التليُّف الرئوي لدى القطط: دليل شامل لفهم المرض وتشخيصه وعلاجه
يُعَدّ التليُّف الرئوي أحد أكثر اضطرابات الجهاز التنفسي خطورة لدى القطط، إذ يؤدي إلى تندّب أنسجة الرئتين وفقدانها للمرونة الطبيعية، وهو ما ينعكس مباشرةً على قدرة القط على التنفس بكفاءة. في هذا الدليل الشامل نستعرض كل ما تحتاج لمعرفته بدءًا من ماهية المرض مرورًا بالأعراض والأسباب وطرق التشخيص ووصولًا إلى خيارات العلاج والرعاية المنزلية اليومية.

ما هو التليُّف الرئوي لدى القطط؟
التليُّف الرئوي (Pulmonary Fibrosis) هو حالة مرضية مزمنة يُستبدَل فيها النسيج الرئوي الطبيعي بنسيج متندّب وصلب. هذا التندّب يقلّل من مرونة الحويصلات الهوائية ويصعِّب عملية نقل الأوكسجين إلى الدم، ما يسبب مشكلات تنفسية تتفاقم بمرور الوقت.
قد يظهر المرض بشكل تدريجي بحيث لا تلاحظ الأعراض في بدايته، وقد يتطور سريعًا في حالات أقل شيوعًا. وعلى الرغم من أن السبب غالبًا ما يكون مجهولًا (أو “مجهول السبب”)، فإن هناك عوامل كثيرة قد تسهم في حدوثه كما سنرى لاحقًا.
أعراض التليُّف الرئوي عند القطط
يُطلَق على التليُّف الرئوي لقب “المرض الصامت” لأنه يتطور تدريجيًا؛ لكن تظهر في النهاية مجموعة من الأعراض الواضحة:
- سعال جاف أو متقطع لا يستجيب للعلاجات البسيطة.
- صعوبة أو سرعة في التنفس (اللهاث أو التنفس من الفم).
- انخفاض مستوى النشاط اليومي والخمول.
- فقدان الوزن أو قلة الشهية بسبب الإجهاد التنفسي.
- ازرقاق اللثة أو اللسان (زرقة) في المراحل المتقدمة جرّاء نقص الأوكسجين.
- تفاقم الأعراض عند التعرض للإجهاد أو درجات الحرارة العالية.

أسباب التليُّف الرئوي
يصنَّف المرض غالبًا ضمن فئة التليُّف الرئوي مجهول السبب، ولكن الأبحاث البيطرية حدّدت مجموعة من العوامل المساهمة:
- الأمراض الطفيلية مثل ديدان القلب (Heartworm).
- الالتهابات الرئوية البكتيرية أو الفيروسية أو الفطرية المزمنة.
- التعرض طويل الأمد للدخان، والغبار، والمواد الكيميائية المهيِّجة.
- التهابات مناعية مثل التهاب القصبات الهوائية اليوزيني.
- استنشاق السموم أو الأبخرة السامة.
معلومة بيطرية: حتى مع تحديد العامل المسبِّب، يظل التليُّف الرئوي غير قابل للعلاج التام لأن الندب الرئوي لا يمكن عكسه، ما يجعل التشخيص المبكر وإدارة الأعراض محورَي الخطة العلاجية.

كيفية التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على خليط من الفحوص السريرية ووسائل التصوير والاختبارات المخبرية لتأكيد الإصابة:
- الأشعة السينية للصدر (X-Ray): تكشف عن نمط ضبابي أو شبكي في الرئتين.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT): يُعَدّ أدق وسيلة غير جراحية لتأكيد وجود ندب رئوية.
- غسل القصبات والحويصلات الهوائية (BAL): لجمع عينات خلوية وفحص الالتهاب أو العدوى.
- خزعة الرئة: الطريقة الذهبية للتشخيص لكنها تُجرى فقط عند الضرورة بسبب كونها تدخلاً جراحيًا.
- اختبارات الدم وفحص الديدان القلبية: لاستبعاد الأمراض المسبِّبة أو المصاحبة.
بعد التشخيص، سيحدد الطبيب مرحلة المرض ويضع بروتوكولًا علاجيًا مناسبًا لحالة قطك.

خيارات العلاج والرعاية
على الرغم من عدم وجود علاج قاطع يعيد الرئتين إلى حالتهما الأصلية، فإن المتابعة الطبية الدقيقة والرعاية الداعمة يمكن أن تُحسّن جودة حياة القط بشكل واضح.
- الكورتيكوستيرويدات: مثل البريدنيزولون لتقليل الالتهاب.
- موسِّعات الشعب الهوائية: لتسهيل مرور الهواء في المجاري التنفسية.
- مثبطات السعال: تُوصف عند السعال الشديد المجهِد.
- الأوكسجين التكميلي: يُقدَّم في العيادة أو عبر غرف أوكسجين منزلية في الحالات الحادة.
- إدارة الوزن: لأن السمنة تضع عبئًا إضافيًا على الجهاز التنفسي.
- بيئة منخفضة التوتر: فالقلق يزيد من سرعة التنفس ويؤدي لتدهور الحالة.

التعايش مع القط المصاب بالتليُّف الرئوي
إليك بعض النصائح العملية لمساعدة قطك على التنفس براحة أكبر في المنزل:
- أبقِ القط داخل المنزل بعيدًا عن الملوثات والمواد المهيِّجة.
- استعمل مُنقِّي هواء للحفاظ على جودة الهواء.
- وفّر مناطق مريحة يسهل الوصول إليها دون صعود مطوَّل على الدَّرَج.
- راقب معدل التنفس أثناء الراحة (يجب أن يكون أقل من 30 نفسًا/دقيقة).
- التزم بجداول المتابعة البيطرية وإبلاغ الطبيب بأي تغيُّر مفاجئ في التنفس.

التنبؤ بالمآل
يُعتبَر المآل طويل الأمد للتليُّف الرئوي في العادة حذرًا إلى سيئ. متوسط البقاء للحالات المشخَّصة يتراوح بين عدة أشهر إلى عام، لكن بعض القطط تعيش لفترة أطول عندما تُكتشف الحالة مبكرًا ويُدار العلاج بصرامة.
الوقاية وتقليل المخاطر
لا توجد طريقة مؤكدة لمنع التليُّف الرئوي، غير أنّ تقليل المخاطر أمر ممكن عبر:
- التطعيم الدوري والوقاية من الديدان القلبية.
- حفظ بيئة داخلية خالية من دخان السجائر والملوثات.
- الفحص البيطري السنوي أو نصف السنوي للقطط كبيرة السن أو المصابة بأمراض مزمنة.
- معالجة أي عدوى تنفسية بسرعة قبل تحوّلها إلى مرض مزمن.
أسئلة شائعة
هل يُعتبر التليُّف الرئوي معديًا؟
لا، المرض غير معدٍ للقطط الأخرى أو للبشر، لأنّه ينتج عن تندّب داخلي وليس عن عدوى قابلة للانتقال.
هل يمكن لقطي أن يعيش حياة طبيعية بعد التشخيص؟
الحياة “الطبيعية” قد تكون نسبية، لكن مع الرعاية البيطرية المستمرة وبيئة منزلية خالية من الضغوط، يستطيع العديد من القطط الحفاظ على مستوى جيد من الراحة والنشاط.
المراجع
- ماري جونز. “تشخيص وعلاج التليُّف الرئوي لدى القطط.” , 2023-01-10. www.pethealthnetwork.com