الطاعون عند القطط: دليل شامل للوقاية والتشخيص والعلاج

يُعَدّ الطاعون (Plague) من أخطر الأمراض البكتيرية المشتركة بين الإنسان والحيوان، إذ تسبّبه بكتيريا Yersinia pestis القادرة على إصابة القطط وإظهار أعراض قد تكون مميتة ما لم يتم التدخّل العلاجي السريع. وعلى الرغم من ندرته في العالم الحديث، إلا أنّ ظهوره لا يزال محتملًا في بعض المناطق الريفية وشبه الريفية حيث تنشط القوارض والبراغيث الناقلة للعدوى.

في هذا الدليل المفصّل، نستعرض كل ما يحتاجه مالك القط من معلومات حول طرق انتقال الطاعون، أشكاله الإكلينيكية، الأعراض، التشخيص، العلاج، وكيفية حماية كلٍّ من القط والعائلة.

ما هو الطاعون؟

هو عدوى بكتيرية حادّة سببها Yersinia pestis. تنتمي هذه البكتيريا لعائلة Enterobacteriaceae وتتفوق بقدرتها على إحداث التسمم الدموي والتهاب العقد الليمفاوية الحادّ؛ الأمر الذي يفسّر السُّمّية العالية وارتفاع نسبة الوفيات إذا لم يُعالج المرض بسرعة.

طرق انتقال الطاعون إلى القطط

  • البراغيث المصابة: تُعدّ أكثر وسيلة شائعة، إذ تلدغ البرغوث المصاب جلد القط وتنقل البكتيريا عبر الدم.
  • الافتراس: قد يلتقط القط العدوى عند صيد أو أكل القوارض (مثل الفئران والسناجب) المصابة.
  • الانتقال البشري أو الحيواني المباشر: رغم ندرته، إلا أنّ مخالطة إفرازات أو أنسجة حيوان آخر مصاب قد توصل العدوى.

العوامل التي تزيد من خطر الإصابة

  1. العيش في المناطق الموبوءة بالقوارض.
  2. السماح للقط بالخروج بحرّية للصيد.
  3. عدم الالتزام ببرامج مكافحة البراغيث.

الأشكال الإكلينيكية للطاعون عند القطط

تتشابه أشكال الطاعون عند القطط مع تلك المُسجَّلة في البشر، وهي:

  1. الطاعون الدُّبْلي (Bubonic): يتسم بتضخّم العقد الليمفاوية المُؤلمة غالبًا حول الرأس أو الرقبة أو الكتف.
  2. الطاعون التسمّمي (Septicemic): يحدث عندما تنتشر البكتيريا عبر مجرى الدم، وقد يحدث بمفرده أو يُعقِب الشكل الدُّبلي.
  3. الطاعون الرئوي (Pneumonic): أخطر شكل؛ تنتقل العدوى إلى الرئتين مسبّبة التهابًا رئويًّا حادًّا وقد تكون مُعْدية عبر الرذاذ.

أعراض الطاعون عند القطط

تختلف الأعراض باختلاف الشكل الإكلينيكي، لكن أكثر العلامات شيوعًا تشمل:

  • ارتفاع درجة الحرارة (حمّى).
  • خمول وفقدان الشهية.
  • تورّم أو تقيّح في العقد الليمفاوية (خصوصًا تحت الفك أو الإبط).
  • التهاب رئوي، سعال، أو صعوبة تنفس (في الشكل الرئوي).
  • قيء أو إسهال في الحالات التسمّمية.
  • نزيف تحت الجلد أو من الفم/الأنف في المراحل المتأخرة.

تنبيه: يُعَدّ الطاعون مرضًا مُبلَّغًا عنه في معظم الدول. أي اشتباه في إصابة قط بالطاعون يستدعي إخطار الجهات البيطرية والصحية فورًا.

كيفية تشخيص الطاعون

يتطلّب التشخيص تأكيدًا مخبريًّا لتجنب الخلط مع أمراض أخرى مشابِهة. يلجأ الطبيب البيطري عادةً إلى:

  • فحص دم شامل (CBC) للبحث عن علامات العدوى البكتيرية الشديدة.
  • تحليل/زراعة عَيِّنات من العقد الليمفاوية أو الدم للكشف عن Y. pestis.
  • اختبار الأجسام المضادة أو PCR لتأكيد الهوية البكتيرية.
  • الأشعة السينية للصدر في حالة الاشتباه في الشكل الرئوي.

البروتوكول العلاجي

العلاج السريع والمكثّف هو مفتاح النجاة:

مضادات حيوية مُوجَّهة

تشمل الاختيارات الشائعة:

  • دوكسيسيكلين (Doxycycline) عن طريق الفم لمدّة 10–14 يومًا.
  • جنتاميسين (Gentamicin) بالحقن الوريدي أو العضلي للحالات الشديدة.
  • فلوروكينولونات مثل Enrofloxacin كبديل عند وجود موانع.

الرعاية الداعمة

  • محاليل وريدية لتعويض السوائل.
  • مُسكّنات وخافضات حرارة.
  • أكسجين تكميلي في حالات الالتهاب الرئوي.

العزل والسلامة البيولوجية

يجب عزل القط المصاب في غرفة منفصلة مع تقليل عدد القائمين بالرعاية لجانب ارتداء القفازات والكمامات. كما ينبغي التخلص من مخلفات القط (الرمل، الفراش) بصورة آمنة.

مآل المرض ومعدّل النجاة

إذا بُدِئ العلاج خلال 24 ساعة من ظهور الأعراض، ترتفع معدلات النجاة بشكل كبير. لكن الإهمال أو التأخر قد يؤديان إلى فشل أجهزة الجسم وموت القط.

الوقاية: حماية قطك قبل وقوع الخطر

  • السيطرة على البراغيث: استخدم منتجات موضعية أو أقراص شهرية موصى بها من طبيبك البيطري.
  • إبقاء القطط داخل المنزل: يقلّل من فرص الاحتكاك بالقوارض أو البراغيث المصابة.
  • مراقبة نشاط القوارض: تخلّص من مصادر الطعام المكشوفة وحدّ من المستعمرات قرب المنزل.
  • الفحص الدوري: زيارات روتينية للطبيب البيطري تسمح بالكشف المبكّر عن أي علامات غير طبيعية.

كيف تحمي نفسك وعائلتك؟

نظرًا لأنّ الطاعون مرض حيواني المنشأ (Zoonotic)، فإن لمستوى الوقاية الشخصية أهمية قصوى:

  1. ارتدِ قفازات عند التعامل مع القط المريض أو تنظيف صندوق الفضلات.
  2. اغسل يديك بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل بعد كل تلامس.
  3. لا تسمح للأطفال أو كبار السن أو أصحاب المناعة الضعيفة بالاقتراب من الحيوان المشتبه بإصابته.
  4. أبلغ السلطات الصحية فورًا في حال تأكُّد الإصابة.

أسئلة شائعة

هل يمكن أن ينتقل الطاعون من قطتي إليّ مباشرة؟

نعم، خاصةً في الشكل الرئوي عبر رذاذ العطس أو السعال، أو من خلال لمس السوائل الجسدية. لذلك يُنصح بارتداء كمامة طبية عند التعامل مع القط المصاب.

هل اللقاحات متوافرة للقطط ضد الطاعون؟

لا تتوفر لقاحات تجارية معتمَدة للقطط في الوقت الراهن، لذا تبقى الوقاية معتمدة على مكافحة البراغيث وحدّ التجوال الحر.

متى يمكن إعادة دمج القط المتعافي مع باقي الحيوانات؟

بعد انتهاء كورس المضاد الحيوي ونتيجة اختبار بكتيري سلبية، إلى جانب تقييم الطبيب البيطري خلو القط من الأعراض.

الخلاصة

بينما يُعتبَر الطاعون مرضًا نادر الحدوث، إلا أنّ معرفته تُمثِّل عامل أمان لك ولقطك. اتّبع تدابير الوقاية، واطلب المشورة البيطرية فور ملاحظة أي تورّم في العُقد الليمفاوية أو أعراض حادة غير مفسّرة. التدخل المبكر يُنقِذ حياة قطك ويمنع انتشار المرض داخل المجتمع.

المراجع

  1. د. عماد زهير. “الطاعون: مرض قديم يعود من جديد؟.” , 2020-06-15. www.al-akhbar.com
  2. منظمة الصحة العالمية. “التوصيات العالمية المتعلقة بالطاعون.” , 2023-03-10. www.who.int
  3. مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. “نصائح للحد من خطر الطاعون.” , 2021-12-10. www.cdc.gov

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version