دليل المربي الشامل لفهم الانسداد الأذيني-البطيني الكامل لدى القطط وعلاجه
يُعَدُّ الانسداد الأذيني-البطيني الكامل (Complete Atrioventricular Block) إحدى أخطر اضطرابات النَّظْم القلبي لدى القطط، إذ يؤدي إلى انفصال كامل بين إيقاع الأذينين والبطينين. في هذا الدليل، نستعرض بتفصيل مبسّط كل ما يحتاجه المربي لفهم الحالة والتعامل معها.
كيف يعمل قلب القطة الطبيعي؟
يتكوّن قلب القطة من أربع حجرات: أذينين وبطينين. تنتقل الإشارة الكهربائية عادةً من العقدة الجيبية الأذينية إلى العقدة الأذينية-البطينية (AV)، ثم إلى البطينين، فتُحافظ على إيقاع قلبي مُنتظم. عند حدوث انسداد كامل في العقدة الأذينية-البطينية، تتوقف هذه الإشارات، فينبض كلٌّ من الأذينين والبطينين بمعدل مستقل، غالبًا أبطأ بكثير في البطينين.
الأسباب الشائعة للانسداد الأذيني-البطيني الكامل
- التليُّف الشيخوخي للألياف الناقلة للإشارة الكهربائية داخل القلب، وهو السبب الأكثر شيوعًا لدى القطط المُسنة.
- تشوّهات خلقية في بنية القلب لدى القطط الصغيرة.
- التهاب عضلة القلب الناتج عن عدوى فيروسية أو بكتيرية.
- الأورام التي تصيب الجدار القلبي، ما يعرقل مرور الإشارة.
- الصدمات العنيفة أو الجراحة التي تؤذي نظام التوصيل.
- سمِّيَّة الأدوية مثل جرعات زائدة من الديجوكسين أو بعض مخدّرات التخدير.
- اختلال الشوارد لا سيّما فرط البوتاسيوم في الدم.
- نقص الأكسجين الشديد أو احتشاء عضلي قلبي (نادر في القطط).
الأعراض التي يجب ألا تُتجاهَل
قد تختلف حدّة الأعراض تبعًا لسرعة البطينين ومدى كفاءة عضلة القلب، إلا أن أكثرها شُيوعًا يشمل:
- تباطؤ نبض القلب (أقل من 120 نبضة/دقيقة في الراحة).
- الخمول وفقدان الرغبة في اللعب أو الحركة.
- نوبات انهيار أو إغماء مفاجئ (Syncope).
- انعدام التحمّل للجهد البسيط.
- نوبات تشنّجية تشبه الصرع في الحالات الشديدة.
- علامات احتقان قلبي: صعوبة تنفُّس، كحّة، استسقاء بطني.
- وفاة مفاجئة في بعض الحالات غير المُشخَّصة.
كلّما تم اكتشاف الانسداد باكرًا، زادت فرص إنقاذ حياة القطة وتقليل الاختلاطات.
كيفية التشخيص
1. الفحص السريري والاستماع بالسماعة
يسمع الطبيب البيطري بطئًا غير اعتيادي في دقات القلب مع عدم انتظام واضح، وقد يلاحظ اختلاف شدة أصوات القلب بين النبضة والأخرى.
2. تخطيط كهربائية القلب (ECG)
أداة التشخيص الذهبية، وتُظهر انفصالًا كاملًا بين موجات P (الأذين) ومُركّب QRS (البطين)، مع اتساع المسافة بينهما.
3. التصوير بالأشعة السينية
يُحدّد وجود تضخُّم قلبي أو ارتشاح رئوي نتيجة قصور القلب.
4. تخطيط صدى القلب (Echocardiography)
يكشف عن تشوّهات بنيوية أو أورام داخل القلب.
5. تحاليل مخبرية
قياس الشوارد (خاصة البوتاسيوم)، وظائف الغدة الدرقية، ومستويات الأدوية السامّة إن وُجدت.
6. قياس ضغط الدم
للكشف عن ضغط مرتفع قد يزيد الضغط على القلب.
خيارات العلاج المتاحة
1. العلاج الدوائي
قد تُستخدم أدوية مثل أتروبين، إيزوبرينالين، أو تيربوتالين بهدف رفع النبض بشكل إسعافي، لكنها عادةً حلول مؤقتة وغير فعّالة على المدى الطويل.
2. زرع جهاز منظم ضربات القلب (Pacemaker)
الحل الأكثر فاعلية وطويل الأمد؛ يُزرع جراحيًّا ليتحكم بإيقاع البطينين ويمنع التباطؤ الشديد. مع العناية المناسبة، قد تعيش القطة حياة طبيعية نسبيًّا بعد الجراحة.
3. معالجة الاختلاطات
- مدرَّات البول لتقليل احتقان الرئتين أو الاستسقاء.
- مثبطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) لتحسين وظيفة القلب.
- علاج السبب الأساسي إن وُجد (التهاب، ورم، اختلال شوارد).
الرعاية المنزلية والمتابعة
بعد تثبيت العلاج، تبقى المتابعة جزءًا أساسيًا من نجاح الخطة العلاجية:
- زيارة الطبيب البيطري دوريًّا لضبط إعدادات منظم ضربات القلب وفحص البطارية.
- مراقبة نبض القطة في المنزل وتدوين أي تباطؤ أو عدم انتظام.
- الانتباه لأي علامات تعب، ضيق نفس، فقدان شهية أو إغماء.
- إعطاء الأدوية في مواعيدها بدقة، والالتزام بالقيود الغذائية عند وجود قصور قلبي.
- تجنّب المجهود العنيف إلى حين سماح الطبيب باستئناف النشاط الطبيعي.
الخلاصة
ليس الانسداد الأذيني-البطيني الكامل حكمًا محتومًا على حياة القطة، خصوصًا مع التشخيص المبكر وزرع منظم ضربات القلب عند الحاجة. التثقيف ومعرفة الأعراض الحرجة يختصران رحلة العلاج ويمنحان قطتك فرصة جديدة للحياة.