دليل شامل لتسمم البلوط عند الخيول
عندما تبدأ أوراق البلوط في التساقط وتملأ البذور الخضراء والداكنة أرضية المرعى، تتغير طبيعة وجبات الخيول من تلقاء نفسها. في أغلب الأحيان يمر الأمر بسلام، لكن في بعض الحالات قد يؤدي تناول كميات كبيرة من البلوط وأجزائه المختلفة إلى تسمم خطير قد يهدد حياة الحصان. في السطور التالية ستجد كل ما تحتاج معرفته عن تسمم البلوط عند الخيول، بدءاً من الأسباب إلى الوقاية.

ما هو تسمم البلوط؟
تسمم البلوط هو اضطراب هضمي وكُلوي يحدث عندما يتناول الحصان كميات كبيرة من ثمار البلوط أو أوراقه أو براعم أغصانه اليافعة. تحتوي شجرة البلوط على مركّبات التانين (Tannins)، وعلى رأسها حمض التانيك وحمض الجاليك، التي تتحلل داخل جهاز الهضم مكونة سموم تؤثر في بطانة الأمعاء وقدرات الكلى على التصفية. تختلف درجة السميّة بحسب كمية ما يُؤكَل وحالة الحصان الصحية وعمره.
لماذا يُعد البلوط سامًا للخيول؟
يعتقد كثيرون أن البلوط آمن لأنه غذاء طبيعي، إلا أنّ الخيول تهضم التانينات بشكل محدود، وعند تجاوز حد معيّن تتحول المركّبات إلى مواد مخرّشة للأمعاء وقاتلة لخلايا الكلى. وأشارت دراسات بيطرية إلى أن:
- الثمار الخضراء غير الناضجة أكثر تركيزًا بالتانينات من الثمار البنية الجافة.
- الأوراق اليافعة في الربيع والبراعم الناعمة هي الأعلى سمّية، لأنها غنية بالمركّبات الفينولية.
- الخيل الجائعة أو التي تعاني نقص الألياف أكثر عرضة لاستهلاك البلوط بحثًا عن أي مصدر غذائي.
عوامل خطر إضافية
أي حصان لديه وصول غير محدود لشجرة بلوط، خصوصًا في الخريف، معرض للخطر. وترتفع نسبة الإصابة في:
- المهرات وصغار الخيل التي تستكشف محيطها بالفم.
- الخيول التي ترعى في مساحات فقيرة بالعلف.
- الخيول المولعة بطعم البلوط والتي طورت عادة مزمنة لتناوله.

الأعراض والعلامات السريرية
تظهر علامات التسمم عادة بعد 12–48 ساعة من الاستهلاك، وإن كانت بعض الحالات تتأخر لعدة أيام. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:
- مغص متفاوت الشدة، مع نظرات متكررة إلى الجنب أو رفص الأرض.
- إسهال مائي أو داكن، وقد يحتوي على دم أو براز قطراني (ميلينا).
- جفاف شديد بسبب فقد السوائل.
- تغيّر لون البول إلى البني الغامق نتيجة تلف الكلى.
- خمول، ضعف الشهية وفقدان سريع للوزن.
- وذمة تحت الجلد، خاصة أسفل البطن أو حول الفك.
- رائحة نفس تشبه رائحة التبن المتعفن.
معلومة سريعة: أحيانًا تنحشر حبيبات البلوط في الأمعاء مُحدثة انسدادًا ميكانيكيًا فوق التسمم الكيميائي—ما يجعل التدخل الجراحي ضرورة عاجلة.
متى يجب التواصل مع الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت أي عرض من الأعراض المذكورة، أو رأيت حصانك يلتقط كميات كبيرة من البلوط، فاتصل بالطبيب البيطري على الفور. الوقت عنصر حاسم؛ فالعلاج المبكّر يزيد فرصة الشفاء ويقلل من تضرر الكليتين الدائم.

كيف يشخِّص الطبيب البيطري تسمم البلوط؟
يعتمد التشخيص على مجموعتين من المؤشرات:
1. التاريخ والفحص السريري
- تأكيد وجود أشجار بلوط في الحقل أو ملاحظة آثار قضم على الأغصان.
- تحسس البطن، قياس نبض الشريان الرقبي، سماع أصوات الأمعاء.
2. الفحوص المخبرية والتصوير
- تحاليل الدم: ارتفاع نيتروجين اليوريا (BUN) والكرياتينين دليل على فشل كلوي.
- تحليل البول: وجود بروتين، دم أو تغيّر لون البول يؤكد تلف الكلى.
- الأمواج فوق الصوتية: قد تُظهر تورمًا أو ترسبات في الكليتين.
- المنظار المعدي: يُستخدم عند الشك بوجود قرح أو انسداد بكتلة من البلوط.
خيارات العلاج المتاحة
لا يوجد ترياق محدد لتسمم البلوط، لكن العلاج الداعم المكثف غالبًا ما ينقذ حياة الحصان.

1. سحب الحصان من مصدر السُّم
أول خطوة هي نقل الحصان لمكان خالٍ من أشجار البلوط وتوفير كمية كبيرة من التبن عالي الجودة.
2. السوائل الوريدية
يُعطى المحلول الوريدي لتعويض السوائل والإلكتروليتات ودعم وظيفة الكُلى.
3. الفحم المنشّط والمسهلات
يُقدَّم الفحم المنشّط عبر أنبوب أنفي معدي لامتصاص التانينات المتبقية، ثم تتبعه زيوت معدنية أو لاكساتيفات لطرد الكتلة إلى خارج الأمعاء.
4. التحكم في الألم والالتهاب
تُستخدم مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) بعناية لتخفيف المغص، مع مراقبة وظائف الكلى باستمرار.
5. المضادات الحيوية والدعم الغذائي
في حال وجود قرح معوية أو عدوى ثانوية، قد يُوصي الطبيب بالمضادات الحيوية، إضافة إلى أعلاف لينة سهلة الهضم.
التعافي والمتابعة بعد العلاج
تختلف فترة النقاهة من أسبوعين إلى عدة أشهر تبعًا لشدة التسمم. سيقترح البيطري:
- تحليل دم دوري لرصد تحسن وظائف الكلى.
- زيادة كميات الماء النظيف وتشجيع الحصان على الشرب.
- استخدام مكملات لدعم الكبد والكلى إذا لزم الأمر.

الوقاية هي خط الدفاع الأول
الوقاية أسهل وأقل تكلفة بكثير من العلاج. إليك بعض الاستراتيجيات الفعّالة:
- إزالة البلوط المتساقط: استخدم جرارًا صغيرًا أو كنسًا يدويًا لجمع الثمار يوميًا في موسم الخريف.
- تسييج محيط الأشجار: ضع سياجًا كهربائيًا حول أشجار البلوط أو انقل الخيول إلى مرعى آخر خلال موسم الخطورة.
- توفير علف كافٍ: عندما تشبع الخيول من التبن والأعلاف، يقل احتمال تناولها موادًا غير تقليدية.
- استخدام كمّامة الرعي: تُقيد وصول الحصان إلى الأعشاب القصيرة والثمار على الأرض.

أسئلة شائعة
هل جميع الخيول تتأثر بنفس الطريقة؟
لا، فالاستجابة تختلف باختلاف العمر، والحالة الصحية، والكمية المُستهلكة من البلوط.
كمية البلوط الآمنة للخيول؟
لا توجد كمية آمنة تم التحقق منها علميًا. أفضل ممارسة هي منع الحصان تمامًا من تناول البلوط.
هل يمكن أن يعود الحصان للرعي تحت أشجار البلوط بعد التعافي؟
من الأفضل تجنب ذلك، لأن الضرر السابق للكلى قد يجعل الحصان أكثر حساسية لأي جرعة لاحقة.
خاتمة
يسيطر ملاك الخيل على عوامل الخطر المرتبطة بتسمم البلوط إلى حد كبير عبر المراقبة اليومية للمراعي وتوفير علف غني ومتوازن. ومع ظهور أول علامة على المغص أو الإسهال الداكن يجب التواصل مع الطبيب البيطري فورًا. الرصد المبكر والعلاج السريع قادران على قلب الموازين بين الشفاء الكامل والمضاعفات الدائمة.
هذا المقال لأغراض التوعية ولا يغني عن الاستشارة البيطرية المتخصصة.
المراجع
- د. لوان لي. “Colic Severity in Horses from Toxic Plants.” , 2022-05-15. www.dovepress.com