مرض بورنا في الخيول: الدليل الشامل للأسباب، الأعراض وخيارات العلاج
يُعدّ مرض بورنا أحد الأمراض العصبية الفيروسية النادرة ولكن الخطيرة التي يمكن أن تُصيب الخيول، وقد سُمّي بهذا الاسم نسبةً إلى مدينة بورنا الألمانية حيث وُصف لأول مرة في القرن التاسع عشر. بالرغم من ندرة الحالات، فإن سرعة تطور الأعراض وحدّة المضاعفات تجعل من الضروري لكل مربي أو طبيب بيطري فهم هذا المرض وطرق التعامل معه.

ما هو مرض بورنا؟
مرض بورنا هو عدوى يسببها فيروس بورنا (Borna disease virus – BoDV-1)، وهو فيروس يصيب الجهاز العصبي المركزي في الثدييات والطيور على حد سواء. لدى الخيول، يؤدي الفيروس إلى التهاب الدماغ والسحايا، ما ينتج عنه أعراض عصبية تتراوح بين اضطرابات سلوكية خفيفة وحتى شلل واضطرابات حركية قاتلة.
تنبع خطورة المرض من قدرة الفيروس على غزو الخلايا العصبية مباشرة والتسبب في خلل مناعي يدمّر أنسجة الدماغ بدلاً من مهاجمة الفيروس وحده.
أسباب العدوى وطريقة الانتقال
لا يزال المسار الدقيق لانتقال الفيروس غير مفهوم بالكامل، إلا أنّ الدراسات تشير إلى:
- احتمالية انتقال الفيروس عبر مفرزات الأنف أو اللعاب من الحيوانات المصابة.
- خطر العدوى المتبادل بين الخيول، الأغنام، الماشية وبعض القوارض البرية التي يُعتقد أنها مخزن طبيعي للفيروس.
- إمكانية انتقال الفيروس عبر الأدوات الملوّثة أو بيئات الإسطبل غير النظيفة.
من المهم جدًا تطبيق تدابير الأمان الحيوي الصارمة في الإسطبلات للحد من انتشار الفيروس.
الأعراض والعلامات السريرية
تظهر أعراض مرض بورنا عادةً بعد فترة حضانة قد تمتد من أسابيع إلى أشهر، وتتضمن ما يلي:

- تغيرات سلوكية: اكتئاب، قلق أو عدوانية غير مفسرة.
- اضطرابات حركية: رُعاش، اختلال التوازن، تعثر أو دوران في دائرة واحدة.
- علامات عصبية: ميل الرأس، شلل جزئي للأطراف، صعوبة في البلع أو مضغ الطعام.
- قصور في الرؤية: قد يصل الأمر إلى العمى الجزئي أو الكامل.
- خمول وفقدان شهية: يتبعها فقدان وزن سريع.
للأسف، يُعتبر معدل الوفيات مرتفعًا ما لم يُقدَّم دعم بيطري فوري وشامل.
التشخيص
يُعدّ تشخيص مرض بورنا تحديًا نظرًا لتداخل أعراضه مع أمراض عصبية أخرى. يعتمد الأطباء البيطريون على:
- التاريخ المرضي والفحص السريري: تقييم شامل للأعراض السلوكية والعصبية.
- اختبارات مخبرية: تحليل السائل الدماغي الشوكي (CSF) للبحث عن مؤشرات التهابات فيروسية.
- تقنيات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): للكشف عن الحمض النووي الفيروسي في عينات الدم أو CSF.
- اختبارات مصليّة (ELISA): لقياس الأجسام المضادة ضد الفيروس.
- الخزعة أو الفحص النسيجي بعد الوفاة: لتأكيد التشخيص في الحالات القاتلة.

العلاج والرعاية الداعمة
لا يوجد في الوقت الحالي علاج مضاد فيروسي مُعتمد خصيصًا لفيروس بورنا في الخيول، ولكن يشمل نهج الرعاية:
- العلاج الداعم: سوائل وريدية، توازن الكهارل، ودعم تغذوي عبر أنبوب معدي عند الحاجة.
- الأدوية المضادة للالتهاب: كورتيكوستيرويدات لتقليل استجابة المناعة الذاتية التي تُفاقم تلف الدماغ.
- مضادات الاختلاج: للسيطرة على النوبات أو الرعاش الشديد.
- مهدئات وأدوية سلوكية: لتهدئة الخيل وجعلها أكثر أمانًا للعناية بها.
قد يُظهر بعض الخيول تحسّنًا جزئيًا، لكن العديد من الحالات يتطور بشكل سيئ. إن اتخاذ قرار القتل الرحيم قد يكون هو الخيار الإنساني في المراحل المتقدمة مع تدهور نوعية الحياة.

إدارة الخيل بعد التشخيص
إذا نجا الحصان من المرحلة الحادة، فستحتاج إلى خطة متابعة طويلة الأمد تشمل:
- إعادة التأهيل الحركي لتحسين التوازن والقوة العضلية.
- بيئة هادئة وخالية من أي عقبات قد تسبب السقوط.
- متابعة بيطرية دورية لتقييم الحالة العصبية وضبط الأدوية.
الوقاية وتدابير الأمان الحيوي
حتى الآن، لا تتوفر لقاحات تجارية معتمدة ضد فيروس بورنا، لذلك تبقى الوقاية هي حجر الأساس:

- عزل أي حصان تظهر عليه أعراض عصبية على الفور.
- تعقيم أدوات الإسطبل بانتظام، خاصة المشارِكة بين الخيول.
- منع القوارض البرية من الدخول إلى مناطق الإيواء.
- تقييد حركة الخيول بين المزارع إلا بعد فحص بيطري دقيق.
الأسئلة الشائعة
هل ينتقل مرض بورنا إلى البشر؟
هناك دراسات محدودة تفترض إمكانية انتقال BoDV-1 إلى البشر، لكن الحالات المؤكدة نادرة للغاية. على أي حال، يُنصَح بارتداء قفازات وملابس واقية عند التعامل مع خيل مصاب.
هل يمكن لحصان مصاب أن يشفى تمامًا؟
الشفاء الكامل نادر، لكن التدخل المبكر والرعاية الداعمة قد يحسّن فرص البقاء ويُبقي بعض الأعراض تحت السيطرة.
كيف أميز بين مرض بورنا وأمراض عصبية أخرى؟
التشخيص الدقيق يتطلب اختبارات PCR وفحص CSF؛ الأعراض وحدها قد تتداخل مع السعار، التهاب الدماغ الخيولي الشرقي أو الغربي، وغيرها.
خلاصة
يُشكّل مرض بورنا تهديدًا حقيقيًا لصحة الخيول على الرغم من ندرته. إن الوعي بالأعراض الأولى، وطلب الرعاية البيطرية العاجلة، وتطبيق ممارسات الأمان الحيوي في الإسطبل هي أفضل دفاع ضد هذا الفيروس المعقّد. إذا كنت تشك في إصابة حصانك، لا تتردد في التواصل مع طبيبك البيطري للحصول على تشخيص وخطة علاج مخصصة.
تنويه: المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض التثقيف فقط، ولا تغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص.








