دليل شامل لفهم الجهاز الهضمي للحصان والحفاظ على صحته
يُعدُّ الحصان مخلوقاً رائعاً يتمتّع بجهاز هضمي فريد يختلف جذرياً عن المجترات مثل الأبقار والأغنام. إن فهم كيفية عمل هذا النظام الحيوي يساعد مالكي الخيول على تصميم برامج تغذية أكثر دقّة، والوقاية من المشاكل الشائعة مثل المغص والقرح، وضمان أداء رياضي وصحّة عامة مثالية.
لماذا يجب أن تفهم جهاز حصانك الهضمي؟
يستهلك الحصان ما يصل إلى 2% من وزنه يومياً من المادة الجافة، وينفق معظم ساعات يقظته في الرعي. أي خطأ بسيط في مكوّنات العلف أو جدول التغذية قد يؤدي إلى اضطراب بكتيريا التخمر في الأمعاء الغليظة، وبالتالي يعرّض الحصان لأمراض قد تكون مميتة. إن امتلاك معرفة أساسية بالتشريح والوظائف الهضمية يمكّنك من:
- اختيار أنواع العلف المناسبة وكمّياتها.
- تقسيم الحصص على مدار اليوم بطريقة تشبه سلوك الحصان الطبيعي في الرعي.
- رصد العلامات المبكرة للمشاكل الهضمية والتعامل معها سريعاً.
- التعاون بفعالية أكبر مع الطبيب البيطري وخبير التغذية.
نظرة عامة على الجهاز الهضمي للحصان
يُصنَّف الحصان كحيوان أحادِيّ المعدة مع تخمير خلفي (Hindgut Fermenter). يعني ذلك أن معدته صغيرة نسبياً بينما يحدث الجزء الأكبر من تخمير الألياف في الأعور والقولون اللذين يقعان في الجزء الخلفي من الجهاز الهضمي.
رحلة الطعام داخل جسم الحصان: خطوة بخطوة
1. الفم والأسنان
تبدأ العملية في الفم، حيث تقوم الأسنان بفرم الألياف الصلبة وتحويلها إلى جسيمات صغيرة. تمتاز أسنان الخيل بالنمو المستمر، ولهذا تحتاج إلى جَسّ وضبط دوري لتجنّب الحواف الحادة التي تصعّب المضغ وتؤدي إلى إسقاط الطعام.
2. المريء
ينقل المريء الغذاء الممضوغ إلى المعدة بطول يقارب 1.5 متر. تجدر الإشارة إلى أن الحصان غير قادر على التقيؤ بسبب صمّام عضلي قوي أحادي الاتجاه، ما يجعل أي انسداد في المريء أو تكدّس في المعدة خطراً حقيقياً.
3. المعدة
تتسع معدة الحصان لنحو 8–15 لتراً فقط، أي أقل من 10٪ من الجهاز الهضمي، وتفرز الأحماض باستمرار سواء كان الحصان يأكل أم لا. لذلك يُنصح بتقديم العلف الخشن على مدار اليوم لتقليل فراغ المعدة والحد من القرحة.
4. الأمعاء الدقيقة
يبلغ طولها حوالي 21 متراً وتنقسم إلى الإثني عشر، الصائم، واللفائفي. هنا يتم امتصاص البروتينات القابلة للهضم، الدهون، السكريات البسيطة، والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون. يمر الطعام عبر الأمعاء الدقيقة في أقل من 90 دقيقة، ما يحد من فرصة هضم النشويات الزائدة.
5. الأعور والقولون (الأمعاء الغليظة)
هما «معمل التخمير» الحقيقي؛ الأعور يشبه كيساً سعته 30 لتراً، يليه القولون الذي قد يصل طوله إلى 7 أمتار. تقوم الميكروبات بتحويل السيلولوز إلى أحماض دهنية طيّارة (VFAs) تُزوّد الحصان بطاقة ثابتة تُستغل في العمل والحرارة.
الميكروبيوم: الصديق غير المرئي
يعيش في الأمعاء الغليظة بلايين من البكتيريا والفطريات الأولية التي تكسر الألياف. أي تغيير مفاجئ في نوعية العلف أو كميته قد يخلّ بتوازن تلك الكائنات، مسبباً تراكم غازات، أو إنتاج أحماض زائدة، أو حتى تسمّم دموي.
معلومة سريعة: تحتاج الميكروبيوم من 7 إلى 14 يوماً للتكيّف مع نظام غذائي جديد. لذا غيّر الأعلاف تدريجياً.
كيف نبني نظاماً غذائياً صحياً بناءً على علم الهضم؟
1. الوجبات الصغيرة المتكررة
يحاكي تقديم التبن أو الرعي الحر سلوك الحصان الطبيعي ويمنع نقص الألياف وجوع المعدة لفترات طويلة.
2. أهمية الألياف والماء
يشكّل التبن عالي الجودة (أو الرعي) أساس التغذية، بينما يحتاج الحصان البالغ إلى 25–45 لتراً من الماء يومياً، يزداد في الطقس الحار أو أثناء العمل.
3. ضبط النشويات
إذا زادت الحبوب الغنية بالنشا عن قدرة الأمعاء الدقيقة على الهضم، تصل إلى الأعور وتتخمّر بسرعة مسببةً حموضة خطيرة. حدِّد الحبوب بـ 0.5% من وزن الجسم في الوجبة الواحدة.
4. البروتين والدهون
يحتاج الحصان إلى بروتين عالي الجودة يحتوي على اللايسين، خصوصاً الخيول النامية والرياضية. إضافة الزيوت النباتية قد ترفع الطاقة دون مخاطر النشويات.
5. المعادن والفيتامينات والمكملات
- الكالسيوم:الفوسفور يجب أن يبقى في حدود 2:1.
- الملح الحر ضروري لتعويض الإلكتروليتات.
- مكملات البروبيوتيك قد تدعم الميكروبيوم أثناء الإجهاد أو العلاج بالمضادات الحيوية.
المشاكل الهضمية الشائعة وكيفية رصدها
المغص
تتنوع أسبابه من انسداد غذائي بسيط إلى التواء القولون. أعراضه تشمل دورات متكررة من الاستلقاء، الضرب بالبطن، التعرّق الشديد، وفقدان الشهية. استدعِ الطبيب البيطري فوراً عند الشك بأي حالة مغص.
قرحة المعدة
شائعة في خيول السباق والخيول التي تتعرض لإجهاد أو صوم طويل. علامات خفية مثل فقدان الوزن، شعرة باهتة، مزاج عصبي. الوقاية تشمل الألياف الدائمة وتقليل النشويات.
الانتفاخ واضطرابات التخمير
يحدث عند تحوّل مفاجئ في العلف أو استهلاك كميات كبيرة من الحبوب. قد يؤدي إلى تراكم الغازات وسمّية عصبية. الحل يكمن في التغيير التدريجي للعلف واستخدام مخمرات حية عند الحاجة.
استراتيجيات الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
- قسّم إجمالي العلف المركز إلى ثلاث وجبات أو أكثر.
- وفِّر تبناً نظيفاً أو مراعي خضراء طوال الوقت.
- احرص على وصول الحصان إلى ماء نظيف ومعتدل الحرارة.
- قم بفحص الأسنان كل 6–12 شهراً.
- مارس برنامج تمرين منتظم مع إحماء وتهدئة مناسبين.
- اعتمد جداول تطعيم وتطهير دورية لتقليل الطفيليات الداخلية.
⚠️ تنبيه: إذا لاحظت أي تغيّر مفاجئ في سلوك الأكل أو البراز، تواصَل فوراً مع الطبيب البيطري. الاستجابة السريعة قد تنقذ حياة حصانك.
الخلاصة
يعتبر الجهاز الهضمي للحصان منظومة معقدة تستحق كل عناية. من خلال فهم أجزاء هذا النظام وديناميكية الميكروبيوم، يمكنك تصميم نظام غذائي متوازن، وتجنّب أمراض مدمّرة، وضمان أن يبقى حصانك شريكاً قويّاً ونشطاً لسنوات طويلة.