داء الكبد الدهني عند القطط (Hepatic Lipidosis)
يُعَدّ داء الكبد الدهني، أو ما يُعرف بــ Hepatic Lipidosis، أحد أكثر الأمراض الكبدية شيوعًا وخطورة عند القطط. يحدث عندما تتراكم كمية كبيرة من الدهون داخل خلايا الكبد، فتُعطِّل وظائفه الأساسية، وقد يؤدي الإهمال إلى فشل كبدي يهدِّد حياة قطّك. في هذا المقال، ستجد دليلًا شاملًا يُعرِّفك على المرض، أسبابه، الأعراض، طرق التشخيص، خيارات العلاج، وكيفية الوقاية لضمان حياة صحية لرفيقك الصغير.
لماذا يُعَدّ الكبد عضوًا محوريًّا في جسم القط؟
الكبد مسؤول عن مئات التفاعلات الحيوية، أبرزها:
- تنقية الدم من السموم والفضلات الأيضية.
- إنتاج البروتينات وعوامل التخثُّر.
- تخزين الفيتامينات والمعادن.
- هضم الدهون عبر إفراز العصارة الصفراوية.
عندما يتوقف الكبد عن أداء هذه المهام، تظهر سلسلة من الأعراض قد تكون مميتة إذا لم تُعالَج بسرعة.
ما هو داء الكبد الدهني بالتفصيل؟
تبدأ المشكلة عادةً بفقدان الشهية لعدة أيام، ما يدفع جسم القط إلى تكسير مخزونه من الدهون للحصول على الطاقة. تنتقل هذه الدهون عبر الدم إلى الكبد لتتحول إلى طاقة، لكن الكبد القططي لا يستطيع معالجة الكميات الكبيرة بسرعة، فتتراكم داخله وتضعف قدرته على العمل.
العوامل المؤهِّبة
- السمنة: القطط ذات الوزن الزائد أكثر عُرضة لتراكُم الدهون في الكبد.
- انقطاع مفاجئ للطعام: الصيام أو فقدان الشهية بسبب مرض آخر أو تغيّر مفاجئ في النظام الغذائي.
- الإجهاد: الانتقال لمنزل جديد، إضافة حيوان آخر، أو تغييرات كبيرة في الروتين اليومي.
- أمراض مصاحبة: مثل داء السكري، التهاب البنكرياس، أو أمراض الأمعاء الالتهابية.
الأعراض والعلامات السريرية
قد تختلف حدة الأعراض بناءً على مرحلة المرض:
- خمول شديد وفقدان واضح للطاقة.
- فقدان شهية يستمر لأكثر من 48 ساعة.
- فقدان وزن سريع وملحوظ.
- قيء متكرر أو غثيان.
- يرقان (اصفرار اللثة، الجلد، وبياض العين).
- تغيّر لون البول إلى الأصفر الداكن أو البرتقالي.
- إمساك أو إسهال.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
إذا امتنع قطك عن تناول الطعام لأكثر من 24–48 ساعة، أو ظهر أي اصفرار في عينيه أو لثته، فهذا حالة طارئة تتطلب تدخّلًا بيطريًّا فوريًّا.
طرق التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على مجموعة من الفحوصات لتأكيد الإصابة:
- الفحص السريري: تقييم الوزن، حالة الترطيب، لون الأغشية المخاطية.
- تحاليل دم شاملة: ارتفاع إنزيمات الكبد (ALT، ALP)، زيادة البليروبين، اختلال عوامل التخثُّر.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية: يظهر تضخم الكبد وتغيّر درجة كثافته.
- خزعة الكبد: تأكيد تراكم الدهون داخل الخلايا (تُجرى تحت تخدير وبإبرة مخصّصة).
خطة العلاج المتكاملة
يعتمد العلاج على حالتين أساسيتين: الدعم الغذائي المكثَّف ومعالجة أي مرض ثانوي مسبب:
1. الدعم الغذائي
يُعَدّ إيقاف فقدان الشهية أهم خطوة للنجاة:
- تركيب أنبوب تغذية أنفي-معدي أو معدي-صائم (حسب الحالة).
- إعطاء نظام غذائي عالي البروتين ومعتدل السعرات للحصول على الطاقة دون إجهاد الكبد.
- تقسيم الوجبات إلى جرعات صغيرة كل 2–4 ساعات.
2. العلاج الدوائي والدعم الطبي
- علاج الجفاف بالسوائل الوريدية.
- مضادات القيء (مثل أوندانسيترون) لتهدئة المعدة وتحفيز الشهية.
- فيتامين K في حال تأثّر التخثُّر.
- مضادات الأكسدة (SAMe أو Silymarin) لدعم خلايا الكبد.
- علاج المرض أو العدوى المسبِّبة إن وُجدت.
الرعاية المنزلية والمتابعة
بعد الاستقرار في المستشفى، قد يُكمل القط التغذية الأنبوبية في المنزل لعدة أسابيع. يجب على المربي:
- الالتزام بجرعات الطعام والأدوية بدقة.
- مراقبة وزن القط أسبوعيًا.
- متابعة المواعيد الدورية لفحص وظائف الكبد.
- الاتصال بالطبيب إذا ظهر قيء، إسهال، أو نزيف من موضع الأنبوب.
كيف نمنع تكرار المرض؟
الوقاية غالبًا أسهل وأقل تكلفة من العلاج:
- إدارة الوزن: الحفاظ على وزن صحي باستخدام غذاء متوازن وممارسة اللعب اليومي.
- التدرُّج في تغيير النظام الغذائي: أي طعام جديد يُضاف تدريجيًّا على مدى 7–10 أيام.
- تقليل التوتر: تخصيص مساحة آمنة، استخدام ألعاب و«كات-تري» لتقليل الإجهاد.
- مراقبة الشهية: أي فقدان للشهية لأكثر من يوم ينبغي أن يدق جرس الإنذار.
التوقعات المستقبلية (Prognosis)
مع التدخّل المبكر والعلاج المناسب، تصل معدلات النجاة إلى 80–90٪. كلما تأخر العلاج، ازدادت احتمالية حدوث فشل كبدي دائم أو وفاة. الالتزام بالتغذية السليمة والمتابعة الدورية يمكّنان القط من استعادة وظائف كبده بالكامل خلال 3–6 أشهر.
أسئلة شائعة
هل يُصاب البشر بداء الكبد الدهني من قططهم المصابة؟
لا، المرض غير مُعدٍ للبشر أو الحيوانات الأخرى.
كم يستغرق تركيب أنبوب التغذية؟ وهل يؤلم القط؟
يُركَّب الأنبوب تحت التخدير الخفيف أو الكُلّي خلال 15–30 دقيقة، ويشعر القط براحة أكبر بعد 24 ساعة من العملية.
هل يمكن إيقاف الأنبوب بمجرد أن يبدأ القط في الأكل؟
يُزال الأنبوب بعد تناول القط 75٪ من احتياجاته الغذائية ذاتيًّا لعدة أيام متتالية، وبتوصية الطبيب.
هل توجد مكملات طبيعية لدعم الكبد؟
بعض مضادات الأكسدة مثل S-adenosyl methionine وسيليمارين قد تساعد، لكن يجب استخدامها تحت إشراف بيطري.
باتباع النصائح أعلاه ومراقبة قطك باستمرار، يمكنك حمايته من داء الكبد الدهني ومنحه حياة طويلة وصحية.
