الحساسية الجلدية لدى القطط: الأنواع، الأعراض، وأحدث طرق العلاج البيطري
تُعدّ المشاكل الجلدية من أكثر الأسباب شيوعًا لزيارة القطط إلى العيادات البيطرية. ومع أن الحكة أو تساقط الشعر قد يبدوان مشكلتين بسيطتين في الظاهر، فإنهما قد يشيران إلى حالة تحسسية كامنة تتطلب تشخيصًا دقيقًا وخطة علاج شاملة. في هذا الدليل المفصَّل، نستعرض كل ما تحتاج لمعرفته حول حساسية الجلد لدى القطط، من أنواعها وأعراضها وحتى أحدث بروتوكولات العلاج والرعاية الوقائية.
ما المقصود بالحساسية الجلدية لدى القطط؟
الحساسية الجلدية (Dermatitis Allergica) هي رد فعل مفرط لجهاز المناعة تجاه مادة غالبًا ما تكون غير ضارة في الظروف الطبيعية. عندما يتعرّف جسم القط على هذه المادة (المُسماة المُستأرِج) على أنها تهديد، يطلِق سلسلة من الاستجابات الالتهابية التي تؤدي إلى حكة شديدة، احمرار، وظهور آفات أو قُشور على الجلد.
أنواع حساسية الجلد الشائعة
يمكن تصنيف الحساسية الجلدية لدى القطط إلى أربع فئات رئيسية:
1. التهاب الجلد التحسسي الناتج عن البراغيث (Flea Allergy Dermatitis – FAD)
يُسبّبه لعاب البراغيث عند لدغها للقط، ما يطلق استجابة تحسسية قوية حتى لو كانت الإصابة طفيفة. وقد تظهر الحكة في أعلى الظهر وقاعدة الذيل تحديدًا.
2. الحساسية الغذائية
تنتج عن تفاعل مناعي تجاه بروتين معين في الغذاء (مثل الدجاج، السمك، أو الألبان). تشمل الأعراض حكة مزمنة، تقرُّحات حول الوجه والأذنين، وأحيانًا أعراضًا هضمية مثل الإسهال أو القيء.
3. الحساسية البيئية (التأتّبية)
تشمل حساسية حبوب اللقاح، العفن، الغبار، وعتة الفراش. غالبًا ما تظهر الأعراض بشكل موسمي ولكن قد تصبح دائمة مع التعرض المستمر للمُستأرج.
4. الحساسية التلامسية
ينتج هذا النوع عند ملامسة الجلد لمواد مهيِّجة مثل بعض المنظفات، العطور، أو الأقمشة. تتميز بوجود بقع مهيَّجة في مناطق ملامسة مباشرة للسطح المُسبب.
الأعراض الأكثر شيوعًا
- حكة مفرطة وخدش أو لعق متكرر للجلد
- تساقط الشعر وظهور بقع صلعاء
- قشور أو جروح وتكوّن قشَب (Scabs)
- احمرار أو التهاب الأذنين
- رائحة كريهة للجلد أو إفرازات صفراء تشير إلى عدوى ثانوية
- قيء أو إسهال (خاصة في حالات الحساسية الغذائية)
كيف يشخّص الطبيب البيطري الحساسية الجلدية؟
يعتمد التشخيص على الدمج بين التاريخ المرضي الكامل والفحص السريري وإجراء اختبارات داعمة:
- تمشيط البراغيث وفحص اللعاب للتأكد من وجود الطفيليات.
- كشط الجلد (Skin Scraping) أو البزل بالإبرة الدقيقة (FNA) لاستبعاد الطفيليات المجهرية.
- الفحص الخلوي (Cytology) لتحديد وجود بكتيريا أو فطريات ثانوية.
- اختبار الحمية الإقصائية لمدة 8–12 أسبوعًا لتشخيص الحساسية الغذائية.
- اختبارات الدم أو الاختبار داخل الأدمة (Intradermal Skin Testing) لتحديد المُستأرج البيئي.
- زراعة بكتيرية أو فطرية عندما يُشتبه بعدوى ثانوية مقاومة.
الخيارات العلاجية الحديثة
هدف العلاج هو إزالة السبب أو تقليل التعرض للمُستأرِج، مع تهدئة الأعراض ومنع العدوى الثانوية.
1. السيطرة على البراغيث والطفيليات
يُعدّ منع لدغات البراغيث الخط الدفاعي الأول. تُستخدم أدوية موضعية أو أقراص طويلة المفعول (مثل الفلويرلانر أو السارولانر) بانتظام لكل الحيوانات في المنزل.
2. الحمية العلاجية
عند الاشتباه بحساسية غذائية، تُجرى حمية إقصائية تحتوي على بروتين متحلِّل أو مصدر بروتين لم يسبق للقط تناوله. أي مخالفة طفيفة تُعيد الأعراض، لذا يجب الالتزام الصارم.
3. الأدوية المضادة للحكة
- الكورتيكوستيرويدات قصيرة الأمد لتخفيف الالتهاب الحاد.
- السيكلوسبورين أو الأوكلاسيتينيب (Oclacitinib) للعلاج طويل الأجل بأعراض جانبية أقل.
- مضادات الهيستامين وفي بعض الحالات الأحماض الدهنية أوميغا-3 لتحسين صحة الجلد.
4. العلاج المناعي (Immunotherapy)
يتضمّن حقنًا تحت الجلد أو قطرات فموية تحتوي على كميات ضئيلة من المواد المسبّبة للحساسية لتعزيز تحمُّل الجهاز المناعي تدريجيًا. قد يستغرق التحسن 6–12 شهرًا لكنه يُعدّ الحل الأكثر استدامة للحساسية البيئية.
5. العلاجات الموضعية والاستحمام الطبي
شامبوهات مهدئة تحتوي على الشوفان الغروي أو الكلورهيكسيدين تساعد في إزالة المهيِّجات وتهدئة الحكة. يُنصح بالاستحمام كل 1–2 أسبوع مع تجفيف لطيف.
العناية المنزلية والوقاية
- تطبيق برنامج مكافحة براغيث شامل على مدار العام.
- تنظيف المنزل بالمكنسة الكهربائية باستمرار، مع غسل الفراش والأغطية بدرجة حرارة عالية.
- توفير نظام غذائي متوازن عالي الجودة غني بالأحماض الدهنية الأساسية.
- استخدام أجهزة تنقية الهواء وتقليل الغبار والروائح القوية في البيئة.
- فحص الجلد والأذنين أثناء جلسات التمشيط الأسبوعية لاكتشاف المشكلات مبكرًا.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري على الفور؟
استشر الطبيب البيطري إذا لاحظت أيًّا مما يلي:
حكة تمنع القط من النوم، تقرُّحات نازة أو دموية، رائحة جلد قوية، تورم مفاجئ في الوجه أو الأرجل، أو فقدان شهية لفترة تتجاوز 24 ساعة.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن تختفي الحساسية مع تقدم العمر؟
في معظم الحالات تظل الحساسية البيئية أو الغذائية مزمنة، لكن شدة الأعراض قد تتقلب مع تقدم العمر أو تغير البيئة.
هل العلاجات الطبيعية مثل زيت جوز الهند فعالة؟
قد يوفر بعض الترطيب الموضعي، لكنه لا يغني عن التشخيص البيطري والعلاج الدوائي عند الحاجة.
هل يمكن إعطاء مضادات الهيستامين البشرية للقط؟
بعضها آمن بجرعات محددة، لكن جرعات القطط تختلف كليًا عن البشر. لا تستخدم أي دواء دون استشارة الطبيب البيطري.
الخلاصة
تتطلّب الحساسية الجلدية لدى القطط تعاملًا متعدد الجوانب يجمع بين التشخيص الدقيق، السيطرة على المُستأرج، والعلاج الداعم لتخفيف الأعراض. التزامك بروتين وقائي ومتابعة بيطرية منتظمة يضمن حياة مريحة وخالية من الحكة لقطك العزيز.
المراجع
- Michael T. Sanders. “إدارة الأمراض الجلدية في القطط: دليل بيطري.” , 2021-08-30. www.veterinarypartner.com