كل ما تحتاج معرفته عن خرف القطط (متلازمة الخلل الإدراكي)
مع تقدّم عمر قطّك، قد تبدأ بملاحظة بعض التغييرات في سلوكه أو روتينه اليومي؛ فقد يموء أكثر ليلًا، أو ينسى مكان وعائه المفضّل، أو يبدو تائهًا في أرجاء المنزل. تُسمّى هذه الحالة بخرف القطط أو متلازمة الخلل الإدراكي (Cognitive Dysfunction Syndrome)، وهي اضطراب عصبي يشبه مرض ألزهايمر عند البشر ويصيب عادةً القطط التي تجاوزت عشر سنوات من العمر.

ما هو خرف القطط؟
يُعرَّف خرف القطط بأنّه تراجع تدريجي في وظائف الدماغ والذاكرة والإدراك، ينتج غالبًا عن تغيّرات هيكلية وكيميائية في نسيج الدماغ مع تقدّم العمر. لا يُعدّ هذا التقدّم طبيعيًا بالكامل؛ إذ يؤثر بشكل ملحوظ في نوعية حياة القط وفي تفاعله مع البيئة المحيطة.
انتشار الخرف في القطط المسنّة
تشير الدراسات البيطرية إلى أنّ نحو 50٪ من القطط فوق سن الخامسة عشرة تُظهر عرَضًا واحدًا على الأقل من أعراض الخرف، بينما تزداد النسبة إلى 80٪ تقريبًا عند القطط الأكبر من 18 عامًا. وبسبب تقدّم الرعاية البيطرية، يعيش القط المنزلي فترة أطول من أي وقت مضى، ما يجعل خرف القطط مشكلة متزايدة الحدوث.
أعراض خرف القطط
قد يكون من الصعب التمييز بين علامات الشيخوخة الطبيعية والخرف؛ لذلك يُنصح بتتبّع التغيّرات السلوكية مبكّرًا. فيما يلي أهم الأعراض المرتبطة بمتلازمة الخلل الإدراكي:
- الارتباك وفقدان الاتجاهات: التجوّل بلا هدف، التحديق في الجدران، أو الضياع في غرف مألوفة.
- اضطرابات النوم: النوم طويلًا نهارًا والاستيقاظ ليلًا مع مواء متواصل.
- تغيّر عادات صندوق الفضلات: التبوّل أو التبرّز خارج الصندوق على الرغم من نظافته.
- انخفاض التفاعل الاجتماعي: الانعزال أو، على النقيض، التعلُّق المفرط بالمربي.
- انخفاض مستوى النشاط: قلّة اللعب أو القفز، وتراجع عادة العناية بالفراء.
- فقدان الشهية أو زيادتها: نتيجة تغيّر الإدراك أو حاسة الشم.

أسباب الخرف عند القطط
لا يزال السبب الدقيق غير مفهوم كليًا، ولكن الأبحاث تُشير إلى مجموعة من العوامل:
- التقدّم في العمر: تسبّب الشيخوخة تراكم لويحات الأميلويد وانخفاض الناقلات العصبية.
- الإجهاد التأكسدي: يؤدي تلف الخلايا العصبية بفعل الجذور الحرّة إلى تراجع وظائف الدماغ.
- أمراض مصاحبة: فرط نشاط الغدة الدرقية، وارتفاع ضغط الدم، والسكري قد تفاقم الأعراض.
- عوامل وراثية: يُعتقد أن بعض السلالات قد تكون أكثر عرضة نظرًا لتركيبتها الجينية.
عوامل الخطر
تشمل زيادة الوزن، وقلّة النشاط الجسدي والذهني، والنظام الغذائي الفقير بمضادات الأكسدة والأحماض الدهنية.
كيفية تشخيص الخرف
لأن أعراض الخرف تتشابه مع أمراض أخرى، يعتمد الطبيب البيطري على خطوات عدة للتشخيص:
- أخذ تاريخ مرضي تفصيلي يشمل الجدول اليومي للقط.
- فحص بدني كامل مع قياس ضغط الدم.
- تحاليل مخبرية (صورة دم كاملة، كيمياء دم، تحليل بول) لاستبعاد مشكلات الغدة الدرقية والكلى.
- تصوير مقطعي محوسب (CT) أو رنين مغناطيسي (MRI) للكشف عن أورام أو جلطة محتملة.

خطة العلاج وإبطاء تقدّم المرض
رغم عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن، يمكن لخطة متكاملة أن تُحسّن جودة حياة القط وتبطئ التدهور:
الأدوية والمكمّلات
- SAMe: مضاد أكسدة يُحسّن وظائف الكبد والدماغ ويُباع كمكمّل غذائي.
- الأحماض الدهنية أوميغا-3 (DHA وEPA): تدعم صحّة الخلايا العصبية.
- مضادات الأكسدة (الفيتامين E وC): تقلّل الضرر التأكسدي.
- الأدوية المضادّة للقلق أو مساعدات النوم: مثل الميلاتونين تحت إشراف الطبيب.
تعديل النظام الغذائي
اختر أطعمة مخصّصة للقطط المسنّة غنيّة بالفيتامينات ومضادات الأكسدة والبروتينات سهلة الهضم. استشر الطبيب البيطري قبل تغيير النظام الغذائي لتجنّب الضغط على الكلى أو الكبد.
العلاج السلوكي وتحفيز الدماغ
التحفيز الذهني عامل أساسي في الحفاظ على الوظائف الإدراكية. درّب قطّك على ألعاب ذكاء بسيطة، وقدّم له صناديق كرتونية وألعاب تفاعلية لتشجيعه على الاستكشاف.

تجهيز المنزل لراحة القط المسنّ
يهدف تعديل البيئة إلى تقليل القلق وتسهيل التنقل:
- استخدام صناديق فضلات منخفضة الجوانب لتسهيل الدخول والخروج.
- وضع منحدرات أو درجات صغيرة للوصول إلى النوافذ أو الأسرة المرتفعة.
- تثبيت أضواء ليلية ناعمة للمساعدة على الرؤية بعد غروب الشمس.
- الإبقاء على الأثاث في أماكنه المعتادة حتى لا يضيع القط.

المتابعة مع الطبيب البيطري
حدّد زيارات منتظمة كل 6 أشهر على الأقل لإجراء فحوصات دم وضغط دم والتحقّق من استجابة القط لخطة العلاج. أبلغ الطبيب بأي أعراض جديدة مثل فقدان الوزن المفاجئ أو تغيّر الشهية.
التوقّعات المستقبلية وجودة الحياة
متلازمة الخلل الإدراكي حالة تقدّمية؛ إلا أنّ اكتشافها مبكّرًا وتطبيق إجراءات الإدارة الصحيحة يمكن أن يوفّر لقطّك سنوات إضافية من الراحة والسعادة. يتفاوت معدّل تقدّم المرض بين القطط لكن التحسين الملحوظ في نوعية الحياة ممكن عندما يعمل المربّي والطبيب البيطري بتناغم.
كيف يمكن الوقاية أو تأخير ظهور الخرف؟
- تقديم ألعاب فكّ الألغاز والأنشطة التفاعلية بانتظام.
- الحفاظ على وزن صحي عبر التغذية المتوازنة واللعب اليومي.
- إجراء فحص دوري للأسنان؛ فالألم المزمن يؤثر في السلوك والإدراك.
- تطعيم القطط وعلاجها من الطفيليات لحماية جهازها المناعي.
- زيارات سنوية (أو نصف سنوية للقطط فوق 10 سنوات) للطبيب البيطري لاكتشاف أي مرض في مراحله المبكّرة.
التدخّل المبكّر والتحفيز الذهني المستمر هما أفضل سلاحَين لمساعدة القطط المسنّة على الحفاظ على حيويّتها.
الخلاصة
لا يعني تشخيص خرف القطط نهاية الجودة الحياتية. بخطة رعاية شاملة تشمل النظام الغذائي الصحيح، والمكمّلات، والتحفيز الذهني، والتعديلات البيئية، يمكنك مساعدة قطّك على التكيّف مع التغيّرات العمرية ومواصلة الاستمتاع برفقة الأسرة. لا تتردّد في طلب دعم الطبيب البيطري عند ملاحظة أوّل علامة اضطراب، فالتشخيص المبكّر يمنح قطّك أفضل فرصة لعيش حياة مريحة وسعيدة.
المراجع
- مركز صحة الحيوانات الأليفة. “كيف تعتني بقطتك الكبرى..” , 2021-06-05. www.pethealthnetwork.com
- د. كاترين ماكنالي. “أهمية التحفيز الذهني للقطط المسنّة..” , 2020-10-12. www.fourpaws.com