كل ما تحتاج معرفته عن الترنح (عدم الاتزان) عند القطط
يُعد الترنح أو عدم الاتزان من المشكلات العصبية التي تثير قلق المربّين عندما يلاحظون أن قطتهم تسير بخطوات متمايلة أو تفقد توازنها فجأة. قد يظهر الترنح بشكل مفاجئ أو تدريجي، وتتراوح أسبابه بين مشكلات بسيطة يسهل علاجها وأخرى خطيرة تتطلب تدخلاً بيطرياً عاجلاً. في هذا الدليل الشامل نستعرض الأنواع المختلفة للترنح، أسبابه المحتملة، طرق التشخيص، إضافة إلى أفضل أساليب العلاج والرعاية المنزلية.
ما هو الترنح؟
الترنح هو فقدان التناسق الحركي الذي يؤدي إلى اختلال التوازن أثناء المشي أو القفز. ينبع هذا الاضطراب من خلل في الجهاز العصبي المركزي أو المحيطي، وينقسم عادةً إلى ثلاثة أنواع رئيسية بحسب الجزء المتأثر من الجهاز العصبي.
أنواع الترنح الرئيسية
- الترنح الدهليزي (Vestibular Ataxia): ينتج عن اضطراب في الأذن الداخلية أو العصب الدهليزي المسؤول عن حفظ التوازن.
- الترنح المخيخي (Cerebellar Ataxia): يحدث بسبب خلل في المخيخ، وهو الجزء المسؤول عن تنسيق الحركة.
- الترنح الحسي أو النخاعي (Proprioceptive/Sensory Ataxia): ينجم عن تلف في الأعصاب الحسية أو الحبل الشوكي، ما يضعف قدرة الدماغ على تحديد موضع الأطراف في الفضاء.
الأعراض الشائعة لكل نوع
أولاً: أعراض الترنح الدهليزي
- ميل الرأس إلى جانب واحد
- حركات عين لا إرادية (رأرأة)
- الدوران أو السقوط نحو الجانب المصاب
- غثيان أو قيء بسبب الدوار
ثانياً: أعراض الترنح المخيخي
- خطوات متباعدة واتساع قاعدة الوقوف
- رجفان الرأس أو الأطراف عند الحركة
- صعوبة في تقدير المسافات أثناء القفز
- فرط ردود الأفعال (Hypermetria)
ثالثاً: أعراض الترنح الحسي (النخاعي)
- تعثر متكرر وجرّ للأقدام
- تباطؤ في ردّ الفعل عند ثني المفاصل
- فقدان الإحساس بالخطوات أثناء المشي
- ضعف أو شلل جزئي في الأطراف الخلفية
الأسباب المحتملة
1. أسباب الترنح الدهليزي
- التهابات الأذن الداخلية أو الوسطى (بكتيرية أو فطرية)
- الأورام أو السلائل في قناة الأذن
- التسمم بالأدوية أو المواد الكيميائية (مثل الميتوكلابراميد)
- نقص فيتامين ب1 (الثيامين)
- إصابات الرأس أو الأذن بسبب الصدمات
2. أسباب الترنح المخيخي
- نقص نمو المخيخ الخِلقي (Cerebellar Hypoplasia) — غالباً نتيجة إصابة الأم بفيروس بانليوكوبينيا أثناء الحمل
- التهاب الدماغ أو السحايا الفيروسي والبكتيري
- التسمم بالمعادن الثقيلة أو المبيدات
- الأورام الدماغية
3. أسباب الترنح الحسي
- أمراض أو إصابات الحبل الشوكي (كسور، انزلاق غضروفي)
- التهابات أو خُراجات الفقرات
- الورم العصبي أو الأورام الفقرية
- أمراض مناعية أو التهابية (FIP – التهاب الصفاق المعدي السنوري)
كيف يتم التشخيص؟
يبدأ الطبيب البيطري بالحصول على تاريخ مرضي مفصل يضم مواعيد ظهور الأعراض وأي حوادث سابقة أو أدويةٍ تم تناولها. بعد ذلك يُجرى فحص سريري وعصبي شامل لتحديد نوع الترنح، مع اختبارات توازن بسيطة مثل تدوير القطة أو رفع أحد أطرافها برفق.
اعتماداً على نتائج الفحص الأولي، قد يُوصي الطبيب بإجراء:
- تحاليل دم شاملة وكيمياء الدم
- تحليل البول لاستبعاد أمراض الكلى والكبد
- صور أشعة سينية للرأس والعمود الفقري
- تصوير مقطعي محوسب (CT) أو رنين مغناطيسي (MRI) للدماغ والأذن الداخلية
- فحص سائل النخاع الشوكي (CSF)
- تنظير أو فحص الأذن بالأوتوسكوب
خيارات العلاج والرعاية الداعمة
يركز العلاج على معالجة السبب الجذري وتخفيف الأعراض المصاحبة:
- مضادات حيوية أو مضادات فطرية: لعلاج التهابات الأذن أو الجهاز العصبي.
- أدوية مضادة للغثيان والدوار: مثل الميتوكلوبراميد أو الماروبيتانت.
- مضادات التهاب أو كورتيكوستيرويد: للحد من التورّم والضغط العصبي.
- جراحة: لاستئصال الأورام أو السلائل أو لتثبيت كسور الحبل الشوكي.
- فيتامينات ومكملات غذائية: خاصة الثيامين في حالات النقص الغذائي.
- العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل: لتحسين القوة العضلية والتوازن على المدى الطويل.
في الحالات الشديدة قد تُنقل القطة إلى وحدة العناية المركزة البيطرية لتلقي سوائل وريدية ودعم غذائي حتى تستعيد توازنها.
نصائح للعناية المنزلية
كلما وفرتَ بيئة آمنة ومستقرة لقطتك، زادت فرص عودتها إلى حياة طبيعية.
- أبقِ قطتك في غرفة واحدة هادئة خلال فترة التعافي لتجنّب الإصابات.
- استخدم أسطحاً غير زلقة مثل السجاد أو الفوم لتسهيل الحركة.
- ارفع أوعية الطعام والماء لتصبح في مستوى مناسب ولا تضطر القطة للانحناء.
- وفّر منحدرات أو سُلّماً صغيراً للوصول إلى الأماكن المرتفعة.
- أغلق النوافذ والشرفات لمنع السقوط.
فترة التعافي والتوقعات المستقبلية
يعتمد مآل الترنح على السبب وشدته وسرعة البدء في العلاج. غالبية التهابات الأذن الداخلية تستجيب جيداً للأدوية خلال أسابيع قليلة. أما نقص نمو المخيخ فإنه غير قابل للشفاء لكنه غير تقدمي، ما يسمح للقطط بالتأقلم مع إعاقتها والعيش حياة سعيدة لمدة طويلة. في المقابل، قد تكون الأورام أو الإصابات النخاعية الحادة أقل تفاؤلاً وتحتاج إلى تدخلات جراحية مكلفة.
الوقاية: كيف تحمي قطتك؟
- احرص على التطعيمات الدورية للوقاية من فيروس بانليوكوبينيا وغيره من الأمراض العصبية.
- عالج التهابات الأذن مبكراً ولا تهمل تنظيفها بعد الاستحمام.
- وفّر تغذية متوازنة غنية بفيتامينات ب، خصوصاً الثيامين.
- أبقِ قطتك داخل المنزل للحد من الحوادث والإصابات.
- استشر الطبيب فوراً عند ملاحظة أي تغير في طريقة المشي أو اتساع حدقة العين.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري بشكل طارئ؟
إذا لاحظت أياً من الأعراض التالية، توجّه إلى العيادة البيطرية فوراً:
- فقدان توازن مفاجئ مصحوب بتقيؤ أو ارتعاش شديد
- شلل أو ضعف مفاجئ في الأطراف الخلفية
- نوبات تشنج أو فقدان الوعي
- حركات عين لا إرادية سريعة ومتواصلة
- تدهور سريع في السمع أو ظهور إفرازات أذنية كريهة الرائحة
ختاماً، يمثل الترنح علامة تحذيرية لا يجب تجاهلها. التشخيص المبكر والعلاج الصحيح هما مفتاح تحسين جودة حياة قطتك ومنحها الفرصة لاستعادة توازنها بالكامل أو التأقلم مع حالتها بأفضل شكل ممكن.
المراجع
- د. ساره جادين. “فهم الترنح عند القطط: الأعراض والتشخيص والعلاج…” , 2020-10-10. www.veterinarypartner.com
- د. مريم الشمري. “نصائح للرعاية البيطرية في حالة الترنح لدى القطط…” , 2023-01-12. www.petmd.com