطيف للتقليل من الحرقان.
نصائح الرعاية المنزلية
- اغسل الفرو حول الذيل والساقين بماء فاتر لتجنب التهابات الجلد.
- غيّر الفراش بانتظام واستعمل أغطية قابلة للغسل.
- وفر أكثر من صندوق فضلات في أماكن يسهل الوصول إليها وخاصة للقطط ذات الإعاقة الحركية.
- ضع سجادات ماصة قرب الأماكن المفضلة للقط للمساعدة على امتصاص التسرب.
- شجع قطك على شرب المزيد من الماء باستخدام نوافير أو إضافة مرق قليل الصوديوم لطعامه الرطب.
- حافظ على وزن صحي لتقليل الضغط على المثانة.
- أجرِ فحصًا بيطريًا دوريًا كل 3–6 أشهر للتأكد من عدم تكرار العدوى.
الوقاية وتقليل عوامل الخطورة
بالرغم من أن بعض الأسباب خلقية ولا يمكن منعها، إلا أن هناك خطوات تقلل احتمالية إصابة قطك بسلس البول:
- إجراء عمليات التعقيم في عيادة موثوقة لتجنب إصابة الأعصاب أثناء الجراحة.
- تقديم غذاء متوازن مصمم للحفاظ على صحة الجهاز البولي.
- تشجيع النشاط البدني اليومي لمنع السمنة.
- توفير مصدر مياه عذب ومتجدد على الدوام.
- علاج أي عدوى بولية أو مشكلات في العمود الفقري بسرعة لمنع تطورها.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري فورًا؟
- وجود دم واضح في البول أو تحول لون البول إلى الأحمر الداكن.
- عجز تام عن التبول (طوارئ تهدد الحياة).
- ألم شديد أو صراخ أثناء محاولة التبول.
- ارتفاع درجة الحرارة أو خمول مفاجئ.
- تورم أو جروح ناتجة عن تهيج الجلد حول الإحليل.
كلما تم تشخيص السبب مبكرًا، زادت فرص استعادة قطك لراحته وجودته حياته. لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري عند ملاحظة أي علامة غير طبيعية.
الخلاصة
سلس البول حالة مربكة لكنها قابلة للإدارة في معظم الأحيان. يبدأ الطريق بالعناية الطبية الدقيقة لتحديد السبب الأساسي، ويستمر بالرعاية المنزلية والحبّ والصبر من قِبل الأسرة. مع التشخيص السليم والعلاج المناسب، يمكن لقطك أن يعيش حياة سعيدة ونظيفة داخل المنزل.
إذا ساعدك هذا الدليل، شاركه مع محبي القطط الآخرين، فقد تنقذ مزيدًا من الأرواح الصغيرة!