الورم النِقْوي المتعدد عند القطط: دليل شامل لفهم المرض وتشخيصه وعلاجه

يُعَدّ الورم النِقْوي المتعدد (Multiple Myeloma) من الأورام السرطانية النادرة في القطط، لكنه خطير ويحتاج إلى تدخّل بيطري عاجل. في هذا الدليل ستتعرّف على أسباب المرض، آلية حدوثه، أهم العلامات السريرية، طرق التشخيص الحديثة، البروتوكولات العلاجية المتاحة، إضافة إلى نصائح الرعاية المنزلية والمتابعة الدورية.

ما هو الورم النِقْوي المتعدد؟

هو تكاثر خبيث لخلايا البلازما داخل نقي العظم. هذه الخلايا مسؤولة عادةً عن إنتاج الأجسام المضادة، لكنها في حالة الورم تُنتج كميات مفرطة ومتطابقة (Monoclonal) من البروتين المناعي، ما يؤدي إلى:

  • تدمير العظام (آفات تَنَخُّرِيّة).
  • ارتفاع شديد في مستوى البروتين بالدم (فرط بروتينيّا).
  • فقر دم وتثبيط مناعي.

الآلية المرضية باختصار

تستعمر خلايا البلازما النقي وتُطلق أجسامًا مضادة متماثلة. يتسبّب ذلك في لزوجة عالية للدم تؤثّر على تدفّقه إلى الأعضاء الحيوية، كما تُحرّر عوامل تُحطِّم العظام فترتفع مستويات الكالسيوم في الدم، ما يؤدّي بدوره إلى تلف كلوي.

الأسباب وعوامل الخطورة

لا يُعرَف سبب محدّد، لكن الدراسات تُشير إلى ارتباط محتمل بـ:

  • تنشيط مناعي مزمن (التهابات طويلة الأمد).
  • عدوى فيروسية مثل فيروس نقص المناعة القطّي (FIV) أو فيروس سرطان الدم القطّي (FeLV).
  • عوامل وراثية نادرة.

العلامات السريرية الشائعة

  • الخمول، فقدان الشهية، وهزال ملحوظ.
  • العطش والتبوّل المفرطان بسبب فرط الكالسيوم أو تلف الكلى.
  • آلام أو عرج ناتج عن تضرّر العظام.
  • نزيف من الأنف أو اللثة وضعف التجلّط.
  • علامات عصبية: ترنّح، نوبات تشنّج، أو ضعف أطراف.
  • اضطرابات عينية (نزيف شبكي أو عتامة عدسة) نتيجة لزوجة الدم.

التشخيص

يعتمد الطبيب البيطري على مجموعة فحوص للتأكّد من التشخيص واستبعاد أمراض مشابهة:

  1. تحاليل الدم الشاملة (CBC وChemistry): تُظهر فقر دم، نقص كريات بيضاء أو صفائح، وفرط بروتينيّا.
  2. رحلان البروتين الكهربائي (Electrophoresis): يبيّن “قمة أحادية” تدلّ على إفراز أجسام مضادة متطابقة.
  3. تحليل البول: للبحث عن بروتينات بَنس جونز (Light Chains).
  4. رشف نخاع العظم: وجود أكثر من 10–20٪ خلايا بلازمية شاذّة يؤكّد الإصابة.
  5. الأشعة السينية/المقطعية: تكشف آفات نخرية “مخرّمة” في العمود الفقري، الجمجمة، أو الأضلاع.
  6. الألتراساوند: تقييم النقائل إلى الطحال أو الكبد.

خيارات العلاج

يُعدّ الدمج بين العلاج الكيميائي والدعم المرافق حجر الزاوية:

1. العلاج الكيميائي المُصنَّف

  • ميلفالان (Melphalan) + بريدنيزون: النظام الأكثر استخدامًا، يُعطى يوميًا لفترة تحريض ثم أسبوعيًا للجرعات المُحافِظة.
  • بدائل مثل كلورامبيوسيل أو سيكلوفوسفاميد أو لوموستين (CCNU) تُستخدم عند عدم الاستجابة.

2. العلاجات المُساندة

  • سوائل وريدية لتخفيف اللزوجة وعلاج الفشل الكلوي.
  • فوروسيميد أو مانيتول للتخلّص من فرط الكالسيوم.
  • مُسكّنات ألم (بُوبرينورفين أو مُضادات الالتهاب إذا كانت وظائف الكلى طبيعية).
  • مُضادات حيوية واسعة الطيف لمقاومة العدوى الثانوية.
  • بيسفوسفونات (Pamidronate) للحدّ من تآكل العظام.
  • قد يُستخدم العلاج الإشعاعي للآفات العظمية المفردة.
  • في حالات شديدة: فصادة البلازما لتقليل اللزوجة.

نصيحة خبير: المتابعة المخبرية المنتظمة تُمكِّن الطبيب من تعديل جرعات الأدوية مبكراً قبل ظهور آثار جانبية خطرة.

الرعاية المنزلية والمتابعة

بعد بدء العلاج، يحتاج القط إلى:

  • بيئة هادئة ودافئة مع سرير مريح بعيد عن الضوضاء.
  • تغذية عالية الجودة غنيّة بالبروتين المعتدل ومنخفضة الفوسفور إذا وُجد خلل كلوي.
  • توفير مياه عذبة باستمرار لمواجهة العطش الزائد.
  • مُلاحظة الوزن، الشهية، وسلوك الإخراج يوميًا.
  • فحوص دم شهرية (CBC، كيمياء، كُلّيْنات) وفحص بول دوري.
  • إبلاغ الطبيب فور ظهور علامات وهن شديد أو نزيف أو تقيؤ متواصل.

التوقعات على المدى البعيد

يتراوح متوسط البقاء بين 12 و24 شهرًا إذا استجاب القط للعلاج. تقلّ المُدة في حال وجود:

  • فشل كلوي متقدم أو فرط كالسيوم شديد.
  • آفات عظمية منتشرة أو كسور مرضية.
  • عدم تحسّن تعداد الدم بعد دورة أو دورتين من العلاج الكيميائي.

يُنصَح أصحاب القطط بالتركيز على جودة الحياة، إذ يظلّ الهدف الأسمى هو الحفاظ على الراحة وتقليل الألم.

هل يمكن الوقاية؟

لا توجد طريقة مؤكّدة لمنع حدوث الورم النقوي المتعدد، لكن الرعاية الصحية الوقائية تقلّل عوامل الخطر المحتملة:

  • التطعيمات الدورية والفحوص السنوية لكشف الأمراض الفيروسية مثل FIV وFeLV.
  • علاج أي التهابات أو أسنان مصابة بسرعة قبل أن تصبح مزمنة.
  • تقديم غذاء متوازن يقلّل الضغط على الجهاز المناعي.

الأسئلة الشائعة

1. هل الورم النقوي المتعدد معدٍ؟

لا، فالمرض سرطاني وغير قابل للانتقال بين القطط أو إلى البشر.

2. هل يمكن للقط العيش حياة طبيعية بعد التشخيص؟

يمكن للعديد من القطط الاستمتاع بنوعية حياة جيدة لعدة أشهر أو سنوات عند الالتزام بالعلاج والرعاية المنزلية الصارمة.

3. ما أخطر المضاعفات المحتملة؟

الفشل الكلوي، كسور العظام، والنزيف الداخلي تُعدّ من أهمّ المضاعفات التي تستدعي تدخلاً فوريًا.

4. متى أراجع الطبيب البيطري أثناء المتابعة؟

يُفضَّل الفحص كل 3–4 أسابيع خلال الأشهر الأولى، ثم كل 6–8 أسابيع إذا استقرّت الحالة.

باتباع هذا الدليل العلمي والعملي، يمكنك مساعدة قطّك على التعامل مع الورم النِقْوي المتعدد بأفضل صورة ممكنة. لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري حول أي استفسار إضافي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version