التهاب العُقَد اللمفاوية لدى القطط: دليل شامل لفهم الحالة والتعامل معها
قد يبدو تورّم العُقَد اللمفاوية لدى قطّك أمرًا مقلقًا، إلا أنّ فهم طبيعة هذه العُقَد ودورها في جهاز المناعة يُسهِّل عليك تفسير ما يحدث ومعرفة الخطوات التالية. في هذا المقال ستجد كل ما تحتاجه عن التهاب العُقَد اللمفاوية (Lymphadenitis) عند القطط، بدايةً من الأسباب وحتى التشخيص والعلاج والرعاية المنزلية.

نظرة سريعة على الجهاز اللمفاوي
يشكّل الجهاز اللمفاوي جزءًا أساسيًّا من دفاعات الجسم، إذ يقوم بتصفية الجراثيم والسموم وحمل كريات الدم البيضاء إلى مواقع العدوى. تتوزّع العُقَد اللمفاوية في أنحاء الجسم مثل الرقبة (تحت الفكّ)، الإبط، التجويف الصدري، البطن، وأعلى الرجل الخلفية.
ما هو التهاب العُقَد اللمفاوية؟
التهاب العُقَد اللمفاوية يعني وجود عدوى أو التهاب مُباشر داخل العُقْدة نفسها، وليس مجرد تضخّم «Lymphadenopathy» نتيجة استجابة الجسم لمرض آخر. قد يكون الالتهاب موضعيًّا (عُقدة أو أكثر) أو عامًا يشمل الجهاز اللمفاوي كاملًا.
أسباب التهاب العُقَد اللمفاوية
تتنوّع الأسباب بين جرثومية وفيروسية وفطرية وطفيليّة، وقد يحدث الالتهاب نتيجة جرح ملوّث قريب، أو عدوى جهازية منتشرة في الجسم.
أسباب جرثومية شائعة
- العقديات (Streptococcus) والعنقوديات (Staphylococcus) الناتجة عن جروح العراك أو العضّ.
- اليرسينيا المسبّبة للطاعون في بعض المناطق.
- الباستوريلا متعددة السلالات (من الفم أو الأسنان).
أسباب فطرية
- الهيستوبلازما
- البلاتومايسس
- الكوكسيدويديس
أسباب فيروسية
- فيروس نقص المناعة لدى القطط FIV
- فيروس اللوكيميا القططي FeLV
أسباب طفيلية
- داء المُقَسَّمات (التوكسوبلازما)
- داء اللولبيات (أقل شيوعًا)
الأعراض والعلامات التحذيرية
لا يقتصر التهاب العُقَد اللمفاوية على تورّم العُقدة فحسب، بل قد تصاحبه علامات أخرى تشير إلى عدوى جهازية.
- تورّم محسوس أو مرئي في منطقة العُقدة
- حمّى وخمول وفقدان شهية
- قيء أو إسهال في بعض الحالات
- صعوبة في البلع أو التنفّس عند تضخم العقد الصدرية أو حول الرقبة
- تشكّل خراج أو إفرازات من الجلد فوق العُقدة
إذا لاحظت أي تورّم مستمر لأكثر من يومين، أو اقترن بخمول وفقدان شهية، فاستشر الطبيب البيطري فورًا.

متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
يُنصح بزيارة الطبيب البيطري عندما:
- يستمر التورّم أكثر من 48 ساعة.
- ترتفع درجة حرارة القط إلى أكثر من 39.5°م.
- يظهر ألم واضح عند لمس العُقدة أو حولها.
- تظهر أعراض جهازية كفقدان الوزن أو صعوبة التنفس.
طرق التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على خطوات منهجية لتحديد سبب الالتهاب:
- الفحص السريري الكامل: جسّ جميع العُقد وتسجيل الحجم والحرارة والألم.
- تحاليل الدم الشاملة: لتقييم كريات الدم البيضاء ووظائف الأعضاء.
- سحب عيّنة بالإبر الدقيقة (FNA): لفحص الخلايا تحت المجهر والتعرّف على عوامل العدوى.
- زراعة بكتيرية أو فطرية: لتحديد المضاد الحيوي أو المضاد الفطري الأمثل.
- الأشعة السينية/الموجات فوق الصوتية: في حال الاشتباه بانتشار العدوى إلى الصدر أو البطن.
خيارات العلاج
يرتكز العلاج على إزالة سبب العدوى وتخفيف الأعراض:
- مضادات حيوية واسعة الطيف تُعدّل لاحقًا بناءً على نتائج الزراعة.
- مضادات فطرية مثل الإيتراكونازول أو الفلوكونازول عند العدوى الفطرية.
- علاج داعم يشمل سوائل وريدية لتعويض الجفاف ومسكنات ألم آمنة للقطط.
- تفريغ الخراج جراحيًّا أو إزالة العُقدة في الحالات المستعصية أو المتقيحة.
- عزل القط وعناية بيئية لمنع انتقال العدوى إلى حيوانات أخرى، خاصة في الإصابات الفيروسية.

الرعاية المنزلية والمتابعة
بعد خروج القط من العيادة، تلعب الرعاية المنزلية دورًا جوهريًّا في التعافي:
- إعطاء الأدوية وفق الجدول المحدد وعدم إيقافها باكرًا.
- متابعة درجة حرارة القط يوميًّا إن أوصى الطبيب بذلك.
- توفير مكان هادئ ودافئ بعيد عن التوتر.
- مراقبة موضع العُقدة أو الجرح لأي تورّم جديد أو إفرازات.
- زيارات متابعة منتظمة للتأكد من تقلّص العُقدة وعودة القيم الدموية إلى طبيعتها.
الوقاية: كيف تقلّل خطر الإصابة؟
لا يمكن منع جميع حالات التهاب العُقَد اللمفاوية، لكن يمكنك تقليل المخاطر عبر:
- التطعيم الدوري ضد الأمراض الفيروسية (FIV وFeLV وفق توصية الطبيب).
- الحفاظ على القط داخل المنزل أو في فناء آمن لمنع معارك القطط وعدوى الجروح.
- مكافحة البراغيث والقراد لتقليل العدوى الطفيلية والبكتيرية.
- فحص الأسنان واللثة دوريًّا لمنع انتقال عدوى الفم إلى العُقَد تحت الفكّ.
- غسل اليدين جيدًا بعد التعامل مع قطط مُصابة أو جديدة.

أسئلة شائعة
هل يمكن أن يشفى الالتهاب دون علاج؟
في حالات نادرة جدًّا قد يزول التورّم البسيط المرتبط بعدوى عابرة، إلا أنّ ترك الالتهاب دون علاج يعرّض القط لتفاقم العدوى ومضاعفات خطيرة.
هل تنتقل العدوى إلى البشر؟
معظم العوامل المسبّبة لالتهاب العُقَد اللمفاوية غير زُّونية، لكن بعض البكتيريا مثل Bartonella henselae قد تُسبب حمى خدش القطط لدى البشر. الالتزام بنظافة اليدين يقلّل الخطر.
كم يستغرق الشفاء الكامل؟
يتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع تبعًا لشدة العدوى ونوع الميكروب واستجابة القط للعلاج.
الخلاصة
يُعد التهاب العُقَد اللمفاوية مؤشرًا على معركة يخوضها جهاز مناعة قطّك ضد عدوى كامنة. التشخيص المبكر والعلاج الموجَّه هما مفتاح الشفاء السريع وتجنّب المضاعفات. إذا لاحظت أي تغيّرات في حجم عُقَد قطّك أو سلوكه الصحي العام، لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري.