التهاب السحايا والدماغ والنخاع الشوكي عند القطط: دليل شامل لحماية صديقك الوفي
يُعَدّ التهاب السحايا والدماغ والنخاع الشوكي (Meningoencephalomyelitis) أحد أخطر الاضطرابات العصبية التي قد تُصيب القطط. يجمع هذا المرض بين التهاب السحايا (الأغشية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي) والتهاب أنسجة الدماغ والحبل الشوكي. وعند عدم التدخل المبكر، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة قطك أو تتركه بإعاقات دائمة.
في هذا المقال، سنأخذك في جولة مفصلة حول أسباب المرض، أعراضه، كيفية تشخيصه، العلاجات المتاحة، ونصائح الوقاية والرعاية المنزلية، حتى تتمكن من توفير أفضل عناية ممكنة لقطك.

ما هو التهاب السحايا والدماغ والنخاع الشوكي؟
هو التهاب يُصيب ثلاث مناطق عصبية حساسة في وقت واحد:
- السحايا (Meninges): الأغشية الواقية للدماغ والنخاع الشوكي.
- الدماغ (Encephalon): مركز التحكم الرئيسي للجهاز العصبي.
- النخاع الشوكي (Myelon): الممر الأساسي للإشارات العصبية من الدماغ وإليه.
يُسبِّب هذا الالتهاب تورمًا وضغطًا داخليًا يؤثر على وظائف الجهاز العصبي، ما يؤدي إلى أعراض عصبية متنوعة قد تتدرّج من اضطراب بسيط في الحركة إلى نوبات صرع حادة.

الأسباب وعوامل الخطورة
تنقسم الأسباب الرئيسية إلى:
- العوامل المُعدية
- فيروسية: مثل فيروس نقص المناعة القططي (FIV) وفيروس كورونا القطط (FCoV).
- بكتيرية: نتيجة انتشار عدوى موضعية إلى الجهاز العصبي.
- فطرية: مثل عدوى Cryptococcus التي تنتقل عبر الاستنشاق.
- طفيلية: خاصة Toxoplasma gondii.
- عوامل مناعية ذاتية: تحدث عندما يهاجم جهاز المناعة أنسجة الجهاز العصبي عن طريق الخطأ.
- سموم أو مواد كيميائية: بعض السموم العصبية قد تُحدِث التهابًا تفاعليًا.
تزداد احتمالية الإصابة لدى القطط ذات المناعة الضعيفة، والقطط صغيرة السن أو كبيرة السن، والقطط التي تعيش في بيئات مزدحمة أو غير معقمة.
الأعراض والعلامات السريرية
قد تظهر الأعراض فجأة أو تتطور تدريجيًا، وتشمل:
- حمّى غير مفسَّرة.
- فقدان الشهية وخمول عام.
- تيبّس الرقبة أو ألم عند لمس الرأس.
- عدم اتزان أثناء المشي أو انحراف الرأس.
- تشنجات أو نوبات صرع.
- تغيّرات سلوكية مثل العدوانية أو الارتباك.
- فقدان الرؤية الجزئي أو الكلي في بعض الحالات المتقدمة.
يجب التواصل الفوري مع الطبيب البيطري عند ملاحظة أي من هذه العلامات، لأن سرعة التشخيص تزيد فرص التعافي.

كيف يشخّص الطبيب البيطري المرض؟
يتبع الطبيب البيطري بروتوكولًا شاملاً يشمل:
- التاريخ الطبي والفحص السريري: تجميع المعلومات حول البيئة، التطعيمات، وأي إصابات سابقة.
- تحاليل مخبرية:
- صورة دم كاملة (CBC) لتقييم درجة الالتهاب.
- تحليل كيمياء الدم للبحث عن خلل في الأعضاء.
- اختبارات خاصة:
- تحليل عينة من السائل الدماغي النخاعي (CSF) لتحديد نوع الالتهاب.
- اختبارات PCR للكشف عن فيروسات أو طفيليات معينة.
- التصوير المتقدم: رنين مغناطيسي (MRI) أو أشعة مقطعية (CT) لتقييم أنسجة الدماغ والنخاع.
الجمع بين هذه الخطوات يُساعد في تحديد السبب الدقيق واختيار العلاج الأنسب.

خيارات العلاج والرعاية المنزلية
يعتمد العلاج على السبب الكامن:
- مضادات حيوية أو مضادات فطرية أو مضادات طفيلية في حالات العدوى.
- أدوية مضادة للالتهاب مثل الكورتيكوستيرويدات لتخفيف التورم.
- أدوية مضادة للتشنجات للتحكم في النوبات.
- دعم سوائل وتغذية للحفاظ على توازن الجسم والتعافي.
قد يحتاج القط إلى علاج داخلي (استشفاء) في المراحل الحادة، يلي ذلك رعاية منزلية مكثفة تشمل:
- مراقبة درجة الحرارة والسلوك يوميًا.
- تقديم طعام سهل الهضم وغني بالسوائل.
- تقليل الضوضاء والإضاءة لتخفيف التوتر.
- إعطاء الأدوية في مواعيدها بدقة.

مرحلة التعافي والمتابعة
يعتمد معدل الشفاء على شدة الحالة وسرعة التدخل. تتراوح فترة النقاهة بين أسابيع إلى أشهر. من الضروري:
- إجراء زيارات متابعة منتظمة مع الطبيب البيطري.
- إعادة فحص السائل الدماغي النخاعي عند الحاجة.
- تعديل جرعات الأدوية أو إيقافها تدريجيًا وفق التقييم الطبي.
ضع في اعتبارك أن بعض القطط قد تعاني من عجز عصبي دائم مثل ضعف في الأطراف الخلفية أو فقدان بسيط في الرؤية، إلا أن ذلك لا يمنعها من التكيف والعيش حياة طبيعية نسبيًا.

الوقاية وتقليل مخاطر الإصابة
- التأكد من جدول التطعيمات الأساسية والوقائية.
- اختبار القطط الجديدة للفيروسات قبل إدخالها المنزل.
- الحفاظ على نظافة صندوق الفضلات وتغييره بانتظام.
- تقليل الاحتكاك مع قطط الشوارع أو الحيوانات البرية.
- توفير نظام غذائي متوازن يعزز المناعة.
تذكير مهم: الوقاية هي خط الدفاع الأول؛ بادر بالفحص البيطري الدوري ولا تتردد في طلب المساعدة عند ملاحظة أي تغيرات سلوكية أو صحية على قطك.
خاتمة
التهاب السحايا والدماغ والنخاع الشوكي عند القطط حالة معقدة لكنها ليست حكماً بالإعدام. التشخيص المبكر، الالتزام بالخطة العلاجية، والرعاية المنزلية الدقيقة يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في فرص الشفاء ونوعية الحياة. راقب قطك، وابقَ على تواصل دائم مع الطبيب البيطري، لتمنح صديقك الوفي أفضل فرصة للتعافي والعودة إلى حياته الطبيعية.
المراجع
- إيهاب رشيد. “أهمية التطعيمات للقطط وتعزيز المناعة.” , 2022-07-18. www.pdsa.org.uk