الألم العصبي لدى القطط: دليل شامل لفهمه وتشخيصه وعلاجه
قد يُعاني العديد من القطط من أشكال مختلفة من الألم، إلا أن الألم العصبي يُعد من أكثرها تعقيداً وصعوبة على التشخيص. فمصدره يكون في الجهاز العصبي نفسه، لا في الأنسجة أو المفاصل كما هو الحال في الأنواع الأخرى من الألم. في هذا الدليل الشامل، نستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته حول الألم العصبي لدى القطط، ابتداءً من الأسباب وحتى أساليب العلاج والرعاية طويلة الأمد.

ما هو الألم العصبي؟
الألم العصبي (Neuropathic Pain) يُعرَّف بأنه إحساس بالألم ناجم عن تلف أو خلل في الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي. على عكس الألم الناتج عن إصابة واضحة أو التهاب، فإن هذا النوع من الألم قد يحدث حتى بعد شفاء الأنسجة، مما يجعله أشدّ إزعاجاً للقطط وصعب الاكتشاف بالنسبة للمربين.
يصف الأطباء البيطريون الألم العصبي بأنه «ألم بلا سبب واضح» – إذ لا يمكن رؤية جرح أو كسر، لكن القطة ما تزال تتألم.
الأسباب الشائعة للألم العصبي لدى القطط
- إصابات أعصاب ناتجة عن حوادث أو سقوط شديد.
- مضاعفات ما بعد الجراحة، خاصة جراحات العمود الفقري أو استئصال الأطراف.
- الالتهابات الفيروسية مثل فيروس نقص المناعة السنوري (FIV) أو فيروس اللوكيميا السنورية (FeLV).
- أورام تضغط على الأعصاب أو النخاع الشوكي.
- الأمراض الاستقلابية مثل السكري غير المُتحكَّم به.
- نقص التروية الدموية للأعصاب الناتج عن جلطات أو أمراض وعائية.
علامات وأعراض الألم العصبي
قد تكون علامات الألم العصبي دقيقة أو متقطعة، ما يجعل التعرّف عليها أكثر صعوبة. راقب قطتك بحثاً عن الأعراض التالية:
- لعق أو عضّ أو تمشيط مفرط لمنطقة معيّنة من الجسم.
- صراخ مفاجئ أو مواء مرتفع دون سبب واضح.
- حساسية مفرطة للمس، خصوصاً في الظهر أو الأطراف.
- تغيّر في أسلوب المشي أو عرج غير مُفسَّر.
- انعزال القطة وتجنّب التفاعل الاجتماعي.
- تقلبات سلوكية مثل العدوانية أو الانسحاب.
- فقدان الشهية أو فقدان الوزن التدريجي.
كيفية التشخيص
لا يُعد الألم العصبي تشخيصاً مباشراً، بل غالباً ما يتم التوصّل إليه عبر استبعاد أسباب الألم الأخرى. يشمل البروتوكول التشخيصي عادةً:

الفحص السريري والعصبي
يقوم الطبيب البيطري بتقييم ردود الفعل العصبية، توتّر العضلات، وضعية الجسم، إضافة إلى البحث عن أي كتل أو تشوهات.
تحاليل الدم والبول
تساعد في استبعاد الأمراض الاستقلابية مثل السكري وأمراض الكبد أو الكلى.
تقنيات التصوير المتقدّمة
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يُظهر تفاصيل دقيقة للنخاع الشوكي والأنسجة العصبية.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT): مفيد لاكتشاف الأورام أو الكسور الدقيقة.
- الأشعة السينية (X-Ray): للكشف عن تغيّرات العظام أو الأقراص الفقرية.
اختبارات التوصيل العصبي (NCS) وتخطيط كهربائية العضل (EMG)
تُستخدم لتقييم الأداء الوظيفي للأعصاب والعضلات، وبالتالي تأكيد وجود تلف عصبي.
خيارات العلاج المتاحة
يستلزم علاج الألم العصبي نهجاً متعدد الجوانب يجمع بين الأدوية وتعديل نمط الحياة، وقد يتضمن علاجات تكميلية لتحقيق أفضل النتائج.
1. الأدوية

- جابابنتين (Gabapentin): يُعتبر حجر الزاوية في علاج الألم العصبي لدى القطط.
- بريجابالين (Pregabalin): بديل فعال لحالات لا تستجيب للجابابنتين.
- أميتريبتيلين أو أدوية ثلاثية الحلقات: تُستخدم بجرعات منخفضة للسيطرة على الألم المزمن.
- مسكنات أفيونية (Opioids) خفيفة: مثل بوبرينورفين عند الحاجة القصوى وتحت مراقبة صارمة.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): تساعد على تخفيف الالتهاب المرافق أحياناً.
2. العلاجات التكميلية
- العلاج بالليزر منخفض المستوى: لتحفيز تجدد الأعصاب وتقليل الالتهاب.
- الوخز بالإبر: أثبت فعاليته في تحسين تدفق الدم وتقليل الإشارات العصبية المؤلمة.
- العلاج الفيزيائي: تمارين خفيفة لتحسين قوة العضلات ودعم العمود الفقري.
3. تعديل البيئة ونمط الحياة

تأمين بيئة مريحة وسهلة الوصول ضروري للقطة المصابة:
- وضع صناديق الفضلات والأوعية على مستوى الأرض لتجنّب صعود الدرج.
- توفير أسطح ناعمة ودافئة للنوم للمساعدة على تخفيف الضغط على الأعصاب.
- استخدام سلالم صغيرة أو منصّات لمساعدة القطة على الوصول إلى أماكنها المفضّلة.
- تقليل مصادر القلق مثل الضوضاء العالية أو وجود حيوانات جديدة.
الرعاية طويلة الأمد والمتابعة
يجب مراجعة الطبيب البيطري بانتظام لضبط جرعات الأدوية وتقييم فعالية العلاج. يُنصح بتدوين مفكّرة يومية لمراقبة التغيّرات في السلوك أو مستوى النشاط، وإبلاغ الطبيب بأي نكسات أو آثار جانبية.
الوقاية وتقليل المخاطر
- الحفاظ على وزن صحي للقط عبر نظام غذائي متوازن.
- تجنُّب السماح للقطة بالتجول في الخارج دون مراقبة لتقليل مخاطر الحوادث.
- المتابعة الدورية للتطعيمات والفحوصات السنوية.
- علاج أي عدوى أو إصابة عصبية في مراحلها المبكرة.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري فوراً؟
استشر الطبيب البيطري دون تأخير إذا لاحظت:
- ألم حاد مفاجئ أو صراخ مستمر.
- فقدان القدرة على تحريك أحد الأطراف أو السقوط المتكرر.
- توقف القطة عن الأكل أو الشرب لأكثر من 24 ساعة.
- تشنجات أو ارتعاش لا يمكن السيطرة عليه.
الأسئلة الشائعة
هل يمكن شفاء الألم العصبي تماماً؟
في معظم الحالات يُدار الألم العصبي ولا يُشفى تماماً، لكن العلاجات المناسبة قد تقلل الألم إلى حد كبير وتُحسّن جودة حياة القطة.
هل تُسبب الأدوية آثاراً جانبية؟
نعم، مثل النعاس الخفيف أو مشاكل معدية، وغالباً ما تكون مؤقتة. التواصل المستمر مع الطبيب البيطري ضروري لضبط الجرعات.
هل يمكن استخدام العلاجات العشبية؟
يجب عدم استخدام أي علاج عشبي دون استشارة الطبيب البيطري، إذ قد تتفاعل بعض الأعشاب مع الأدوية الموصوفة.
ختاماً، الألم العصبي لدى القطط حالة معقدة لكنها قابلة للإدارة بشكل فعّال إذا تم تشخيصها مبكراً واعتماد خطة علاجية شاملة. بتعاونك مع الطبيب البيطري ومراقبتك الدقيقة لسلوك قطتك، يمكنك تحسين حياتها بشكل ملحوظ.
المراجع
- كلية الطب البيطري بجامعة كاليفورنيا ، دافيس. “تشخيص وعلاج الألم العصبي لدى القطط.” , 2023. www.vetmed.ucdavis.edu