شذوذ بيلجر-هويت في القطط: الدليل الشامل لفهم الخلل الخِلقي في خلايا الدم

سواء كنت مالكًا لقط لأول مرة أو مربيًا ذا خبرة طويلة، فإن فهم الاضطرابات الوراثية النادرة مثل شذوذ بيلجر-هويت (Pelger-Huët Anomaly – PHA) يُعد خطوة جوهرية للحفاظ على صحة القطط وجودة حياتها. هذه الحالة تلامس علم الدم الوراثي مباشرة، وتؤثر في شكل نواة كريات الدم البيضاء (العدلات تحديدًا) من دون أن تُظهر غالبًا أعراضًا سريرية واضحة. ومع ذلك، قد تكون لها عواقب خطيرة عندما يحمل القط نسختين من الجين المسؤول عنها، أو عند ظهور الشكل المكتسب المرتبط بأمراض أُخرى.
ما هو شذوذ بيلجر-هويت؟
يصف شذوذ بيلجر-هويت خللًا في تقسيم نواة العدلات، حيث تظل النواة على شكل فص واحد أو فصين فقط بدلًا من الأجزاء المتعددة المعتادة. تعود التسمية إلى العالِمَيْن اللذين وصفا الحالة أول مرة في البشر. في القطط، يُعد الخلل نادر الحدوث، لكنه موثَّق في عدد من السلالات والقطط المنزلية على حد سواء.
الآلية الوراثية وراء الخلل
ترتبط الحالة عمومًا بطفرة في الجين LBR (Lamin B Receptor) المسؤول عن بنية الغشاء النووي. تُورَّث الطفرة على الأرجح بنمط وراثة سائد غير تام؛ أي يكفي وجود نسخة واحدة لإحداث التغيّر المورفولوجي في خلايا الدم (القط غير مُعرَّض لعواقب صحية خطيرة)، في حين يحمل وجود نسختين خطر تشوُّهات هيكلية وغالبًا ما يؤدي إلى نفوق الأجنة أو المواليد خلال فترة قصيرة.
معظم القطط الحاملة لنسخة واحدة من الجين تبدو بصحة ممتازة، ويُكتشف الخلل بالصدفة أثناء تحليل مسحة الدم.

الأعراض والمظاهر الإكلينيكية
قد يخلو القط heterozygote (حامل نسخة واحدة من الجين) من الأعراض تمامًا، لذلك يُعرَف الشكل الوراثي باسم “PHA الحميد”. أمّا القطط homozygote (نسختان من الجين)، أو القطط التي تُعاني الشكل المُكتسَب (Pseudo-PHA)، فقد تُظهر واحدًا أو أكثر من التالي:
- توقّف نمو أو قِزامة ملحوظة منذ الولادة.
- تشوُّهات عظمية مثل تقوّس العمود الفقري (الحدَب) أو انثناء الأطراف الأمامية.
- ضعف أو ارتعاش عام وصعوبة في الحركة.
- انخفاض معدل البقاء على قيد الحياة لدى الأجنّة أو حديثي الولادة.
- في الشكل المُكتسَب: حمى غير مبرَّرة، خمول، تضخم عقد لمفاوية، أو علامات الإصابة بالسرطان أو الالتهاب.

الأسباب وعوامل الخطر
الأشكال الوراثية (الخِلْقية)
تنتج عن طفرة جينية واحدة موروثة من أحد الأبوين أو كليهما. قد لا تظهر أي أعراض على الأبوين الحاملين للطفرة، لكنّهما ينقلان الجين إلى نسلهما. يشكّل تزويج القطط الحاملة للنسخة الطافرة أخطر عوامل الخطر، إذ يرفع احتمال ولادة صغار homozygote وما يرافقه من تشوهات قاتلة.
الأشكال المُكتسَبة (الزائفة)
يُطلَق عليها “Pseudo-Pelger Huët”، وتحدث عندما تؤثر أمراض أو أدوية معينة في تقسيم نواة العدلات، منها:
- أمراض نخاع العظم مثل اللوكيميا (ابيضاض الدم) أو خلل التنسُّج النقوي.
- الالتهابات الشديدة أو المزمنة.
- تناول أدوية قوية (الكورتيكوستيرويدات، مثبطات المناعة، بعض المضادات الحيوية).

كيفية التشخيص
لا يتطلّب التشخيص إجراءات معقدة دائمًا، لكن الدقّة ضرورية للتمييز بين الشكل الوراثي الحميد والشكل الزائف الذي قد ينبئ بمرض خطير.
- صورة دم كاملة (CBC): لتقدير عدد العدلات وخلايا الدم الأُخرى.
- مسحة دم محيطية يقرؤها اختصاصي: تظهر فيها العدلات ناقصة التقطيع بوضوح.
- فحص نخاع العظم: يُجرى عند الاشتباه بوجود ورم سرطاني أو خلل تنسُّج نخاعي.
- صور أشعة سينية (X-ray): للكشف عن أي تشوُّهات هيكلية، خاصة لدى الصغار.
- اختبارات جينية اختيارية: لتأكيد وجود طفرة LBR وتقييم خطورة التزاوج.

خيارات العلاج والرعاية
يختلف النهج العلاجي تبعًا لنوع شذوذ بيلجر-هويت:
هل يحتاج القط السليم إلى علاج؟
القطط ذات الشكل الوراثي الحميد لا تحتاج إلى علاج محدَّد، ما دامت الفحوص الأخرى طبيعية ولا توجد أعراض سريرية.
التعامل مع الحالات الحادة
- في حالة الشكل المُكتسَب، يجب علاج المرض المُسبِّب (سرطان، عدوى، إلخ).
- استخدام مسكّنات وأدوية داعمة للقطط ذات التشوُّهات الهيكلية لتقليل الألم وتحسين الحركة.
- المراقبة الدورية لصورة الدم للتأكد من زوال التغيُّرات عند علاج السبب الأساسي.

التعايش والمتابعة على المدى الطويل
بالنسبة للقطط السليمة ظاهريًا، ينحصر دور المالك في إجراء فحوص دورية (CBC ومسحة دم) سنويًا أو حسب توصية الطبيب البيطري. أمّا القطط ذات التشوّهات الهيكلية فتحتاج إلى متابعة أكثر كثافة لضبط الألم ومراقبة الوظائف الحيوية. يُنصَح بتجهيز المنزل بممرات سهلة وتعليق أرفف منخفضة لتجنّب القفزات الخطيرة.
الوقاية ومسؤولية المربي
تتحمل مزارع التكاثر والمربّون الهواة مسؤولية أخلاقية في تجنّب تهجين القطط الحاملة، أو على الأقل، إخضاعها لفحص جيني قبل اتخاذ قرار التزاوج. يقلّل هذا السلوك من انتشار الطفرة ويمنع ولادة صغار مريضة أو مشوهة.
فحص واحد قبل التزاوج يُجنِّب أجيالًا كاملةً من القطط معاناةً لا داعي لها.
أسئلة شائعة
هل يمكن منع شذوذ بيلجر-هويت تمامًا؟
الوقاية الكاملة ممكنة نظريًا عبر برامج الفرز الجيني الصارمة وتجنّب تهجين القطط الحاملة للجين.
هل يستطيع القط المُصاب القيام بحياة طبيعية؟
نعم، معظم القطط الحاملة لنسخة واحدة من الجين تعيش حياة طبيعية تمامًا، شرط المتابعة الدورية واستبعاد المشكلات المكتسبة.
هل ينتقل الخلل إلى البشر أو الحيوانات الأخرى؟
كلا. شذوذ بيلجر-هويت ليس مرضًا مُعديًا، بل خلل وراثي خاص بالقط، ولا ينتقل إلى البشر أو الحيوانات المنزلية الأخرى.