كل ما تحتاج معرفته عن أورام الإنسولين في القطط
مقدمة
يُعد الورم الإنسوليني (Insulinoma) من الأورام النادرة لدى القطط، إلا أنه يستدعي اهتمامًا كبيرًا بسبب تأثيره المباشر في مستويات سكر الدم وما ينتج عنه من أعراض قد تهدد حياة القط. في هذا الدليل الشامل نستعرض ماهية الورم الإنسوليني، وكيفية التعرف على أعراضه، وطرق التشخيص المتاحة، بالإضافة إلى أحدث أساليب العلاج والرعاية المنزلية لضمان أفضل جودة حياة لقطك.

ما هو الورم الإنسوليني؟
الورم الإنسوليني هو ورم ينشأ من خلايا «بيتا» في البنكرياس والمسؤولة عن إفراز هرمون الإنسولين. عند إصابة هذه الخلايا بورم، تستمر في إفراز الإنسولين بكميات تفوق حاجة الجسم، ما يؤدي إلى هبوط شديد في مستوى السكر (الغلوكوز) في الدم—a حالة يُطلق عليها نقص سكر الدم.
كيف يعمل البنكرياس الطبيعي؟
يقوم البنكرياس، إضافةً إلى دوره الهضمي، بتنظيم سكر الدم من خلال هرمونين أساسيين: الإنسولين و الغلوكاغون. ففي الوضع الطبيعي:
- يرتفع الإنسولين عندما يرتفع سكر الدم بعد الوجبات، ليسمح للخلايا بامتصاص الغلوكوز واستعماله.
- يرتفع الغلوكاغون عندما ينخفض سكر الدم، لتشجيع الكبد على تحرير الغلوكوز المخزَّن.
أما في الورم الإنسوليني، فيُفرَز الإنسولين بغير انتظام، فتحدث نوبات متكررة من نقص سكر الدم حتى مع الصيام القصير أو النشاط المعتدل.
انتشار الحالة وعوامل الخطورة
يُعد الورم الإنسوليني نادرًا في القطط مقارنة بالكلاب والإنسان، ويصيب عادة القطط متوسطة إلى متقدمة العمر—بمتوسط 12 سنة—من دون تفضيل واضح لسلالة أو جنس محدد. على الرغم من ندرتها، غالبًا ما تكون أورام الإنسولين في القطط خبيثة ولها قابلية للانتشار (نقائل) إلى الكبد أو العقد الليمفاوية أو الرئتين.
الأعراض والعلامات السريرية
تنشأ الأعراض أساسًا من نقص سكر الدم، وقد تكون متقطعة أو تتفاقم مع مرور الوقت. انتبه للأعراض التالية:
- ضعف عام وخمول مفاجئ
- اهتزاز أو رعشة عضلية
- فقدان الاتزان أو ترنح أثناء المشي
- نوبات صَرَع أو تشنج
- تغيرات سلوكية: ارتباك، دوران بلا هدف، أو بُطء استجابة
- إغماء أو انهيار مفاجئ
- جوع مفرط رغم فقدان الوزن أحيانًا
قد تظهر الأعراض بعد فترات من الصيام، أو عقب نشاط بدني، أو تحت الضغط الحراري، لذا يُنصح بمراقبة القط في هذه المواقف بعناية.
طرق التشخيص
يعتمد تشخيص الورم الإنسوليني على الجمع بين التاريخ المرضي، والفحص السريري، والفحوص المخبرية والتصويرية.
الفحوص المخبرية
- تحليل سكر الدم: غالبًا ما يُظهر انخفاضًا ملحوظًا قد يقل عن 60 ملغ/ديسيلتر.
- قياس الإنسولين في الدم: يرتفع أو يبقى ضمن الطبيعي رغم انخفاض الغلوكوز، ما يُعد مؤشرًا غير طبيعي.
- اختبار نسبة الإنسولين/الغلوكوز: تُجرى للمساعدة في تأكيد التشخيص.
تقنيات التصوير
للكشف عن الورم ذاته أو النقائل:
- الموجات فوق الصوتية للبطن؛ أداة أولية وغير باضعة.
- الأشعة المقطعية (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد حجم الورم وموقعه بدقة.
- الأشعة السينية للصدر لاستبعاد الانتشار إلى الرئتين.

نصيحة بيطرية: قد لا يظهر الورم الإنسوليني الصغير في الفحص بالأشعة التقليدية، لذا تُوصى الفحوص المتقدمة مثل CT أو MRI للحصول على أعلى دقة ممكنة.
الخيارات العلاجية
التدخل الجراحي
يُعد الاستئصال الجراحي الخيار العلاجي الأول متى ما كان الورم محددًا في البنكرياس ولم ينتشر بصورة واسعة. يتم عبر عملية فتح بطن (Celiotomy) لإزالة الجزء المُصاب من البنكرياس، وقد يشمل أيضًا استئصال أي عقد ليمفاوية أو أورام ثانوية مرئية. يُعطي التدخل الجراحي أفضل نسبة بقاء على قيد الحياة ويقلل من معدل النوبات.

العلاج الطبي والداعم
عندما يكون الاستئصال غير ممكن، أو كعلاج مكمّل بعد الجراحة، تُستخدم بروتوكولات طبية لإدارة نقص سكر الدم:
- الستيرويدات القشرية (مثل بريدنيزولون): ترفع مستويات الغلوكوز عبر تحفيز الكبد على إطلاقه.
- ديازوكسيد (Diazoxide): يقلل إفراز الإنسولين ويرفع سكر الدم.
- الغلوكاغون الوريدي: لحالات الطوارئ أو بعد الجراحة مباشرة.
- الأوكتريوتايد (Octreotide): لتثبيط إفراز الإنسولين في بعض الحالات.
- وجبات صغيرة ومتكررة غنية بالبروتين والمعقدات الكربوهيدراتية لضمان استقرار مستوى الغلوكوز.
فترة النقاهة والرعاية المنزلية
بعد الجراحة أو بدء العلاج الدوائي، يُعتبر مراقبة سكر الدم في المنزل والعيادة أمرًا حاسمًا. قد يصف الطبيب البيطري جهاز قياس الغلوكوز المنزلي أو يوصي بفحوص دورية في العيادة.

نصائح للعناية بالقط في المنزل:
- قدِّم وجبات صغيرة كل 4–6 ساعات لمنع انخفاض الغلوكوز.
- تجنّب النشاط البدني المفرط خلال أول أسبوعين بعد الجراحة.
- راقب جرح العملية يوميًا بحثًا عن علامات عدوى.
- احتفظ بمحاليل غلوكوز أو شراب الذرة (Corn Syrup) لاستخدامه بسرعة في حال ظهور نوبة نقص سكر مفاجئة.
- دوِّن أي أعراض غير معتادة وأبلغ الطبيب فورًا.
التوقعات على المدى البعيد (Prognosis)
يعتمد متوسط البقاء على عوامل عدة تشمل حجم الورم، ووجود نقائل، ومدى نجاح الاستئصال. تشير تقارير الحالات إلى أن القطط التي خضعت لجراحة ناجحة قد تعيش من 1 إلى 3 سنوات إضافية، فيما قد تكون الفترة أقصر في حال الانتشار أو الاكتفاء بالعلاج الدوائي.
يجب إجراء فحوص دورية كل 3–6 أشهر تشمل:
- تحليل كيمياء الدم لقياس الغلوكوز.
- فحص بالموجات فوق الصوتية أو CT عند الاشتباه بعودة الورم.
الوقاية وتقليل المخاطر
لا توجد وسيلة أكيدة لمنع نشوء الورم الإنسوليني لغياب أسباب واضحة مرتبطة بنمط الحياة أو التغذية. إلا أن الفحص البيطري السنوي، خصوصًا للقطط فوق سن الثامنة، يلعب دورًا مهمًا في الكشف المبكر عن أي تغيرات غير طبيعية.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يتحول الورم الإنسوليني إلى مرض السكري بعد الجراحة؟
نعم، قد يحدث ارتفاع مزمن في سكر الدم لدى نسبة صغيرة من القطط نتيجة إزالة جزء كبير من البنكرياس، إلا أن معظم الحالات يمكن التحكم بها دوائيًا.
هل العلاج الدوائي كافٍ لوحده؟
يمكن أن يبقي العلاج الدوائي على استقرار سكر الدم، لكنه لا يُزيل الورم. الجراحة ما تزال العلاج الأمثل عند توفرها.
ما هي الإسعافات الأولية لنقص سكر الدم في المنزل؟
ضع كمية صغيرة من شراب الذرة أو العسل على لثة القط فورًا، ثم اتجه إلى الطبيب البيطري في أسرع وقت.
متى تزور الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت أيًا من الأعراض المذكورة، خصوصًا التشنجات أو الإغماء، فهذا طارئ يتطلب تدخلًا بيطريًا فوريًا. التشخيص والعلاج المبكران يوفّران للقط فرصة أكبر للشفاء أو على الأقل إدارة الحالة على نحو فعّال.
في النهاية، رغم ندرة أورام الإنسولين في القطط، فإن معرفتك المسبقة بالأعراض وخيارات العلاج يضمن لك اتخاذ قرارات سريعة وصائبة لصحة رفيقك المفضل.