مقدمة
التهاب الملتحمة (Conjunctivitis) هو أحد أكثر اضطرابات العين شيوعاً لدى القطط. يتمثَّل هذا الاضطراب في التهاب الغشاء الرقيق الشفّاف الذي يُغطّي الجفن من الداخل ويكسو جزءاً من سطح العين، ويظهر عادةً على شكل احمرار، وانتفاخ، وإفرازات دمعيّة أو صديديّة. وعلى الرغم من أنَّ الحالة تبدو بسيطة للوهلة الأولى، إلا أنَّ إهمالها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل تضرّر القرنيّة أو فقدان البصر الجزئي. في هذا المقال ستتعرّف على الأسباب المحتملة، العلامات التحذيريّة، طرق التشخيص والعلاج، وأفضل أساليب الوقاية للحفاظ على صحة عيون قطّك.
تشريح مُبسّط للعين
لفهم التهاب الملتحمة يجب أولاً التعرّف على مكوّنات العين. تتكوَّن العين من القرنية الشفافة، القزحية الملوَّنة، الحدقة (البؤبؤ)، العدسة، الشبكية، وأخيراً الملتحمة التي تحمي العين وتُسهم في ترطيبها عبر الدموع. عندما تلتهب الملتحمة، تتأثر وظيفة الحماية والترطيب، فتظهر الأعراض بسرعة.
علامات وأعراض التهاب الملتحمة
قد تختلف شدة الأعراض باختلاف السبب، لكن أكثر العلامات شيوعاً تشمل:
- احمرار أو «احتقان» واضح في بطانة العين أو حول الجفن.
- تورّم الجفون مع صعوبة فتح العين بالكامل.
- إفرازات مائية، مخاطيّة، أو قيحية (مخضّرة/صفراء اللون).
- رَمش متكرر أو إغلاق العين (تشنّج الجفن) هرباً من الضوء.
- حكّ العين أو فركها باليد أو بأي سطح قريب.
- عطاس، سعال خفيف، أو إفرازات أنفيّة عند وجود عدوى تنفسيّة مرافقة.
الأسباب وأنواع التهاب الملتحمة
أولاً: الالتهاب المُعدي
يحدث بسبب كائنات ممرِضة مثل الفيروسات والبكتيريا، وأبرزها:
1. الفيروسات
- فيروس الهربس السنوري النوع الأول (FHV-1): السبب الفيروسي الأكثر شيوعاً، وقد يظل كامناً ويعاود الظهور عند التوتر أو المرض.
- فيروس الكاليسي (FCV): يصيب الجهاز التنفسي العُلوي ويؤدي أحياناً لالتهاب الملتحمة.
2. البكتيريا
- شلاميديا فيليس (Chlamydophila felis): بكتيريا داخل الخلايا تُسبّب التهاباً حاداً وتورّماً ملحوظاً.
- الميكوبلازما: نوع آخر من البكتيريا قد يعمل بمفرده أو مصاحباً للفيروسات.
3. الطفيليات والفطريات
حالات أقل شيوعاً، مثل الطفيليات العينيّة أو العدوى الفطرية لدى القطط ضعيفة المناعة.
ثانياً: الالتهاب غير المُعدي
- الحساسيّة الموسميّة أو الغذائية.
- المهيّجات الكيميائية (دخان، عطور، منظّفات).
- الأجسام الغريبة (حبيبات رمل، شظايا نباتية).
- إصابات ميكانيكية أو خدوش قرنية.
- أمراض عينيّة أخرى مثل الجلوكوما أو جفاف العين.
من المهم استشارة الطبيب البيطري عند ظهور الأعراض لأول مرة، لأن تحديد سبب الالتهاب بدقة يسمح بخطة علاج فعّالة ويمنع المضاعفات على المدى الطويل.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد التشخيص على الجمع بين التاريخ المرضي والفحص السريري والفحوصات المخبرية:
- الفحص السريري الكامل: تقييم العين والأنف والحلق والاستماع إلى الصدر.
- اختبار إنتاج الدموع (Schirmer): لقياس كمية الدموع المستمرة.
- صبغة الفلورسين: للكشف عن التقرحات أو الخدوش القرنية المخفية.
- المسحة الخلوية أو زرع البكتيريا: لتحديد نوع العامل المسبّب واستجابته للمضادات الحيوية.
- اختبارات PCR: للكشف عن DNA الفيروسات مثل FHV-1 وFCV بسرعة ودقة.
خيارات العلاج
العلاجات الدوائية الموضعية
- مضادات حيوية واسعة الطيف (على شكل قطرات أو مراهم) لمعالجة العدوى البكتيريّة.
- مضادات فيروسية موضعية (مثل أسيكلوفير أو تريفلوريدين) للحالات الناجمة عن فيروس الهربس.
- مضادات التهاب غير ستيرويدية أو كورتيكوستيرويدات (بحسب توصية الطبيب) لتقليل التورّم والألم.
- الدموع الاصطناعيّة للمساعدة في ترطيب العين ومنع الخدوش القرنية.
الرعاية المنزلية
- تنظيف الإفرازات بلطف بقطعة شاش مُعقّمة مبلَّلة بمحلول ملحي دافئ.
- منع القط من حكّ عينيه باستخدام طوق “إليزابيث” إذا لزم الأمر.
- ضبط الرطوبة في المنزل (40–60%) لتقليل جفاف العين والطرق التنفسية.
- تقديم تغذية متوازنة غنيّة بالأحماض الأمينية (لاسيّما الليزين) لدعم المناعة.
متى تكون الجراحة مطلوبة؟
نادراً ما يلجأ الطبيب البيطري إلى الجراحة، لكنّها قد تُصبح ضرورية في حال وجود جسم غريب متعمّق أو تضرّر شديد بالقرنيّة لا يستجيب للعلاج الدوائي.
التعافي والتوقعات
تتحسّن معظم القطط خلال 7–14 يوماً من بدء العلاج المناسب. ومع ذلك، قد تتحوّل العدوى الفيروسيّة، خصوصاً الناجمة عن FHV-1، إلى حالة مزمنة تعاود الظهور في فترات التوتر أو عند ضعف المناعة.
الوقاية وتقليل الانتكاسات
- التطعيم الروتيني ضد FHV-1 وFCV وفق جدول الطبيب البيطري.
- تقليل مصادر التوتر (ضوضاء، تغيير مفاجئ في البيئة، ازدحام الحيوانات).
- تنظيف أوعية الطعام والمياه والألعاب بانتظام للحد من انتشار الجراثيم.
- عزل القطط المصابة عن الأصحاء إلى حين اكتمال الشفاء.
أسئلة شائعة
هل التهاب الملتحمة معدٍ للبشر؟
الأنواع الشائعة لدى القطط ليست معدية للبشر، ومع ذلك يُوصى بغسل اليدين بعد التعامل مع القط المصاب لتجنّب انتشار ممرضات أخرى.
كم مرّة يجب استخدام القطرات أو المرهم؟
تختلف الجرعات حسب الدواء، لكنّها غالباً تتراوح بين 2–4 مرات يومياً لمدة 1–2 أسبوعين. اتبع التعليمات البيطرية بدقة.
هل يمكن أن يتكرر التهاب الملتحمة؟
نعم، خاصةً إذا كان السبب فيروسيّاً (FHV-1) أو في حال استمرار العوامل المُهيّجة أو عدم استكمال البرنامج العلاجي.
خاتمة
التهاب الملتحمة ليس حالة مقلقة إذا شُخّص وعُولج مبكراً، لكن تجاهله قد يعرّض قطّك لمضاعفات مؤلمة. احرص على متابعة أي تغيّر في عيني حيوانك الأليف، واستشر الطبيب البيطري فوراً عند ظهور الأعراض. العناية البيطرية المنتظمة، التطعيم، والنظافة العامّة هي مفاتيح الوقاية وحماية صحة عيون قطّك لسنوات طويلة.