المغص عند الخيول: دليل شامل لفهم الأعراض، الأسباب وطرق الوقاية والعلاج
المغص هو المصطلح الطبي الذي يصف آلام البطن عند الخيول، ويُعد من أكثر الحالات الطارئة شيوعًا وخطورة في طب الخيول. يمكن أن يتراوح من انزعاج بسيط قابل للعلاج بالأدوية إلى التواء معوي يهدد حياة الحصان ويتطلب جراحة فورية. في هذا الدليل سنستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته بدءًا من العلامات المبكرة وحتى خطوات الوقاية اليومية.
لماذا يُعتبر المغص حالة طارئة؟
الخيول تمتلك جهازًا هضميًا حساسًا وطويلاً، ومعظم أجزاء أمعائها ثابتة في البطن بشكل فضفاض. أي انسداد أو التواء بسيط قد يقطع التروية الدموية بسرعة، ما يؤدي إلى موت الأنسجة وسمّية قد تهدد حياة الحصان خلال ساعات. لذلك، كل دقيقة مهمة عند الاشتباه بالمغص.
العلامات والأعراض
تختلف شدة الأعراض باختلاف نوع المغص، لكن ثمة علامات مشتركة يجب على كل مالك حصان معرفتها:
- النظر المتكرر إلى الخاصرة أو الركل باتجاه الجانبين
- الاستلقاء والتمدد على الأرض بشكل متكرر
- التدحرج العنيف أو محاولة ذلك
- التعرّق وارتفاع درجة الحرارة
- قلة الشهية أو الامتناع التام عن الأكل والشرب
- انخفاض أو انعدام الخروج (البراز)
- سرعة نبض القلب والتنفس
- أصوات أمعاء ضعيفة أو غائبة عند السماع بالسماعة
علامات الحالة المتقدمة
إذا لاحظت انتفاخًا شديدًا في البطن، أو مخاطًا داكنًا في اللثة، أو سرعة قلب أعلى من ٦٠ ضربة/دقيقة، فهذا يدل غالبًا على مغص خطير يحتاج تدخلاً بيطريًا عاجلاً وربما جراحة.
الأسباب الشائعة وأنواع المغص
١. المغص الغازي (Gas Colic)
يحدث بسبب تراكم الغازات في الأمعاء الغليظة نتيجة تخمّر مفرط للأعلاف الغنية بالكربوهيدرات أو التغيّر المفاجئ في العليقة.
٢. المغص التشنجي (Spasmodic Colic)
ناتج عن تقلصات عضلية مفاجئة في الأمعاء وغالبًا ما يستجيب بسرعة للمسكنات ومضادات التقلص.
٣. الانسداد البسيط (Impaction)
يحدث عندما تتراكم مادة غذائية جافة أو رملية وتسد الأمعاء الغليظة أو الأعور، وغالبًا ما يرتبط بقلة شرب الماء أو تناول تبن رديء.
٤. الانسداد المعوي المعقد (Displacement, Torsion, Entrapment)
يشمل التواء الأمعاء أو انزلاقها عبر فجوة في تجويف البطن. هذا النوع خطير جدًا ويتطلب جراحة عاجلة لإعادة الأمعاء إلى وضعها الطبيعي.
عوامل الخطر
- التغيير المفاجئ في العلف أو مواعيد التغذية
- الاعتماد المفرط على الأعلاف المركزة (حبوب) بدلاً من الألياف
- قلة الوصول إلى الماء النظيف خصوصًا في الشتاء
- انعدام انتظام التمرين أو فترات مطولة من الراحة
- الإصابة بالطفيليات الداخلية نتيجة برنامج تجريع غير منتظم
- ابتلاع الرمال لدى الخيول التي تُرعى في تربة رملية
- مشكلات الأسنان التي تمنع المضغ الجيد
- الضغط النفسي والسفر المتكرر
كيف يشخّص الطبيب البيطري المغص؟
يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والفحص السريري إضافة إلى فحوصات مساندة:
- فحص النبض والحرارة والأغشية المخاطية
- سماع أصوات الأمعاء بالسمّاعة
- إدخال أنبوب أنفي-معدي لتخفيف الضغط أو جمع سوائل المعدة
- فحص المستقيم باليد لتحسس الانسدادات أو الالتواءات
- الأشعة فوق الصوتية للبطن في بعض المراكز
- سحب عينة من سائل البطن (Abdominocentesis) لتقييم الالتهاب أو النزيف
تذكّر: لا تحاول أبدًا تشخيص المغص أو علاجه بمفردك. الاتصال بالطبيب البيطري بسرعة يزيد فرص النجاة بشكل كبير.
خيارات العلاج
١. الإسعافات الأولية في انتظار الطبيب
- أزل العلف المركز والتبن فورًا
- اسمح للحصان بالشرب إذا رغب لكن لا تجبره
- اجعله يمشي بخطوات هادئة لمدة ٥–١٠ دقائق كل نصف ساعة للحد من التدحرج
- وفر مساحة آمنة خالية من العوائق لتقليل خطر الإصابة إذا تدحرج
٢. التدخل الطبي
بعد التشخيص قد يختار الطبيب واحدًا أو أكثر من البروتوكولات التالية:
- مسكنات الألم ومضادات الالتهاب مثل Flunixin Meglumine
- مضادات تقلص الأمعاء مثل N-butyl Scopolammonium
- تزويد سوائل عبر الوريد أو بالأنبوب الأنفي-المعدي لتصحيح الجفاف
- الملينات مثل الزيوت المعدنية أو كبريتات المغنيسيوم لعلاج الانسداد البسيط
- المضادات الحيوية إذا كان هناك خطر التهاب صفاق
٣. التدخل الجراحي
يُنقل الحصان إلى مستشفى مختص إذا:
- استمر الألم أو عاد بعد انتهاء مفعول المسكنات
- كشف فحص المستقيم عن التواء أو انحباس
- كانت قيم سائل البطن غير طبيعية (بروتين مرتفع أو سائل دموي)
تتضمن الجراحة فتح البطن، إزالة الجزء المصاب، أو إعادة وضع الأمعاء. يتراوح معدل نجاح العمليات بين 70–90٪ عند التدخل المبكر.
التعافي والتوقعات
يعتمد الشفاء على نوع المغص، عمر الحصان، والوقت المستغرق قبل بدء العلاج. الخيول التي خضعت لجراحة قد تحتاج إلى:
- راحة تامة من ٤ إلى ٨ أسابيع
- برنامج تدريجي للعودة إلى العمل
- مراقبة جروح البطن وتنظيفها يوميًا
- حمية خاصة غنية بالألياف وسهلة الهضم في البداية
غالبًا ما يعود الحصان إلى أدائه الطبيعي بمجرد التئام الجرح واستقرار الوزن.
استراتيجيات الوقاية اليومية
رغم أن المغص لا يمكن منعه كليًا، يمكن تقليل خطره عبر إدارة جيدة:
- قدم العلف الخشن (التبن أو الرعي) بحرية أو بمعدل لا يقل عن ١–٢٪ من وزن الحصان يوميًا
- قسم العلف المركز إلى وجبات صغيرة ومتعددة
- ثبت برنامج فحص الأسنان وتنظيفها مرتين سنويًا
- اعتمد جدول تجريع طفيليات مبني على تحليل براز دوري
- اسمح للخيول بالحركة الحرة أو التمرين اليومي المنتظم
- وفر ماءً نظيفًا دافئًا في الشتاء لتشجيع الشرب
- تجنب الأعلاف العفنة أو المتعفنة
- انتقل بين أنواع الأعلاف تدريجيًا خلال ٧–١٠ أيام
أسئلة شائعة
هل المغص معدٍ بين الخيول؟
لا، المغص ليس مرضًا معديًا، لكنه قد ينتج عن ظروف إدارة مشتركة مثل الماء أو العلف، لذلك قد تظهر حالات متعددة في الإسطبل ذاته.
متى يجب أن أستدعي الطبيب البيطري؟
على الفور إذا لاحظت أي علامة غير طبيعية في سلوك الأكل أو ألم واضح. التدخل المبكر هو العامل الأهم في بقاء الحصان على قيد الحياة.
هل يمكن إعطاء مسكن بشري للحصان؟
لا يُنصح بذلك أبدًا، فالجرعات والأدوية البيطرية مختلفة، وقد تؤدي المسكنات البشرية إلى تفاقم الحالة أو صعوبة التشخيص.
باتباعك لإرشادات الوقاية السابقة والتواصل السريع مع الطبيب البيطري، يمكنك تقليل خطر المغص وضمان حياة صحية لحصانك.
المراجع
- أبل، م. ج.. “فهم المغص عند الخيول.” , 2020-11-20. www.horseandhound.co.uk
