حمّى الحمام لدى الخيول: الدليل الشامل للأسباب والأعراض والعلاج
تُعَدّ حمّى الحمام (أو ما يُعرف بخُراجات Corynebacterium pseudotuberculosis) من أهم الأمراض البكتيرية المُعدية التي تصيب الخيول في جميع أنحاء العالم، وتتميّز بظهور خراجات متورّمة في منطقة الصدر أو الكتف على نحو يشبه صدر الحمامة، ومن هنا أتى اسمها. في هذا المقال، نستعرض كل ما تحتاج معرفته عن المرض، من أسبابه وطرق انتقاله إلى التشخيص والعلاج والوقاية، لتضمن صحة خيلك وسلامتها.

ما هي حمّى الحمام لدى الخيول؟
حمّى الحمام هي عدوى بكتيرية سببها Corynebacterium pseudotuberculosis، وهي بكتيريا تعيش في التربة وتدخل جسم الخيل غالباً عبر الجلد عند وجود جروح أو خدوش صغيرة. بعد دخولها، تُشكِّل البكتيريا خراجات مملوءة بالصديد في أنسجة الجسم السطحية أو الداخلية.
لماذا سُمِّيت بهذا الاسم؟
السبب الرئيسي وراء التسمية هو التشابه بين شكل الخراج المتضخّم في منطقة صدر الخيل وصدر الحمامة المنتفخ. يُشير المصطلح باللغة الإنجليزية إلى الشكل “pigeon-breast” الذي يأخذه الورم.

طرق انتقال العدوى
- التواصل المباشر مع خيل مُصاب، خصوصاً ملامسة الإفرازات الصديدية.
- الأدوات المُشتركة غير المُطهَّرة مثل فرش التنظيف، والسروج، وأوعية الماء.
- البيئة الملوّثة بالتربة أو الغبار المحتوي على البكتيريا.
- النواقل الحشرية؛ إذ تُسهم الذبابات في نقل العدوى بين الخيول.
الأعراض الشائعة
قد تختلف الأعراض تبعاً لمكان تكوّن الخراج، لكن أكثرها شيوعاً:
- تورّم صلب أو طري في منطقة الصدر أو الكتف، يبدو واضحاً بالعين.
- ارتفاع طفيف أو متوسط في درجة حرارة الجسم.
- خمول وفقدان شهية.
- خروج صديد كثيف، كريمي القوام، ذو رائحة مميّزة، عند تفتّح الخراج.
- في الحالات الداخلية: فقدان وزن، صعوبة تنفّس، وتشنّجات عضلية.
نصيحة ذهبية: كلما تم تشخيص الخراج في مرحلة مبكرة، كان الشفاء أسرع وتقلّص احتمال انتشار العدوى إلى خيول أخرى.

أنواع حمّى الحمام
1. الخراجات السطحية (الصدريّة/الكتفيّة)
يشكّل هذا النوع النسبة الأكبر من الإصابات، ويتميّز بتجمُّع القيح تحت الجلد، وغالباً ما ينفجر الخراج تلقائياً إذا لم يُفتح جراحياً.
2. الخراجات الداخلية
في هذه الحالة، تنتقل البكتيريا عبر مجرى الدم لتُكوّن خراجات في أعضاء داخلية مثل الكبد، الرئتين أو الكلى. هذا النوع أكثر خطورة ويستلزم فحوصات تصويرية (سونوغرام أو أشعة سينية) لتحديد موقع الخراج.
3. التهاب الجدار العضلي
تتجمّع البكتيريا داخل العضلات، مسبّبة تصلّباً وألماً عند الحركة، وقد يصاحبها تورّم عام في الأطراف.

كيفية التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على مزيج من الفحص السريري والفحوصات المخبرية:
- فحص بدني شامل: تقييم حجم وموقع الخراج وحالة العُقد الليمفاوية.
- زرع بكتيري: أخذ عينة من الصديد وتأكيد نوع البكتيريا مخبرياً.
- اختبارات دم: للكشف عن التهاب داخلي أو تغيّرات في إنزيمات الأعضاء.
- الفحوصات التصويرية: الموجات فوق الصوتية أو الأشعة السينية لتحديد الخراجات الداخلية أو العمقية.
خيارات العلاج
يختلف العلاج بحسب شدة الحالة:
- فتح الخراج وتصريفه: الطريقة الأكثر شيوعاً. يقوم الطبيب بعمل شق جراحي لتصريف القيح تماماً، ثم غسل الجرح بمحلول مطهّر.
- المضادات الحيوية: يُوصى بها في حالة الخراجات الداخلية أو عند وجود عدوى جهازية؛ أمّا في الخراجات السطحية فقد تؤخّر التئام الجرح إذا أُعطيت قبل التفريغ.
- كمّادات دافئة: تُستخدم لتسريع تليين الجلد لتسهيل فتح الخراج.
- الرعاية الداعمة: مسكنات الألم، أدوية خافضة للحرارة، وتعديل النظام الغذائي لضمان شُربٍ كافٍ للماء.

الرعاية المنزلية ودور المُربّي
بعد تصريف الخراج، يقع على عاتق المُربّي:
- تنظيف الجرح يومياً بمحلول مطهّر وفق إرشادات الطبيب.
- عزل الخيل عن القطيع لتجنّب انتقال العدوى.
- التخلّص من الضمادات أو المواد المُلوّثة بطريقة صحية.
- مراقبة ظهور خراجات جديدة أو ارتفاع في درجة الحرارة.
- إبلاغ الطبيب فوراً عند أي تغيّر غير طبيعي.
الوقاية خير من العلاج
للحدّ من انتشار حمّى الحمام داخل الإسطبل:
- الحفاظ على نظافة البيئة: إزالة الروث، وتطهير الأرضية بانتظام.
- التحكّم في الحشرات عبر شبكات حماية ومواد طاردة للذباب.
- عدم مشاركة أدوات العناية والركوب بين الخيول.
- فحص الخيول الجديدة حجر صحي لمدة لا تقل عن 3 أسابيع.
- متابعة جدول التحصينات الروتيني والفحص البيطري الدوري.

متى يجب الاتصال بالطبيب البيطري؟
يُنصَح بالتواصل مع الطبيب فور ملاحظة أي تورّم أو إفراز غير طبيعي، أو إذا ظهرت علامات جهازية مثل فقدان الشهية الشديد، ارتفاع الحرارة لفترة طويلة، أو صعوبة تنفّس.
التشخيص المُبكّر مفتاح التعافي
على الرغم من أن حمّى الحمام قد تبدو مخيفة، فإن معظم الخيول تشفى تماماً عند التعامل الصحيح والسريع مع الخراج. التوعية بالإجراءات الوقائية والتشخيص المبكّر يساهمان في حماية القطيع بأكمله.
ختاماً، الحفاظ على بيئة نظيفة وفحوصات دورية، إضافةً إلى الاستجابة السريعة عند ظهور أي علامات مرضية، هي الركائز الأساسية لضمان صحة خيلك وسعادته.