الإجهاض عند الخيول: دليل شامل للأسباب والأعراض والوقاية
يُعَدُّ الإجهاض عند الفرس من أصعب التجارب التي قد يمرّ بها مالك الخيل أو المربّي، إذ يؤثِّر بشكل مباشر في صحة الفرس ونجاح برامج التربية. يحدث الإجهاض عندما يُطرد الجنين قبل اليوم ٣٠٠ من الحمل (أو ما بين ٤٢–٣٠٠ يوم تحديداً)، وقد تتعدد أسبابه ما بين معدية وغير معدية. في هذا الدليل، نستعرض بالتفصيل أهم العوامل المسببة، والعلامات التحذيرية، وطرق التشخيص، وأفضل سُبل العلاج والوقاية.
لماذا يحدث الإجهاض عند الفرس؟
تتَّسم أسباب الإجهاض بالتعقيد والتداخل؛ إذ قد يكون العامل الرئيسي فطريًّا أو بكتيريًّا أو فيروسيًّا، أو نتيجة عوامل بيئية أو غذائية. يمكن تقسيمها كما يلي:
أولاً: الأسباب المعدية
- فيروس الهربس الخيلي من النمط الأول (EHV-1): المسؤول الأكبر عن حالات الإجهاض الفيروسي في الخيول حول العالم.
- البكتيريا: مثل Streptococcus zooepidemicus وEscherichia coli، التي تصل عادةً إلى الرحم عبر عنق الرحم أو مجرى الدم.
- الفطريات: عادة ما تنشأ من بيئة رطبة أو علف متعفّن، وتؤدي إلى التهاب مشيمة الفرس.
- الطفيليات: مثل ديدان Neospora، رغم ندرتها في الخيول مقارنةً بالأبقار.
ثانيًا: الأسباب غير المعدية
- الحمل التوأمي: نادرًا ما يحتفظ به الخيل حتى الولادة، إذ يفشل أحد الأجنة أو كلاهما في التطور.
- الاختلالات الهرمونية: نقص هرمون البروجسترون في المراحل المبكرة قد يعرّض الجنين للخطر.
- عيوب الحبل السُّري: التفافه حول الجنين أو طوله المفرط يقطع إمداد الدم.
- العمر المتقدم للفرس: يرفع معدّل المضاعفات الحملية.
- النقص الغذائي: مثل نقص السيلينيوم أو اليود، ما يضعف نمو المشيمة والجنين.
ثالثًا: السموم والنباتات الضارّة
بعض الأعلاف أو النباتات تحتوي على سموم طبيعية تؤثر في سلامة الحمل:
- عشب الفيسكيو الطويل (Tall Fescue) المُصاب بفطر Neotyphodium coenophialum؛ يسبب انقباضات رحمية ويطيل مدة الحمل ويؤدي غالبًا إلى موت الجنين.
- سموم العفن (Mycotoxins): تنتج عن تخزين الحبوب أو الأعلاف في بيئة رطبة.
- النترات الزائدة: في الأعلاف التي تتعرّض لكميات كبيرة من الأسمدة الكيميائية.
علامات تشير إلى قرب حدوث الإجهاض
يتفاوت توقيت ظهور العلامات باختلاف سبب الإجهاض، لكن الأكثر شيوعًا:
- ظهور ضرع الفرس مُبكرًا أو تسرب اللبأ (الشمع) قبل موعده.
- إفرازات مهبلية قد تكون شفافة أو لزجة أو مختلطة بالدم.
- ألم بطني شبيه بنوبات المغص.
- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة أو علامات عدوى عامة.
- قلة نشاط الفرس ورفضها للأكل.
“كلما تم اكتشاف العلامات التحذيرية بصورة مبكرة، زادت فرصة التدخل وعلاج السبب الجذري قبل فقدان الجنين.” – طبيب بيطري مختص بتكاثر الخيول
طرق التشخيص
يبدأ الطبيب البيطري بفحص سريري كامل يتبعه تقنيات تشخيصية متقدمة:
- الموجات فوق الصوتية عبر المستقيم: لرصد نبض قلب الجنين، وسلامة المشيمة والسوائل.
- الفحص باليد (الجسّ المستقيمي): لتقدير حجم الرحم وموقع الجنين.
- تحليل إفرازات المهبل أو عيّنات من السوائل الجنينية: بحثًا عن بكتيريا أو فطريات.
- اختبارات الدم: لقياس مستويات الهرمونات (مثل البروجسترون) أو مؤشرات العدوى.
- فحص الجنين والمشيمة بعد الإجهاض: أهم خطوة لتحديد السبب ومنع تكراره.
خيارات العلاج والتعامل أثناء الإجهاض
ليس من السهل إيقاف عملية الإجهاض في معظم الحالات، لكن يمكن اتخاذ تدابير تحدُّ من المضاعفات:
- علاج العدوى البكتيرية بالمضادات الحيوية المناسبة بعد اختبار الحساسية.
- استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتخفيف الألم وتقليل التهيُّج الرحمي.
- دعم الفرس بالسوائل الوريدية والكهارل للحفاظ على الدورة الدموية.
- في حالات النقص الهرموني، يُعطى البروجسترون الصناعي (مثل Regumate®) حتى اليوم ٣٠٠ تقريبًا.
- إزالة الأغشية الجنينية المحتبسة يدويًا أو طبيًا لتجنّب التهاب الرحم.
رعاية ما بعد الإجهاض
الرعاية الجيدة عقب الإجهاض ضرورية لعودة الفرس إلى صحتها الطبيعية:
- مراقبة الحرارة، والنبض، والتنفس يوميًا لمدة أسبوع.
- تحليل مسحة من الرحم بعد ٧–١٠ أيام للتأكد من خلوه من العدوى.
- توفير بيئة نظيفة وجافة، وتجنب إجهاد الفرس لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل.
- تقييم وضع الفرس التغذوي وتحسين الأعلاف الغنية بالمعادن والفيتامينات.
- إجراء لقاح وقائي إذا ثبت أن السبب فيروسيًّا، لحماية الأفراس الأخرى.
استراتيجيات الوقاية طويلة الأمد
- اللقاحات الدورية: خاصة لقاح EHV-1 خلال أشهر الحمل (الشهر الخامس والسابع والتاسع).
- تقنيات الكشف المبكر عن التوأم: باستخدام الموجات فوق الصوتية بعد اليوم ١٤ من التلقيح، وتقليل الجنين الإضافي إن وُجد.
- مراقبة المراعي والأعلاف: تجنُّب العشب المصاب بالفطر، وتخزين الحبوب في أماكن جافة.
- عزل الأفراس المريضة: وعدم مشاركتها الأدوات أو الحظائر مع غيرها.
- الفحوص البيطرية المنتظمة: مرة كل شهر على الأقل أثناء الحمل.
أسئلة شائعة
هل يمكن للفرس الحمل مجددًا بعد الإجهاض؟
غالبية الأفراس تعود خصوبتها إلى طبيعتها خلال دورة أو دورتين حراريتين إذا كان سبب الإجهاض غير مزمن وتم علاجه.
متى يمكن إعادة تلقيح الفرس؟
يوصي الأطباء بالانتظار دورة حرارية كاملة على الأقل للسماح للرحم بالشفاء، وقد تمتد الفترة لأكثر من ذلك بحسب سبب الإجهاض.
هل تؤثر العوامل الوراثية في الإجهاض؟
العوامل الوراثية نادرة ولكنها ممكنة، خاصة في حال وجود تشوهات صبغية. الفحص النسيجي للجنين يُظهر ذلك.
في النهاية، يظل الاكتشاف المبكر والمتابعة البيطرية المنتظمة حجرَ الأساس للحفاظ على حمل سليم والحدّ من خسائر الإجهاض.
المراجع
- ك. إتش. بتلر. “النباتات السامة والسموم الفطرية وتأثيرها على حمل الخيول.” , 2020. www.horseandhound.co.uk