مقدمة سريعة
تُعد الكلى عند القطط بمثابة محطة تنقية دقيقة مسؤولة عن ترشيح السموم، موازنة الأملاح، والمحافظة على ضغط الدم. أي خلل في هذا العضو الحساس قد يؤدي إلى أعراض خطيرة تؤثّر مباشرة في جودة حياة قطّك.
ما هي أمراض الكلى الخلقية والتطورية؟
يشير مصطلح «أمراض الكلى الخلقية» إلى التشوّهات أو العيوب التي تنشأ خلال مرحلة نمو الجنين وقبل ولادة القطة. أمّا «الأمراض التطورية» فتظهر خلال الأشهر أو السنوات الأولى من العمر مع استمرار نمو الكلى. في كلتا الحالتين يولد القط مع كلية غير مكتملة أو غير سليمة وظيفيًا.

لماذا تُعدّ الكلى عضوًا حيويًا؟
تعمل الكلى على:
- إزالة الفضلات النيتروجينية من الدم وإخراجها عبر البول.
- الحفاظ على توازن السوائل والأملاح (الصوديوم، البوتاسيوم، الفوسفور).
- إنتاج هرمون الإريثروبويتين المسؤول عن تحفيز نخاع العظم على إنتاج خلايا الدم الحمراء.
- المشاركة في تنظيم ضغط الدم عبر نظام الرينين-أنجيوتنسين.
أكثر التشوّهات الكلوية شيوعًا
تتضمّن قائمة التشوّهات الخلقية والتطورية التي قد تصيب القطط:
- غياب الكلية (Renal Agenesis): ولادة القطة بكلية واحدة أو دون كليتين (نادرة جدًا).
- كلية صغرية (Renal Hypoplasia): تطوّر الكلية بحجم أصغر من الطبيعي مع عدد أقل من الوحدات الكلوية.
- خلل التنسّج الكلوي (Renal Dysplasia): وجود نسيج كلوي غير طبيعي يعيق الوظيفة.
- مرض التكيس الكلوي متعدد الكيسات (Polycystic Kidney Disease – PKD): نمو أكياس مملوءة بالسوائل داخل الكلية، وهو شائع لدى القطط الفارسية والهيمالايا.
- التهاب الكلية الكيسي النخاعي (Medullary Cystic Disease): أكياس صغيرة في اللبّ الكلوي تؤدي إلى فقدان القدرة على تركيز البول.

علامات وأعراض قد تلاحظها
غالبًا ما تبدأ العلامات بشكل خفي ثم تتطوّر تدريجيًا مع تقدّم القط في العمر:
- العطش الشديد (شرب ماء أكثر من المعتاد).
- كثرة التبوّل أو سلس البول.
- فقدان الشهية وخسارة الوزن.
- كسل، خمول، أو ضعف عام.
- رائحة فم أمونياكية أو تقرّح الفم.
- قيء متكرر أو إسهال.
- تأخر النمو في القطط الصغيرة.
إذا ظهرت هذه العلامات، فاستشر طبيبك البيطري فورًا، فالتشخيص المبكر يزيد من فرص التحكّم في المرض.
طرق التشخيص الحديثة
يعتمد الطبيب البيطري على دمج الفحوصات السريرية مع التحاليل المختبرية وتقنيات التصوير:
- تحليل الدم لقياس نيتروجين اليوريا (BUN)، الكرياتينين، ومستوى SDMA للكشف المبكر.
- تحليل البول لتحديد كثافته، وجود البروتين، أو أي عدوى مصاحبة.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم حجم الكلية، شكلها، وجود أكياس أو ندبات.
- الأشعة السينية المتباينة (IVP) لتوضيح الهيكل الداخلي ووظيفة الإخراج.
- الخزعة الكلوية في الحالات المعقّدة لتحديد نوع النسيج المصاب.

خيارات العلاج والرعاية الداعمة
مع الأسف، لا يمكن «علاج» التشوّهات الخلقية جذريًا، لكن الرعاية السليمة تُبطئ تقدّم المرض وتحسّن نوعية الحياة:
- تعديل النظام الغذائي: حمية طبية منخفضة البروتين والفوسفور للمساعدة في تخفيف العبء على الكلى.
- العلاج بالسوائل: إعطاء محاليل تحت الجلد أو عبر الوريد لمنع الجفاف وطرد السموم.
- أدوية داعمة: مثل رابطات الفوسفور، أدوية خفض ضغط الدم، ومضادات الغثيان.
- مكملات: أحماض أوميغا-3 الدهنية لدعم صحة الكلى وتقليل الالتهاب.
- زرع الكلى: خيار متاح في بعض المراكز المتخصصة، لكنه مرتفع التكلفة ويتطلّب أدوية مثبطة للمناعة مدى الحياة.
يُعد التواصل المستمر مع الطبيب البيطري وتعديل الخطة العلاجية حسب تطور الحالة أمرًا جوهريًا.

نصيحة الطبيب البيطري: «المفتاح هو الاكتشاف المبكر. قم بفحص وظائف الكلى سنويًا بدءًا من عمر ستة أشهر للقطط ذات السلالات المعرّضة للخطر، وكل ستة أشهر للقطط البالغة.»
سلالات يُحتمل إصابتها أكثر من غيرها
- القط الفارسي
- الهيمالايا
- البورمي
- القط البريطاني طويل الشعر
- سكوتش فولد
كيفية الوقاية وتقليل المخاطر
لا يمكن منع جميع الحالات، لكن يمكنك تقليل المخاطر باتباع الخطوات التالية:
- إجراء فحص جيني للأبوين قبل التكاثر، خصوصًا في السلالات المعروفة بـ PKD.
- تجنّب تزاوج القطط التي ثبت إصابتها أو حاملة للجين الطافر.
- ضمان تغذية الأم الحامل بنظام غذائي متوازن وخالٍ من السموم.
- إجراء فحوصات دورية للقطط الصغيرة لاكتشاف المرض مبكرًا.
أسئلة شائعة
هل مرض التكيس الكلوي معدٍ؟
لا، فهو مرض وراثي ينتقل عبر الجينات ولا يمكن أن ينتقل من قط إلى آخر عن طريق العدوى.
كم مرة يجب أن أخضع قطّي للفحص؟
يُنصح بإجراء فحص دم وبول سنوي للقطط السليمة، وكل ستة أشهر للقطط المعرّضة أو التي لديها تاريخ عائلي.
هل تستطيع القطط المصابة العيش حياة طبيعية؟
نعم، مع الرعاية المبكرة والالتزام بالنظام الغذائي والعلاج الداعم، يستطيع العديد من القطط العيش سنوات عديدة بجودة حياة جيدة.
متى يصبح زرع الكلى خيارًا منطقيًا؟
يُنظر في الزرع عندما تفشل العلاجات الداعمة تمامًا، ويكون القط مرشحًا صحيًا لتحمّل الجراحة والعلاج المناعي.
هل يمكن استخدام الأعشاب كعلاج بديل؟
لا توجد أدلّة علمية كافية تدعم فعالية الأعشاب وحدها. استشر طبيبك البيطري قبل إضافة أي مكمل عشبي.
الخلاصة
رغم أن أمراض الكلى الخلقية والتطورية قد تبدو مخيفة، إلا أن الاكتشاف المبكر والمتابعة الدقيقة يصنعان فارقًا كبيرًا. احرص على الفحوصات الدورية، التغذية السليمة، وتواصل دائم مع الطبيب البيطري لتوفير أفضل فرص العيش الصحي لقطك.