دليل شامل لالتهاب المادة الرمادية الدماغية والنخاعية لدى القطط
إذا لاحظت على قطّك اهتزازًا في الرأس، أو ضعفًا مفاجئًا في الأطراف، أو صعوبة في المشي والتوازن، فقد يكون مصابًا بحالة عصبية تُسمّى التهاب المادة الرمادية الدماغية والنخاعية (Polioencephalomyelitis). تهدف هذه المقالة إلى تزويدك بكل ما تحتاج معرفته حول هذه الحالة، بدءًا من تعريفها وأسبابها وصولًا إلى طرق التشخيص والعلاج والوقاية.
ما هو التهاب المادة الرمادية الدماغية والنخاعية؟
الالتهاب هنا يصيب المادة الرمادية في كل من الدماغ والنخاع الشوكي، وهي المنطقة التي تحتوي على أجسام الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات الحسية والحركية. عند التهابها تتعطّل تلك الإشارات، فتصبح الأعراض العصبية واضحة على القط.
الأعراض والعلامات السريرية
- اهتزاز الرأس أو الأطراف
- ميلان الرأس أو دوران الجسم
- تيبّس في الرقبة أو الأطراف
- اختلال التوازن أو الترنّح أثناء المشي
- ارتفاع درجة الحرارة في بعض الحالات
- نوبات صرع أو تشنّجات
- قيء أو فقدان شهية إذا صاحبتها عدوى فيروسية أو تسمّم
قد تظهر الأعراض فجأة أو تتطوّر تدريجيًّا، وتعتمد حدّتها على مكان الالتهاب ومداه.
الأسباب والعوامل المؤهِّبة
يمكن أن ينتج التهاب المادة الرمادية عن مجموعة واسعة من العوامل، أهمها:
- عدوى فيروسية، وأبرزها فيروس FPLV (وهو أحد سلالات فيروسات البارفو).
- عدوى بكتيرية أو فطرية تنتقل عبر مجرى الدم إلى الجهاز العصبي.
- طفيليات مثل Toxoplasma gondii.
- التعرّض للسموم (مبيدات حشرية، معادن ثقيلة، أدوية بشرية).
- إصابة رضحيّة مباشرة للدماغ أو النخاع.
- اختلالات غذائية مثل نقص الثيامين (فيتامين B1).
- أسباب مناعية ذاتية نادرة.
تزداد احتمالية الإصابة لدى القطط غير الملقّحة، صغيرة العمر، أو التي تعيش في بيئات مزدحمة (الملاجئ مثلاً) حيث تنتشر الفيروسات بسهولة.
كيف يشخّص الطبيب البيطري الحالة؟
يعتمد التشخيص الدقيق على مجموعة من الفحوص والإجراءات، أبرزها:
- الفحص العصبي السريري الكامل لتحديد موضع الخلل داخل الجهاز العصبي.
- تحليل سائل الدماغ والنخاع الشوكي (CSF) بحثًا عن خلايا التهابية أو أجسام فيروسية.
- اختبارات دم شاملة لاستبعاد العدوى الجهازية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو الأشعة المقطعية (CT) لرؤية مناطق الالتهاب أو التلف.
- تحاليل خاصة بالفيروسات أو الطفيليات (PCR، ELISA) عند الحاجة.
يُعد التشخيص المبكّر حاسمًا لتحسين فرص التعافي، إذ تسمح النتائج السريعة بتوجيه العلاج الصحيح قبل حدوث ضرر عصبي دائم.
الخيارات العلاجية
لا يوجد دواء واحد يشفي كل حالات التهاب المادة الرمادية، لكن الاستراتيجية تعتمد على ما يلي:
- علاج السبب الأساسي: مضادات فيروسية، بكتيرية، أو مضادات طفيلية حسب الحالة.
- علاج داعم: سوائل وريدية لمنع الجفاف، دعم غذائي إذا كان القط لا يتناول الطعام.
- أدوية مضادة للالتهاب: كورتيكوستيرويدات بجرعات مُحكمة لتقليل التورّم.
- مضادات الاختلاج: مثل ديازيبام أو فينوباربيتال للتحكم في النوبات.
- مسكّنات ألم إذا كان الالتهاب مصحوبًا بألم.
- علاج فيتامينات خصوصًا الثيامين إذا كان هناك نقص غذائي.
يستوجب الأمر غالبًا الاستشفاء في قسم الرعاية المركزة البيطرية لمراقبة الوظائف الحيوية وضبط الجرعات بدقة.
الرعاية المنزلية ومتابعة التعافي
بعد الخروج من المستشفى، يحتاج القط إلى:
- مكان هادئ ودافئ بعيدًا عن الضوضاء.
- تزويده بالماء والطعام في أوعية يسهل الوصول إليها.
- مراقبة علامات الانتكاس: تشنّجات، حمى، فقدان شهية.
- مراجعة الطبيب وفق الجدول المحدد لإعادة الفحص أو تعديل الأدوية.
- تطبيق برامج إعادة تأهيل بسيطة (تمارين توازن خفيفة) إذا أوصى الطبيب.
ملاحظة: قد يظل بعض الخلل العصبي دائمًا، مثل عرج خفيف، لكن العديد من القطط تستعيد جودة حياة جيدة مع العلاج المبكّر والداعم.
الوقاية خير من العلاج
يُعتبر التحصين ضد فيروس البانليوكوبينيا أهم وسيلة وقائية. إضافة إلى ذلك:
- إبقاء القطط داخل المنزل أو تحت إشراف أثناء الخروج يقلّل من التعرض للعوامل المعدية.
- التخلّص الآمن من السموم والمبيدات الحشرية في المنزل والحديقة.
- تغذية متوازنة غنية بالفيتامينات وخاصة مجموعة B.
- الفحص الدوري لدى الطبيب البيطري لاكتشاف المشكلات قبل تفاقمها.
أسئلة شائعة
هل يمكن لالتهاب المادة الرمادية أن ينتقل إلى البشر أو الحيوانات الأخرى؟
في حد ذاته، المرض غير معدٍ مباشرةً، لكن العامل المسبب قد يكون معديًا (مثل فيروس البانليوكوبينيا) بين القطط. لا ينتقل هذا الفيروس إلى البشر.
كم تستغرق فترة التعافي؟
تختلف المدة تبعًا لشدة الإصابة والسبب الأساسي؛ قد تتراوح بين بضعة أسابيع إلى عدة أشهر.
هل تبقى الأعراض مدى الحياة؟
بعض القطط تتعافى كليًا، بينما قد يستمر عرج طفيف أو صعوبة توازن في حالات أخرى.
ختامًا، يبقى التشخيص المبكّر والالتزام بخطة العلاج حجر الأساس في إنقاذ حياة قطك وتحسين جودة حياته. إذا لاحظت أي علامات عصبية، لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري على الفور.
المراجع
- Veterinary Partner. “Feline Neurology: Causes, Symptoms, and Treatment.” , 2023-01-22. www.veterinarypartner.com