نقص التورين لدى القطط: دليل شامل لفهم المشكلة وعلاجها
يُعَدّ التورين أحد الأحماض الأمينية الأساسية للحياة عند القطط، فهو يدعم صحة القلب، ووضوح الرؤية، ووظائف الجهاز المناعي والتناسلي. وبما أنّ جسم القط لا يستطيع تصنيع كميات كافية من هذا الحمض، فإنّ الحصول عليه من النظام الغذائي أمر لا غنى عنه. عند حدوث نقص في التورين، تبدأ سلسلة من المشكلات الصحية قد تكون بعضها خطيرة وغير قابلة للعكس. في هذا المقال ستتعرّف على الأسباب والأعراض، وكيفية التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى نصائح وقائية تُبقي قطّك في أفضل حال.
ما هو التورين ولماذا هو مهم للغاية؟
التورين حمض أميني يحتوي على الكبريت ويلعب دورًا محوريًّا في وظائف الخلايا. في القطط يتفوّق التورين على غيره من الأحماض الأمينية بكونه:
- مكوّنًا رئيسيًا في نسيج شبكية العين، ما يحافظ على قوة البصر.
- عنصرًا ضروريًا لاستقرار أغشية خلايا عضلة القلب، فيحافظ على ضربات القلب طبيعية.
- عاملًا مساعدًا لإنتاج العصارة الصفراوية وبالتالي هضم الدهون بكفاءة.
- مُحفِّزًا لوظائف الجهاز المناعي والتناسلي.
يحتاج القط متوسط الحجم إلى نحو 75–100 ملغ من التورين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا، وهو رقم يتغيّر تبعًا للحالة الصحية والعمر.
كيف يحدث نقص التورين؟
أسباب غذائية مباشرة
المسبب الأول هو نظام غذائي غير متوازن يفتقر إلى اللحوم الطازجة أو الأطعمة التجارية المعتمدة على البروتين الحيواني. أبرز الأمثلة:
- إطعام القط طعام الكلاب لفترات طويلة.
- الاعتماد على وجبات منزلية غير مدروسة أو نباتية بالكامل.
- استخدام أطعمة قديمة أو مخزَّنة في ظروف سيئة، إذ تتكسّر مستويات التورين مع الوقت والحرارة.
عوامل إضافية تزيد من خطر النقص
- الإصابة بأمراض معوية تعوق امتصاص العناصر الغذائية.
- الحمل والإرضاع؛ لأن احتياجات التورين ترتفع بشكل ملحوظ.
- السمنة أو فرط النشاط؛ فزيادة التمثيل الغذائي تعني حاجة أكبر للتورين.
الأعراض والعلامات التحذيرية
يَظهر نقص التورين تدريجيًا على مدى أسابيع أو أشهر، لذلك قد تمر الأعراض المبكرة دون ملاحظة. تشمل العلامات الأكثر شيوعًا:
- تنكُّس الشبكية التدريجي (PRD): يبدأ بفقدان الرؤية الليلية ثم يتطور إلى العمى الكامل.
- اعتلال عضلة القلب التوسعي (DCM): توسّع حجرات القلب وضعف ضخ الدم، ما يُسبب خمولًا، وسرعة تنفس، وكحة، وتجمع سوائل في البطن أو الصدر.
- تأخُّر النمو وفقدان الوزن، خاصةً في القطط الصغيرة.
- ضعف الجهاز المناعي وكثرة الالتهابات.
- مشكلات إنجابية مثل الولادة المبكرة أو موت الأجنة.
إذا لاحظت أيًّا من هذه الأعراض، فالتشخيص المبكر يُحدث فارقًا ضخمًا في فرص التعافي.
كيف يُشخَّص نقص التورين؟
يعتمد الطبيب البيطري على مزيج من التاريخ الغذائي والفحوص السريرية والتحاليل المخبرية. تشمل خطوات التشخيص:
- جمع معلومات تفصيلية عن طعام القط وروتينه اليومي.
- فحص جسدي يشمل الاستماع إلى القلب وتقييم العيون.
- قياس مستوى التورين في الدم (Plasma Taurine Concentration).
- تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Echocardiography) لتقييم سمك الجدار وحجم البطينين.
- فحص قاع العين باستخدام منظار خاص لرصد تدهور الشبكية.
خطة العلاج وإدارة الحالة
1. المكملات الغذائية
يُنصح بإعطاء مكمل تورين بجرعة تتراوح بين 250–500 ملغ مرتين يوميًا بحسب وزن القط وشدة النقص. تُظهِر مستويات الدم تحسنًا في غضون أسبوعين عادةً، لكن يجب الاستمرار بالعلاج لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
2. تغيير النظام الغذائي
اختَر طعامًا تجاريًا كامل التوازن ومُعتمدًا من منظمة AAFCO، مع محتوى بروتين حيواني لا يقل عن 30%. تجنَّب الأطعمة النباتية أو النظام القائم على الأسماك فقط، لأن بعض عمليات التعليب تقلل التورين.
3. علاج المضاعفات القلبية
إن كان القط مصابًا باعتلال عضلة القلب، قد يصف الطبيب:
- مدرات البول لتقليل تجمع السوائل.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) لتحسين كفاءة القلب.
- عاملات إيجابية التقلص مثل البيموبندان عند الحاجة.
يتطلب ذلك متابعة شهرية وتعديلاً في الجرعات بحسب الاستجابة.
4. الرعاية المنزلية والمتابعة
- قدّم الطعام في أوقات منتظمة وتخلص من البقايا بعد 30 دقيقة للحفاظ على التورين.
- راقب تنفس القط وعدد ضربات قلبه وسجّل التغيّرات.
- أعدّ زيارة متابعة كل 6–8 أسابيع لقياس مستوى التورين وإعادة تقييم القلب والعينين.
التعافي والتوقعات المستقبلية
يكون التعافي البصري محدودًا لأن تلف الشبكية لا يمكن عكسه. أمّا وظيفة القلب فقد تتحسن بشكل كبير خلال 4–6 أشهر إذا بدأ العلاج مبكرًا. متابعة مدى الحياة ضرورية، لأن بعض القطط تحتاج إلى مكملات تورين بشكل دائم.
الوقاية: كيف تحافظ على مستويات التورين المثالية؟
الوقاية أسهل وأقل تكلفة من العلاج. نصائح الخبراء:
- التزم بطعام قطط تجاري عالي الجودة ومدعَّم بالتورين.
- تجنب وصفات الطعام النيئة أو النباتية ما لم يضعها اختصاصي تغذية بيطرية.
- احفظ الطعام الجاف في حاوية مُحكمة بعيدًا عن الحرارة والرطوبة.
- قدّم لحمًا طازجًا خاليًا من العظم كمكافأة، فهو غني طبيعيًا بالتورين.
- راجع الملصق الغذائي بحثًا عن كلمة “Taurine” وتحقق من اتفاق التغذية مع معايير AAFCO.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يحصل القط على التورين من المصادر النباتية؟
لا، فالتورين يوجد بكميات ذات أهمية بيولوجية فقط في الأنسجة الحيوانية، ويصعب تعويضه من النباتات.
ما المدة اللازمة لظهور أعراض نقص التورين؟
غالبًا ما تظهر الأعراض في غضون 5–6 أشهر، لكن قد تمتد الفترة إلى سنة تبعًا لمستوى النقص.
هل مكملات التورين آمنة للاستخدام الطويل؟
نعم، فالتورين حمض أميني قابل للذوبان في الماء، ويتخلص الجسم من الفائض عن طريق البول.
هل يجب إيقاف الأدوية القلبية بعد تحسن الحالة؟
يُحدد ذلك الطبيب البيطري بناءً على الفحوصات. في بعض الحالات يستمر العلاج القلبي مدى الحياة.
تذكّر أنّ الوقاية تبدأ من طبق الطعام. بإضافة حصص بروتينية كافية ومتابعة بيطرية دورية، يمكن لقطّك أن يستمتع بحياة مليئة بالنشاط والرؤية الواضحة والقلب النابض بالصحة.
المراجع
- يوسف السعيد. “كيف تعرف إذا كان قطك ينقصه التورين؟..” , 2023-05-20. www.dailymail.co.uk
- فهيمة بوعبيد. “الإدارة السليمة لصحة القطط..” , 2022-09-15. www.purdypets.com