الخرف لدى الكلاب والقطط: الدليل الشامل لفهم متلازمة القصور الإدراكي وكيفية التعامل معها
مع تقدّم الرعاية البيطرية وجودة التغذية، تعيش حيواناتنا الأليفة أعماراً أطول من أي وقت مضى. غير أن هذا العمر المديد يحمل معه بعض التحدّيات الصحية، وعلى رأسها متلازمة القصور الإدراكي (Cognitive Dysfunction Syndrome) أو ما يُشبه «ألزهايمر» في البشر. في هذا الدليل الشامل سنساعدك على فهم الحالة، التعرّف إلى أعراضها، واتباع أفضل السبل لدعم الكلاب والقطط المُسنّة.

ما هي متلازمة القصور الإدراكي؟
هي حالة تنكسية تصيب الدماغ مع التقدّم في العمر وتؤدي إلى مجموعة من التغيّرات السلوكية والمعرفية. يُطلق عليها أحياناً «الخرف» أو «ديمانسيا الحيوانات» وتظهر عادة بعد سن 7–10 سنوات، مع ارتفاع ملحوظ في الكلاب والقطط الأكبر من 11 عاماً.
الفرق بين الشيخوخة الطبيعية والخرف
- الشيخوخة الطبيعية: بطء في الحركة، ازدياد فترات النوم، وتغييرات طفيفة في السلوك.
- الخرف: ارتباك، دوران في المكان، نسيان الأوامر أو أماكن الطعام والمرحاض، تغيرات في دورة النوم/اليقظة، ويمكن أن تتفاقم بمرور الوقت.
علامات وأعراض المتلازمة
عند الكلاب
- الحيرة وفقدان الاتجاه داخل المنزل أو الفناء.
- التحديق في الفراغ أو الوقوف أمام الجدران.
- تراجع التفاعل الاجتماعي مع العائلة والحيوانات الأخرى.
- التبول أو التبرز داخل المنزل رغم التدريب المسبق.
- تغيّرات النوم: الأرق ليلاً والنوم نهاراً.
- النباح بلا سبب واضح، خصوصاً ليلاً.

عند القطط
- المواء بصوت مرتفع ومتكرر خاصة بعد منتصف الليل.
- التجوّل أو الدوران في أرجاء المنزل دون هدف.
- نسيان مكان صندوق الفضلات أو تجنُّب استخدامه.
- التعلق المفرط أو بالعكس الانعزال التام.
- نقص الشهية أو تغيّر ملحوظ في الوزن.

مدى انتشار المتلازمة
تشير الدراسات إلى أن نحو 68٪ من الكلاب بعمر 15–16 عاماً تظهر عليها درجة ما من القصور الإدراكي. أما القطط، فيُصاب قرابة 28٪ منها بين 11 و14 عاماً، وترتفع النسبة إلى 50٪ في الأعمار فوق 15 عاماً.
الأسباب والعوامل المؤثرة
- ترسّبات بيتا أميلويد في الدماغ، مشابهة لتلك المسببة لمرض ألزهايمر.
- تراجع تدفق الدم (نقص التروية).
- الإجهاد التأكسدي والتهاب الخلايا العصبية.
- اختلال التوازن الكيميائي للناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين.
- عوامل وراثية وسلالية (بعض السلالات أكثر عرضة).
كيف يشخّص الطبيب البيطري الحالة؟
يعتمد التشخيص على استبعاد الأمراض الأخرى المشابهة عبر:
التاريخ والسلوك
طرح أسئلة مفصّلة حول التغيّرات اليومية، عادات النوم، وأنماط التفاعل.
الفحص البدني والعصبي
لتقييم ردود الفعل العصبية وتحديد أي مشكلات عضوية ظاهرة.
الفحوصات المخبرية
- تحليل دم شامل ووظائف كبد وكُلى.
- تحليل هرموني لاستبعاد اضطرابات الغدد الصماء.
التصوير المتقدم
قد يوصي الطبيب بأشعة رنين مغناطيسي (MRI) أو مقطعية (CT) لاستبعاد الأورام أو إصابات الدماغ.

خيارات العلاج والتعامل
لا يوجد علاج شافٍ حتى الآن، لكن يمكن إبطاء تطوّر المرض وتحسين جودة الحياة عبر مجموعة من الأساليب التكاملية:
1. تعديل البيئة ونمط الحياة
- الالتزام بروتين يومي ثابت للوجبات والتمشية والنوم.
- توفير ألعاب ذهنية وألغاز غذائية لتحفيز الدماغ.
- زيادة التمرين البدني بما يناسب الحالة الصحية للحيوان.
- استعمال أضواء خافتة ليلاً لتقليل القلق والتوتر.

2. التغذية العلاجية والمكملات
توصي الأبحاث بحميات غنية بـالأحماض الدهنية أوميغا-3، ومضادات الأكسدة مثل فيتامينَي E وC، ومركّب L-Carnitine ومتوسط السلسلة الدهنية (MCT). قد يضيف الطبيب:
- SAMe لتحسين وظائف الكبد ودعم الدماغ.
- Phosphatidylserine لتعزيز الإشارات العصبية.
- Ginkgo biloba لتحسين الدورة الدموية الدماغية (تحت إشراف بيطري صارم).
- مزيج بروبيوتيك لدعم محور الأمعاء–الدماغ.

3. الأدوية
- Selegiline (Anipryl®): الدواء الوحيد الموافق عليه للكلاب، ويُستخدم أحياناً «خارج التوصيات» للقطط.
- Propentofylline: يحسّن جريان الدم للدماغ (متوافر في بعض البلدان).
- أدوية القلق مثل fluoxetine أو trazodone عند الحاجة.
تحسين جودة الحياة داخل المنزل
- استخدام سجاد غير قابل للانزلاق وممرات مضاءة ليلاً.
- تثبيت منحدرات بدلاً من الأدراج أو الأرائك المرتفعة.
- رفع أوعية الطعام والماء لتقليل إجهاد المفاصل.
- التأكد من سهولة الوصول إلى صندوق الفضلات أو الفناء.

تذكّر: الحفاظ على التواصل الهادئ واللمسات اللطيفة يمكن أن يطمئن الحيوان المُسن ويخفّف من شعوره بالارتباك.
الوقاية: ماذا يمكن أن نفعل من الآن؟
- تحفيز ذهني مستمر عبر التدريب والألعاب.
- نظام غذائي متوازن بدءاً من مرحلة البلوغ.
- تمارين منتظمة للحفاظ على وزن وصحة القلب.
- فحوصات بيطرية نصف سنوية بعد عمر السبع سنوات.
متى ينبغي طلب مساعدة الطبيب البيطري؟
إذا لاحظتَ أي تغيّر مفاجئ أو تدريجي في سلوك حيوانك الأليف—خصوصاً الارتباك، الحوادث المنزلية، أو صعوبة التعرّف إلى الأشخاص—فحدّد موعداً في أقرب وقت. التشخيص المبكر يُحسِّن بشكل كبير من فاعلية التدخلات.
الخلاصة
متلازمة القصور الإدراكي ليست حكماً نهائياً على نوعية حياة حيوانك الأليف. من خلال التشخيص المبكر، والتغذية المناسبة، والتحفيز الذهني المستمر، يمكنك إبطاء التقدّم المرضي ومنح صديقك الوفي سنوات إضافية مليئة بالحب والراحة.