يُعَدّ مرض اتساع البَطين الغدي (Proventricular Dilatation Disease – PDD) أحد أكثر الأمراض غموضًا وخطورة في عالم الطيور الأليفة، خصوصًا الببغاوات. يؤثّر هذا المرض الفيروسي العصبي بالدرجة الأولى في الأعصاب المُغذِّية للجهاز الهضمي، ما يؤدي إلى صعوبات هضمية شديدة قد تودي بحياة الطائر إن لم تُشخَّص وتعالج مبكرًا. في هذا الدليل الموسّع، نستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته عن المرض، بداية من أسبابه وآلية انتقاله، مرورًا بالأعراض وطرق التشخيص، وصولًا إلى بروتوكولات العلاج والرعاية الوقائية.
ما هو مرض اتساع البَطين الغدي؟
يتميّز PDD بالتهاب وعجز في العقد العصبية المسؤولة عن حركة الطعام داخل الجهاز الهضمي، خصوصًا في البَطين الغدي (Proventriculus) الذي يمثل المعدة الغدية للطيور. يسبب ذلك تضخمًا ملحوظًا في البَطين الغدي، واضطرابًا في عملية دفع الطعام، ما يؤدي إلى وجود طعام غير مهضوم في البراز، وفقدان وزن تدريجي رغم شهية طبيعية أو حتى مفرطة.
أسماء أخرى شائعة
- متلازمة هزال المكاو (Macaw Wasting Syndrome)
- التهاب الأعصاب الغنغليونية للطائر
- عدوى فيروس بورنا الطيري (Avian Bornavirus – ABV)
الأسباب وعوامل الخطر
السبب المُعْتَرف به حاليًا هو فيروس بورنا الطيري (Avian Bornavirus). لا تزال الآليات الدقيقة للإصابة قيد الدراسة، إلا أنّ الأبحاث تشير إلى العوامل التالية:
- التعرّض لإفرازات طائر حامل للفيروس (براز، إفرازات المحصلة، ريش ملوث).
- الاستنشاق أو الابتلاع المباشر للجزيئات الفيروسية العالقة بالهواء.
- تزاحم الطيور في أقفاص أو حجر صحّي غير كافٍ.
- انخفاض مناعة الطائر بسبب سوء التغذية أو الضغط النفسي.
آلية انتقال الفيروس
- انتقال تنفسي: استنشاق غبار الريش الملوّث.
- انتقال فموي–برازي: تناول طعام أو ماء لوّثته براز طيور مصابة.
- انتقال عمودي محتمل: بيض ملوّث من أم مصابة (لا يزال قيد البحث).
الطيور الأكثر عرضة للإصابة
- المكاو (Macaws)
- الكونيور (Conures)
- الببغاء الرمادي الأفريقي (African Grey)
- الكاكاتو (Cockatoos)
- أنواع ببغائية أخرى مثل الأمازون والسينغال واللوري
- من النادر إصابة العصافير غير الببغاوية، لكن تم توثيق حالات محدودة في الكوكاتيل والكناري
الأعراض والعلامات السريرية
قد تظهر الأعراض فجأة أو تتطور ببطء على مدار أشهر، وتشمل:
- فقدان وزن ملحوظ مع أو بدون انخفاض الشهية.
- وجود حبوب وبذور غير مهضومة في البراز.
- إسهال مائي أو براز به مخاط كثيف.
- تضخم المحصلة أو البَطين الغدي يمكن لمسه في أسفل الصدر.
- ترجيع أو قيء بعد فترة وجيزة من الأكل.
- أعراض عصبية: عدم اتزان، رعشة، صعوبة في الإمساك بالغصن، نوبات تشنجية أو عمى مؤقّت.
كيف يتم التشخيص؟
التشخيص الدقيق يتطلّب دمج التاريخ المرضي مع الاختبارات المعملية والصورية:
- الأشعة السينية (X-ray): تُظهر اتساع البَطين الغدي والأمعاء.
- التصوير بالمواد الظليلة (Barium Study): يوضح بطء مرور الطعام.
- خزعة المحصلة أو بطانة الأمعاء: البحث عن التهاب غنغليوني ليمفاوي–بلازماوي.
- PCR للكشف عن ABV: عينات ريش، براز أو مسحة مِعوية، مع مراعاة احتمالية النتائج السلبية الكاذبة.
- اختبار الأجسام المضادة: يحدد التعرّض السابق للفيروس.
خيارات العلاج والرعاية الداعمة
لا يوجد حتى اللحظة علاج يقضي تمامًا على الفيروس، لكن يمكن تحسين جودة حياة الطائر عبر:
الأدوية المضادة للالتهاب
- ميلوكسيكام (Meloxicam) أو كاربروفين: تقلل الالتهاب العصبي.
- سيليكوكسيب (Celecoxib): مثبط انتقائي لإنزيم COX-2 يقلل الأعراض الهضمية.
- كورتكوستيرويدات قصيرة المدى: تُستخدم بحذر لتخفيف التفاعلات المناعية.
التغذية وتعديل النظام الغذائي
يُنصح بتقديم أطعمة سهلة الهضم مرتفعة السعرات:
- حبوب مُنقوعة ومُطهرة مسبقًا لتسهيل الهضم.
- أطعمة لينة مثل مهروس الخضار والفواكه.
- إضافة مُكمّلات فيتامينية وأحماض أمينية بعد استشارة الطبيب البيطري.
- تقسيم الوجبات إلى حصص صغيرة متكررة.
الرعاية العامة
- الحفاظ على درجة حرارة مستقرة (25–28°م) لتقليل استهلاك الطاقة.
- توفير قفص واسع مع مجاثم مريحة لتفادي الإصابات الناتجة عن نقص التوازن.
- متابعة الوزن أسبوعيًا لتقييم الاستجابة للعلاج.
- علاج العدوى البكتيرية أو الفطرية الثانوية بمضادات ملائمة.
العلاج المناعي والخيارات التجريبية
أظهرت بعض الدراسات نتائج أولية مشجعة للـسيكلوسبورين A في تثبيط رد الفعل المناعي الزائد، إلا أنّ استخدامه لا يزال محدودًا ويستلزم مراقبة وظائف الكبد والكلى.
التنبؤ بمآل المرض
على الرغم من أن PDD يعد مرضًا مزمنًا وقد يكون قاتلًا، فإن العديد من الطيور المصابة يمكن أن تعيش لسنوات مع تدخّل علاجي مناسب وبيئة خالية من التوتر.
يعتمد المآل على:
- شدة الضرر العصبي عند التشخيص.
- مدى الالتزام بخطة الرعاية والدعم الغذائي.
- عمر الطائر وحالته الصحية العامة.
استراتيجيات الوقاية وحماية السرب
- حجر صحي لا يقل عن 45 يومًا لأي طائر جديد، مع إجراء اختبارات PCR متتالية.
- تنظيف وتعقيم الأوعية والأقفاص يوميًا.
- استخدام قفازات وملابس واقية عند التعامل مع الطيور المشتبه بإصابتها.
- منع الاختلاط بين الأسراب المختلفة في المعارض أو الأسواق.
- التخلص الآمن من الريش المتساقط والفضلات.
أسئلة شائعة
- هل يمكن أن يُشفى الطائر تمامًا من PDD؟
- حتى الآن، لا يوجد علاج شافٍ، لكن يمكن إدارة الأعراض وتحسين جودة الحياة.
- هل ينتقل المرض إلى الإنسان أو الحيوانات الأليفة الأخرى؟
- لا توجد أدلة على قابلية انتقال الفيروس إلى الإنسان أو الثدييات المنزلية.
- كم مرة يجب فحص طيوري للتأكد من خلوها من ABV؟
- يُفضَّل تكرار اختبار PCR مرتين إلى ثلاث مرات سنويًا، خاصة في مزارع التربية أو عند إضافة طيور جديدة.
- ما العلامة الأولى التي ينبغي أن تدفعني لزيارة الطبيب البيطري؟
- وجود حبوب غير مهضومة في البراز أو فقدان وزن سريع رغم شهية طبيعية.
باتباع هذه الإرشادات وطلب المشورة البيطرية المختصة، يمكنك منح طائرك أفضل فرصة لحياة صحية ومستقرة رغم تحديات مرض اتساع البَطين الغدي.