الجمرة الخبيثة في الخيول: الدليل الشامل للأعراض، التشخيص، والعلاج
تُعَدّ الجمرة الخبيثة من أخطر الأمراض البكتيرية التي يمكن أن تُصيب الخيول، إذ تنتج عن بكتيريا Bacillus anthracis القادرة على تشكيل أبواغ شديدة المقاومة تعيش في التربة لسنوات. ورغم أن الحالات نادرة نسبيًا، إلا أن حدوث إصابة واحدة قد يُهدِّد القطيع بأكمله ويُعرّض البشر المحيطين للخطر، ما يجعل الوعي المبكر والتدخُّل السريع أمرين بالغَي الأهمية.

ما هي الجمرة الخبيثة؟
الجمرة الخبيثة مرض مُعْدِ وقاتل يطال الثدييات، منها الخيول والماشية وحتى البشر. العدوى تحدث عادةً عند ابتلاع أو استنشاق الأبواغ البكتيرية، أو من خلال دخولها عبر جروح الجلد. بمجرد تنشُّط الأبواغ داخل الجسم، تُطلِق البكتيريا سمومًا قوية تخرِّب الأنسجة وتُحدث تسممًا دمويًا سريعًا.
خصائص البكتيريا المسببة
Bacillus anthracis بكتيريا عصوية مُكوِّنة للأبواغ، قادرة على البقاء في ظروف مناخية قاسية. عند موت الحيوان المصاب وتعرّض الجثة للهواء، تتحرر الأبواغ وتلوّث البيئة المحيطة، ما يُتيح إعادة العدوى بعد سنوات.

طرق انتقال العدوى لدى الخيول
- ابتلاع الأبواغ عبر تناول علف أو ماء مُلوث.
- الاستنشاق أثناء نوبات الغبار أو حفر التربة الملوّثة.
- اختراق الجلد في حال وجود جروح مفتوحة أو لدغات حشرات.
- التغذية على جثث حيوانات نافقة مصابة بالمرض.

الأعراض السريرية الأكثر شيوعًا
- ارتفاع شديد في درجة الحرارة (قد يتجاوز 41°م).
- وهن عام وخمول مفاجئ.
- تورم ملحوظ في الرقبة، الصدر، البطن أو الأعضاء التناسلية.
- صعوبات تنفُّس حادة مع أنين أو سعال.
- مغص، إسهال دموي أو خروج دم قاتم من الفم والأنف والشرج.
- نوبات هلع أو ترنّح تسبق الموت المفاجئ.

متى يُعدّ الوضع طارئًا؟
أي ظهور لحمّى فجائية مصحوبة بتورم موضعي أو نفوق غير مُبرّر في المزرعة يستدعي التواصل الفوري مع الطبيب البيطري، قبل إجراء أي تشريح أو نقل للجثة.
كيفية تشخيص الجمرة الخبيثة
يُشكّل التشخيص تحديًا نظراً لسرعة تطوّر المرض وخطر تلوُّث البيئة. تشمل وسائل التشخيص:
- مسحة دم طرفية وفحصها مجهريًّا لاكتشاف عصيات موجبة وسلبية الصبغة.
- اختبار PCR لتأكيد هوية B. anthracis.
- عزل البكتيريا في مختبر عالي الأمان الحيوي (BSL-3).
- ملاحظة الأعراض السريرية الجماعية في القطيع.

خيارات العلاج المتاحة
فرص النجاة تعتمد على بدء العلاج قبل وصول السموم إلى مستويات قاتلة. يوصي الأطباء البيطريون عادةً بـ:
- البنسلين G procaine أو الأوكسيتتراسيكلين بجرعات عالية لمدة 5–7 أيام.
- مضادات سموم داعمة في المناطق التي يتوفر فيها مصل مضاد للجمرة الخبيثة.
- علاج داعم: سوائل وريدية، خافض حرارة، ومسكِّنات ألم عند الحاجة.

إجراءات العزل والسلامة الحيوية
- عزل الحيوان المصاب فورًا في حظيرة مُغلقة.
- ارتداء ملابس واقية وقفازات وأقنعة N95+.
- تطهير جميع المعدات بمحاليل تحتوي 5٪ هيبوكلوريت الصوديوم أو 3٪ فورمالين.
- عدم فتح جثث الحيوانات النافقة؛ حرقها أو دفنها بعمق مع الجير الحي.

اللقاح ودوره في الوقاية
يتوفر لقاح حي مُضعَّف للجمرة الخبيثة ويُوصى به في المناطق الموبوءة:
- يعطى مرة سنويًا قبل موسم الأمطار، أو كل 6 أشهر في المناطق عالية الخطورة.
- تجنّب إعطاء المضادات الحيوية لمدة أسبوعين بعد التطعيم لتفادي تثبيط الاستجابة المناعية.

هل تنتقل الجمرة الخبيثة إلى الإنسان؟
نعم، تُعَدّ من الأمراض المشتركة. قد يُصاب البشر عبر ملامسة الأنسجة الملوّثة أو استنشاق الأبواغ. يُستحسن:
- ارتداء ملابس واقية عند التعامل مع الخيول المشتبه إصابتها.
- غسل اليدين جيّدًا وتطهير الأدوات باستمرار.
- الإبلاغ الفوري للسلطات الصحية البيطرية.

إرشادات الوقاية طويلة المدى على مستوى المزرعة
- إجراء فحص سنوي للتربة في المناطق التاريخية للمرض.
- تطبيق برنامج تطعيم دوري للخيول والماشية المجاورة.
- إدارة المراعي بتصريف جيد للمياه لمنع ركودها وتكاثر الأبواغ.
- تخزين الأعلاف في أماكن جافة بعيدًا عن القوارض والحشرات.
- التخلص الآمن من جثث الحيوانات، مع حظر الرعي في مكان الدفن لمدة عامين.

أسئلة شائعة
هل يمكن علاج الجمرة الخبيثة بدون مضادات حيوية؟
لا، فالمضادات الحيوية هي خط الدفاع الرئيسي ضد تكاثر البكتيريا وإنتاج السموم.
هل التطعيم يوفّر مناعة كاملة؟
يمنح اللقاح حماية عالية لكنه لا يُغني عن إجراءات السلامة الحيوية، خاصة في فترات التفشي.
متى يمكن إعادة إدخال الخيل المُتعافي إلى القطيع؟
بعد إتمام دورة العلاج، وإجراء فحوص مخبرية تؤكد خلو الدم من البكتيريا، مع تطبيق حجر صحي لا يقل عن 14 يومًا.
تنويه: تهدف هذه المقالة إلى التوعية ولا تُعَدّ بديلًا عن استشارة الطبيب البيطري المختص.
المراجع
- عماد الباز. “الإجراءات البيطرية للوقاية من الجمرة الخبيثة..” , 2019-04-10. www.frontiersin.org








