كيف تتحدّث القطط مع بعضها؟ دليل شامل لفهم لغة القطط
القطط ليست مخلوقات هادئة كما يظن البعض؛ فهي تتبادل رسائل معقّدة بصمت أحياناً وبصوتٍ مسموع أحياناً أخرى. تستعملُ مزيجاً من الأصوات وحركات الجسد والروائح لتوضيح نواياها، فرض حدودها، أو تقوية روابطها الاجتماعية. في السطور التالية ستجد كل ما تحتاجه لفهم ما يدور «وراء الكواليس» عندما تتواصل القطط مع أقرانها.
سواءً كنت تربي قطة واحدة أو تدير منزلاً يعجّ بعدة قطط، فإن إتقان قراءة هذه اللغة سيساعدك على منع الشجارات، وتعزيز الشعور بالأمان، وحتى زيادة مستوى الثقة بينك وبين صديقك المكسو بالفراء.
أولاً: أساسيات تواصل القطط
مثلما يجمع البشر بين الكلمات والتعبيرات الوجهية واللغة الجسدية، تجمع القطط بين ثلاثة محاور رئيسية:
- الأصوات: مواء، خرخرة، هدير، وغيرها.
- لغة الجسد: الذيل، الأذنان، العينان، وضعية الجسم والشوارب.
- الروائح والهرمونات: عبر البول، والغدد العطرية في الخدين، والفراء.
عند تحليل أي موقف قططي، حاول النظر إلى جميع المحاور في وقتٍ واحد للحصول على الترجمة الأدق.
التواصل الصوتي لدى القطط
تستطيع القطة إصدار أكثر من 15 نوعاً مختلفاً من الأصوات. بعضها موجّه للبشر حصرياً، فيما يُستخدم البعض الآخر داخل المجتمع القططي. فيما يلي أهمها:
المواء
يشيع المواء عند التواصل مع البشر، لكن القطط قد تموء أيضاً لبعضها البعض لجذب الانتباه السريع، خاصةً عندما تكون المسافة كبيرة ولا يمكن لعلامات الجسد أن تُشاهد بوضوح.
التريلات والتغريدات (Trills & Chirps)
عبارة عن أصوات قصيرة أشبه بلفظ رِرِر
. غالباً ما تُصدرها الأم لطلب متابعة الصغار لها، أو القطط البالغة عند تحية بعضها البعض بطريقة ودودة.
الخرخرة
صوت عميق مستمر يدل عادةً على الاسترخاء، لكنه قد يظهر أيضاً لتهدئة الذات في حالات التوتر أو الألم.
الهِسِّه والهدير
استجابة دفاعية أو تحذير واضح: اقترب أكثر وسأهاجم!
الصراخ واليَوْل
أصوات مرتفعة وطويلة تظهر أثناء الشجارات أو موسم التزاوج. تدل على مستوى عالٍ من الإثارة أو الألم.
لغة الجسد: الرسائل الصامتة
يمكنك غالباً معرفة ما إذا كانت قطة ما سعيدة أو خائفة بمجرد النظر إلى ذيلها، أو مراقبة موضع أذنيها. إليك تفصيلاً لأهم عناصر الجسد ودلالاتها:
الذيل
- مرفوع ومنتصب: ثقة وترحيب.
- ملتفّ حول قطة أخرى: علاقة ودية تشبه مصافحة بشرية.
- منفوخ وأفقى: خوف واستعداد للدفاع.
- يهتز خفيفاً: إثارة إيجابية، غالباً عند رؤية صاحبها.
الأذنان
- موجهتان للأمام: فضول واهتمام.
- مسطحتان للخلف: غضب أو خوف.
- تتحركان باستمرار: جمع معلومات صوتية عن البيئة.
العينان والحدقتان
- غلق وفتح العينين ببطء: علامة ثقة ومودة تُعرف بقبلة القطة.
- اتساع حدقة العين: توتر أو استعداد للهجوم.
- تحديق مباشر: قد يُفسَّر كتهديد بين القطط.
الشوارب
عندما تتجه الشوارب للأمام فهذا يعني أن القطة منخرطة في الحدث (صيد، لعب)، أما حين تُسحب للخلف فذلك مؤشر على خوف أو قلق.
وضعية الجسم
- ظهر مقوس وفراء منفوش: دفاع وتحذير.
- استلقاء على الظهر وكشف البطن: ثقة، لكنها ليست دائماً دعوة للمداعبة.
- الانخفاض للأرض والأذنان للخلف: محاولة لتقليل الظهور والتخفّي.
التواصل عبر الروائح والفيرومونات
تملك القطط غدداً للرائحة في الخدين والذيل وبين أصابع القدم وحتى على جبهتها. تفرز هذه الغدد الفيرومونات—وهي رسائل كيميائية غير مرئية يمكن للقطط الأخرى شمّها وتحليلها.
العلامة بالبول والبراز
رشّ البول على الجدران أو الأثاث هو وسيلة شائعة لتمييز الإقليم أو الإعلان عن الاستعداد الجنسي. يُفرَز البراز أحياناً في أماكن مكشوفة لنفس السبب.
حكّ الخدين (Bunting)
عندما تفرك القطة خدها بك أو بقطّة أخرى فهي «تُوقِّع» عليك كصديق وتنشر رائحة مريحة لكل من يشمّها لاحقاً.
التشميس والتمشيط المتبادل
لعق قطتين لبعضهما يشبه التقبيل عند البشر؛ يُعزّز الروابط ويُوحّد روائح المجموعة حتى تبدو كياناً واحداً.
كيف تتواصل القطط الصغيرة مع الأم؟
يولد القط الصغير أعمى وأصم تقريباً، لذا يعتمد في البداية على الحرارة والروائح لتحديد مكان أمه. بعد أسبوعين، يبدأ السمع وتتطور الأصوات:
- صوت زقزقة خافت: طلب الطعام أو الدفء.
- خرخرة عالية: يحدثها الجرو أثناء الرضاعة ليخبر أمه أنه بخير.
- صرخات حادة: نداء استغاثة إذا ابتعد عن العش.
أما الأم فتستخدم تريلات قصيرة لتوجيه الصغار وتعليمهم تتبعها.
هل تتحدث القطط معنا بنفس الطريقة؟
الجواب المختصر هو: لا. فقد طوّرت القطط المنزلية مواءً بترددات يُفضِّلها الإنسان. حين تنطق
مع قطة أخرى تعتمد غالباً على لغة الجسد والروائح، لكنها حين تتعامل معنا تعلّمَت أن الأصوات أكثر فاعلية لجذب انتباهنا.
تموء القطط للإنسان بمعدل يفوق موائها للقطط الأخرى بخمس مرات، حسب إحدى الدراسات السلوكية.
نصائح لإدارة منزل متعدد القطط
- وفّر مصادر متعددة للطعام والماء وصناديق الفضلات لضمان عدم شعور أي قطة بالتهديد.
- استخدم موزعات فيرومونات تركيبية لخلق بيئة مريحة تقلل من التوتر.
- أعطِ القطط مساحات رأسية مثل رفوف أو شجرة قطط ليتمكن كل فرد من الحصول على ملاذ خاص.
- راقب لغة الجسد؛ تدخّل عند ظهور علامات الخوف أو العدائية قبل أن تتصاعد.
- قم بعمليات التعارف تدريجية ومُراقَبة عندما تُضيف قطة جديدة إلى العائلة.
الخلاصة
عالم القطط غنيّ بالتفاصيل؛ من طقطقة صغيرة تصدرها تهدف بها إلى جذب صديق، إلى ذيل منتفش يرفع راية التحذير. عندما تتعلّم ترجمة هذه الإشارات ستتمكن من اكتشاف احتياجات قططك، منع السلوكيات غير المرغوب فيها، وتعزيز علاقة مليئة بالثقة والدفء.
المرة القادمة التي تسمع فيها مواءً غامضاً أو ترى ذيلاً يهتز، توقّف لحظةً وحاول فهم الرسالة—ربما تخبرك قطتك بشيء أهم مما تتوقع!