شلل العصب الوجهي لدى الخيول: دليل شامل للأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
يُعَدّ شلل العصب الوجهي (Facial Nerve Paralysis) أحد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً لدى الخيول، وهو حالة تُفقِد الحصان القدرة على تحريك بعض أو كل عضلات الوجه. يمكن أن يكون الشلل دائماً أو مؤقتاً، جزئياً أو كلياً، تبعاً لسبب الإصابة ومدى تضرّر العصب السابع المسؤول عن الإحساس والحركة في الوجه.
في هذا الدليل الشامل، نستعرض أهم المعلومات التي يحتاجها كل مالك خيل أو طبيب بيطري حول هذه الحالة: من فهم دور العصب الوجهي وأسباب الشلل، مروراً بالأعراض المُنذِرة، وصولاً إلى أحدث طرق التشخيص والعلاج والرعاية الوقائية.

ما هو العصب الوجهي ولماذا هو مهم؟
العصب الوجهي (Cranial Nerve VII) يخرج من قاعدة الجمجمة ويمتد على جانبي الرأس حتى يصل إلى عضلات الوجه، حيث يتحكّم في:
- حركة الأذنين، ما يساعد الحصان على توجيهها نحو الأصوات المختلفة.
- إغلاق الجفن بشكل لا إرادي لحماية العين من الأجسام الغريبة والجفاف.
- حركة الشفاه والأنف ما يسهم في تناول الطعام والماء والتعبير عن الانفعالات.
- إفراز الدموع واللعاب عن طريق بعض الألياف اللا إرادية.
بالتالي فإن أي تلف في هذا العصب ينعكس مباشرةً على جودة حياة الحصان وقدرته على الرؤية والأكل والتواصل.
الأسباب الشائعة لشلل العصب الوجهي
تتعدد المسبّبات، إلا أن أكثرها شيوعاً يشمل:
- الإصابات الرضّية: كضربة على جانب الرأس، سقوط، أو ضغط لجمجمة الحصان داخل عربة النقل.
- التهاب الأذن الوسطى أو الداخلية: يمكن أن يمتد الالتهاب ليؤثر في مسار العصب.
- الأمراض العصبية المركزية: مثل التهاب الدماغ أو التهاب السحايا.
- الأورام: الأورام التي تنمو بالقرب من قاعدة الجمجمة قد تضغط على العصب.
- نقص الأكسجين بعد التخدير: ضغط متواصل على جانب الرأس أثناء الجراحة قد يؤدي إلى تلف مؤقت.
- أسباب مجهولة (Idiopathic): حيث يعجز الطبيب عن تحديد سبب واضح، لكن الحالة قد تتحسن تلقائياً بمرور الوقت.
الأعراض والعلامات السريرية
يُشتبه في شلل العصب الوجهي عند ظهور واحد أو أكثر من الأعراض التالية:
- غياب حركة الأذن أو عدم قدرتها على الانتصاب.
- تبقّع الدموع أو تدفقها بسبب عدم إغلاق الجفن (تعرّض القرنية للجفاف).
- تدلّي الشفّة العلوية أو السفلية وانحراف الخطم (المَخْطِم) إلى أحد الجانبين.
- صعوبة في المضغ واحتجاز الطعام في الفم، ما يؤدي إلى سقوطه من الجانبين.
- سيلان اللعاب باستمرار.
- صعوبة في شرب الماء مع تساقطه من الفم أو الأنف.
- تضاؤل الاستجابة للمس على جانب الوجه المصاب في بعض الحالات.

مضاعفات محتملة عند إهمال العلاج
إهمال شلل العصب الوجهي قد يؤدي إلى:
- قرحة القرنية نتيجة جفاف العين وانكشافها.
- فقدان الوزن بسبب صعوبة الأكل.
- التهاب ثانوي في التجويف الفموي أو الأذن.
- تندّب دائم للعضلات وفقدان الحس الجلدي في المنطقة المصابة.
آليات التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على مزيج من الفحص السريري والأدوات التشخيصية لتحديد السبب الحقيقي، ويتضمن ذلك:
معلومة هامة: كلما تم تحديد السبب الأساسي بدقة وسرعة، زادت فرص الشفاء الكامل للحصان.
- الفحص العصبي الكامل: لتقييم جميع الأعصاب القحفية واستبعاد أي اضطراب عصبي شامل.
- التصوير بالأشعة السينية أو المقطعية (CT): للكشف عن كسور الجمجمة أو التهابات الأذن.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): عند الحاجة لإظهار الأنسجة الرخوة وتتبّع مسار العصب.
- تنظير الأذن (Endoscopy): لاكتشاف التهابات أو أجسام غريبة في قناة الأذن.
- تحليل السائل النخاعي (CSF): إذا اشتبه في التهاب دماغي أو سحايا.
- اختبارات الدم: للتحقق من الالتهابات الجهازية أو الاضطرابات الأيضية.

خيارات العلاج وإدارة الحالة
1. العلاج الدوائي
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): لتقليل التورّم حول العصب.
- الستيرويدات: تُعطى بجرعات محدودة للحد من الالتهاب الشديد.
- المضادات الحيوية: عند وجود عدوى بكتيرية في الأذن أو الجهاز العصبي.
- مضادات الأكسدة وفيتامينات المجموعة «ب»: لدعم تجدد الأعصاب.
2. العناية بالعين
بسبب عدم قدرة الحصان على إغلاق جفنه بالكامل، يصبح أكثر عرضة لالتهاب القرنية. تشمل الرعاية:
- استخدام مراهم أو قطرات تشحيم العين كل 4–6 ساعات.
- تركيب عدسة لاصقة علاجية أو خياطة جزئية للجفن لحماية القرنية مؤقتاً.
- وضع غطاء واقٍ للعين أو قناع ذبّاب (Fly Mask) لمنع الغبار والحشرات.

3. العلاج الفيزيائي
- تدليك عضلات الوجه يومياً لتحسين الدورة الدموية ومنع الضمور.
- تمارين تحفيز حركي خفيف بمساعدة مختص.
- العلاج بالليزر منخفض الشدة أو التحفيز الكهربائي للأعصاب في بعض المراكز البيطرية المتقدمة.
4. التدخل الجراحي
قد يُوصَى بالجراحة في حالات الأورام أو الانضغاط الميكانيكي للعصب، مثل:
- استئصال كتلة ضاغطة.
- تنظيف الأذن الوسطى واستئصال الأجزاء الملتهبة المزمنة.
الرعاية المنزلية والنصائح الوقائية
يعتمد نجاح العلاج على التزام المالك بالتعليمات البيطرية:
- توفير غذاء طري أو مبلل لتسهيل المضغ.
- إبقاء الحصان في مكان آمن يتجنّب فيه الاحتكاك بجدران أو أبواب قد تؤذي وجهه.
- مراقبة العين يومياً والإبلاغ عن أي احمرار أو إفرازات.
- فحص الأذنين والعناية الدورية بنظافتهما لتجنّب الالتهابات.
- توفير فترات راحة متكررة عند السفر وتثبيت الرأس بطريقة صحيحة خلال النقل.
مآل المرض وفرص التعافي
تختلف فرص الشفاء تبعاً لسبب الشلل ومدى تلف العصب:
- في الحالات المجهولة أو الطفيفة: يعود العصب لوظيفته الطبيعية خلال أسابيع إلى أشهر.
- عند وجود إصابة رضّية متوسطة: قد يصاب الحصان ببعض التشوّه الدائم في الشفاه مع تحسّن ملحوظ في باقي الوظائف.
- أما في حالات الأورام أو الالتهاب المزمن: فقد يكون الشلل دائماً وتتطلّب الحالة رعاية طويلة الأمد للحفاظ على جودة الحياة.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يمنع العلاج المبكر حدوث المضاعفات؟
نعم، التدخل العلاجي خلال الأيام الأولى يقلل بشكلٍ كبير من خطر قرح القرنية وفقدان الوزن.
هل تحتاج كل حالة إلى تصوير بالرنين المغناطيسي؟
ليس بالضرورة؛ يستخدم التصوير المتقدّم عند الاشتباه في أورام أو إصابة عميقة يصعب الكشف عنها بالأشعة السينية.
هل يمكن للحصان العودة إلى العمل الرياضي الكامل؟
في كثير من الحالات، خصوصاً إذا كان الشلل مؤقتاً، يستطيع الحصان الرجوع إلى نشاطه المعتاد بعد التعافي الكامل وتقييم الطبيب البيطري.
ختاماً
يُعَدّ شلل العصب الوجهي تحدياً صحياً خطيراً، لكن الفهم الجيد للأسباب والأعراض، مع تشخيص دقيق وعلاج مبكر، يمنح حصانك أفضل فرصة للتعافي والعودة إلى حياته الطبيعية. استشر طبيبك البيطري فور ملاحظة أي تغيّر في تعبير وجه الحصان أو سلوكه؛ فالوقت عامل حاسم في حماية صحته وجودته حياته.








