التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية (DIC) لدى القطط: كل ما تحتاج معرفته

يُعَدُّ التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية (Disseminated Intravascular Coagulation – DIC) أحد أخطر الاضطرابات الدموية التي قد تُصيب القطط. فهو حالة معقّدة يتكوَّن فيها عدد هائل من الجلطات الدقيقة داخل الأوعية الدموية في أنحاء الجسم كافة، ثم سرعان ما يتبع ذلك استنزاف لعوامل التخثُّر والصفائح الدموية، فتتحوَّل القطة من حالة التخثُّر المفرط إلى نزيف يصعب السيطرة عليه. تكمن أهمية التعرُّف المبكر على هذه المتلازمة في إنقاذ حياة القطة عبر علاج السبب الجذري والسيطرة على التغيُّرات التخثُّريّة الطارئة.

ما هو التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية؟

التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية هو متلازمة ثانوية تظهر نتيجة استثارة جهاز التخثُّر بآليّات متعدّدة. في البداية تتشكّل جلطات صغيرة تسدّ الشعيرات الدموية، ما يُقلِّل إمداد الأنسجة بالأكسجين ويُؤدّي إلى فشل أعضاء حيويّة. ومع استمرار استهلاك الصفائح وعوامل التخثُّر، يدخل الجسم في مرحلة نزيف معمّم قد يظهر على شكل نزف لثويّ أو نقاط نزفيّة (بتشيا) في الجلد والأغشية المخاطية.

كيف يحدث التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية؟

  1. حادث محفِّز (عدوى، صدمة، التهاب شديد… إلخ) يفعّل جهاز التخثُّر.
  2. تكوّن جلطات دقيقة في أوعية متعدّدة.
  3. استهلاك عوامل التخثُّر والصفائح بسرعة تفوق قدرة الجسم على التعويض.
  4. نزيف معمم داخلي وخارجي نتيجة نفاد مخزون التخثُّر.

الأمراض والحالات المسبِّبة لـ DIC لدى القطط

نادراً ما يظهر DIC بشكل تلقائي؛ بل يرتبط عادةً بأحد الأمراض أو العوامل التالية:

  • الإنتان البكتيري (خصوصاً عدوى الدم الحادّة)
  • التهاب البنكرياس الشديد
  • ضربة الحرارة أو ارتفاع الحرارة الخطر
  • أمراض الكبد المتقدِّمة وفشل الكبد
  • الأورام (مثل الأورام اللمفاوية أو الساركوما)
  • الصدمة الشديدة أو الجروح المتهتِّكة
  • التسمّم (سموم الأفاعي، الجرعات الكبيرة من بعض الأدوية)
  • الاضطرابات القلبية أو فشل القلب الاحتقاني
  • أمراض المناعة الذاتية

الأعراض والعلامات السريرية

قد تكون المؤشرات الأوّلية خفيّة، لكنها عادةً تتطوّر بسرعة إلى علامات أكثر وضوحاً:

  • خمول وضعف عام
  • شحوب أو اصفرار الأغشية المخاطية
  • نزيف من اللثة أو الأنف أو الجهاز الهضمي (قيء أو براز دموي)
  • كدمات تحت الجلد أو نقاط نزفية (بتشيا)
  • تسارع في التنفس أو صعوبة تنفس
  • برودة الأطراف بسبب ضعف الدورة الدموية
  • تشنّجات أو اضطرابات عصبية في الحالات الشديدة

متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟

أي ظهور مفاجئ لنزف أو كدمات أو خمول شديد يستدعي تدخُّلاً بيطرياً فورياً. تأخُّر ساعة واحدة قد يصنع فارقاً كبيراً في فرص نجاة القطة.

تشخيص التخثُّر المنتثر داخل الأوعية

يعتمد التشخيص على الجمع بين علامات سريرية واختبارات معملية:

لا يوجد اختبار وحيد يُشخِّص DIC بشكل قاطع؛ بل هو تشخيص يُبنى على عدة دلائل.

  • تعداد الدم الشامل (CBC) لتقييم الصفائح الدموية وفقر الدم
  • فحوص تخثُّر مثل PT، aPTT، وACT
  • مستويات الفايبرين ومنتجات تحلُّل الفايبرين (D-dimer)
  • تحليل وظائف الكبد والكلى للكشف عن الأمراض المسبِّبة
  • صور أشعَّة أو موجات فوق صوتية لتقييم الأعضاء الداخلية أو الأورام
  • زرع دم أو سوائل للجزم بوجود إنتان بكتيري

خيارات العلاج والرعاية الطارئة

يُعالج DIC على محورين متوازيين:

1. السيطرة على التخثُّر والنزيف

  • نقل بلازما طازجة مجمَّدة لتعويض عوامل التخثُّر
  • قد تُستعمل الهيبارين بجرعات دقيقة في بعض الحالات لمنع تكوُّن جلطات جديدة، مع مراقبة دقيقة لتأثيره على النزيف
  • نقل صفائح دموية إذا كان النزف شديداً ومخزون الصفائح منخفضاً

2. علاج السبب الجذري

  • مضادات حيوية واسعة الطيف عند الاشتباه بإنتان
  • علاج الالتهاب البنكرياسي أو دعم الكبد
  • استئصال الأورام أو علاجات الأورام البيطرية عند الحاجة
  • السيطرة على الحرارة في حالات ضربة الشمس

إضافة إلى ذلك، تُقدَّم رعاية داعمة مثل السوائل الوريدية، الأكسجين، ومسكنات الألم.

الرعاية المنزلية والمتابعة

بعد الخروج من المستشفى:

  • وفِّر مكاناً هادئاً ودافئاً للقطة
  • راقب أي نزيف من الفم أو الأنف أو مكان الحقن
  • التزم بمواعيد إعادة الفحوص (CBC، وظائف الكبد والكلى، اختبارات التخثُّر)
  • استمر بإعطاء المضادات الحيوية أو أدوية الدعم حسب وصف الطبيب

الوقاية وتقليل عوامل الخطر

لا توجد طريقة مؤكّدة لمنع DIC، لكن الحدّ من مخاطره يتم عبر:

  1. الاستجابة السريعة لأي مرض حاد أو عدوى
  2. التطعيمات الدورية وحماية القطة من السموم والحوادث
  3. المتابعة المنتظمة مع الطبيب البيطري للحالات المزمنة

أسئلة شائعة

هل DIC معدٍ للبشر أو للحيوانات الأخرى؟

لا، DIC نفسه غير معدٍ؛ لكنه قد ينتج عن عدوى بكتيرية أو فيروسية يمكن أن تنتقل.

ما نسبة النجاة في حالات DIC لدى القطط؟

تتراوح النسبة بين 20–40٪ حسب سرعة التشخيص وشدّة المرض المُسبِّب.

هل يمكن أن يعود DIC بعد الشفاء؟

قد يتكرر إذا عادت أو استمرّت الحالة الأساسية المُسبِّبة.

الخلاصة

يعتبر التخثُّر المُنتثر داخل الأوعية من الحالات الطارئة التي تتطلب علاجاً سريعاً وشاملاً. بفضل التشخيص المبكر، العلاج الدقيق للسبب الجذري، والدعم المكثف، تزداد فرص نجاة القطة واسترداد عافيتها. ابقَ متيقِّظاً لأي تغيُّرات في سلوك قطتك أو نزيف غير طبيعي، ولا تتردد في التوجُّه للطبيب البيطري متى راودك الشك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version