دليل شامل لفهم فيروس نقص المناعة لدى القطط (FIV)
يُعَدّ فيروس نقص المناعة لدى القطط (FIV) أحد أكثر الأمراض الفيروسية شيوعًا بين القطط حول العالم، ويعمل بطريقة مشابهة لفيروس نقص المناعة البشري في تقليل كفاءة الجهاز المناعي، إلا أنّه لا يُصيب البشر إطلاقًا. بفضل التقدّم في الطب البيطري والرعاية المنزلية، بات بإمكان القطط المصابة بهذا الفيروس أن تعيش حياة طويلة وسعيدة إذا حظيت بالرعاية المناسبة. في هذا الدليل الموسّع، نستعرض كل ما تحتاج معرفته بدءًا من طرق انتقال الفيروس، مرورًا بالأعراض والمراحل، وصولًا إلى التشخيص والعلاج وسبل الوقاية.
ما هو فيروس نقص المناعة لدى القطط؟
FIV هو فيروس ارتجاعي (Retrovirus) يُهاجم خلايا الدم البيضاء (الخلايا اللمفاوية) لدى القطط، مما يؤدي تدريجيًا إلى إضعاف جهاز المناعة. بعد الإصابة الأوّلية، قد يمكث الفيروس كامِنًا لسنوات قبل ظهور أي علامات مرضية ملحوظة.
كيفية انتقال FIV بين القطط
يحتاج الفيروس عادةً إلى عضّات عميقة لاختراق الأنسجة والوصول إلى مجرى الدم. وفيما يلي أهم وسائل الانتقال:
- الاشتباكات والقتال، خاصة بين الذكور غير المخصّية.
- انتقال عمودي من الأم المصابة إلى صغارها أثناء الولادة أو الرضاعة (وهو أقل شيوعًا من العض).
- نادرًا ما ينتقل عبر التزاوج أو المشاركة العرضية لأوعية الطعام والماء.

علامات وأعراض الإصابة بـFIV
قد تمر القطط المصابة بفترة طويلة دون أعراض ملحوظة، لكن عند ظهورها تتدرج من خفيفة إلى شديدة. تشمل الأعراض الشائعة:
- حمّى متكررة أو مستمرّة.
- فقدان الشهية والوزن.
- التهاب الفم أو اللثة، وتقرّحات في اللسان.
- تورّم العقد اللمفاوية.
- مشكلات جلدية مثل تساقط الشعر أو التهابات متكررة.
- عدوى الجهاز التنفسي العلوي أو السفلي.
- إسهال مزمن أو قيء.
- تغيّرات سلوكية مثل الخمول أو الاكتئاب.

مراحل تطوّر المرض
- المرحلة الأوّلية (الحادّة): تظهر بعد 4–6 أسابيع من الإصابة، وتشمل ارتفاع الحرارة وتورّم العقد اللمفاوية وقد تمر بدون ملاحظة المالك.
- المرحلة الكمونيّة: قد تستمر لشهور أو سنوات دون أعراض؛ يكون الفيروس غير نشط ظاهريًا لكنه يواصل إضعاف المناعة.
- المرحلة الإكلينيكية (النهائية): تتفاقم فيها العدوى الانتهازية، وتظهر الأعراض السابقة بوضوح مع تكرارها وصعوبة علاجها.
تشخيص FIV
لا يمكن تشخيص الفيروس بناءً على الأعراض فقط، بل يجب إجراء اختبارات معملية:
اختبارات الأجسام المضادة (ELISA, Rapid Tests)
تُستخدم كاختبار مسح أولي، وتعتمد على اكتشاف أجسام مضادة للفيروس في الدم. قد تظهر نتائج إيجابية خاطئة في القطط الملقَّحة سابقًا أو السلبية في المراحل المبكرة جداً من العدوى.
اختبارات تأكيدية (Western Blot, IFA)
تُجرى إذا كانت نتيجة ELISA إيجابية، لتأكيد وجود الفيروس بدقة أكبر.
اختبارات PCR
تكتشف الحمض النووي الفيروسي مباشرة، وتُستخدم في الحالات التي يصعب تفسير نتائج الأجسام المضادة فيها، مثل القطط الصغيرة أو القطط الملقَّحة.

ملحوظة مهمة: يجب إعادة فحص القطط الصغيرة التي يقل عمرها عن 6 أشهر بعد 60 يومًا على الأقل إذا ظهرت نتيجة الاختبار إيجابية؛ فقد تكون الأجسام المضادة المنقولة من الأم هي السبب.
خيارات العلاج والرعاية الداعمة
لا يوجد علاج شافٍ للقضاء على FIV نهائيًا، لكن الرعاية المناسبة تساعد القط على عيش حياة طبيعية:
دعم جهاز المناعة
- تغذية متوازنة وعالية الجودة.
- مكمّلات أوميغا 3 وفيتامينات مضادة للأكسدة حسب توصية الطبيب البيطري.
- تقليل التوتر وتوفير بيئة منزلية آمنة.
علاج العدوى الثانوية
- استخدام المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات عند الحاجة.
- تنظيف الأسنان وعلاج التهاب الفم دوريًا.
الأدوية المضادّة للفيروسات
تُستخدم أحيانًا أدوية مثل AZT أو Interferon omega لتقليل الحمل الفيروسي وتحسين الأعراض، لكن يجب تقييم فوائدها مقابل آثارها الجانبية وكلفتها.
التعايش مع قط مصاب بـFIV
يمكن أن يعيش العديد من القطط المصابة حياة طويلة إذا اتُّبِعت الإرشادات الآتية:
- إبقاؤه داخل المنزل لتقليل خطر العدوى الثانوية ومنع نقل الفيروس لقطط أخرى.
- التعقيم أو الإخصاء لتقليل السلوك العدواني والقتال.
- زيارة الطبيب البيطري كل 6 أشهر على الأقل لإجراء فحوصات شاملة.
- استخدام طاردات طفليات بانتظام للوقاية من البراغيث والقراد والديدان.

الوقاية وتقليل مخاطر الإصابة
- تجنّب السماح لقطك بالتجول في الخارج بدون إشراف.
- عزل أي قط جديد في المنزل لحين اختباره والتأكد من خلوه من FIV.
- تعقيم القطط للحد من التجوال والقتال.
- توفير مصادر طعام وماء متعددة لتقليل التنافس والعدوانية.
أسئلة شائعة حول FIV
هل يوجد لقاح لـFIV؟
كان يتوفر لقاح في بعض الدول، لكن فعاليته المحدودة والقدرة على التداخل مع نتائج الاختبارات المعملية أدّت إلى تراجع استخدامه أو سحبه من الأسواق في عدة مناطق. استشر طبيبك البيطري لمعرفة أحدث التوصيات في بلدك.
هل يشكّل FIV خطرًا على البشر أو الحيوانات الأخرى؟
لا؛ الفيروس يصيب القطط فقط ولا ينتقل إلى الإنسان أو الكلاب أو أي حيوانات أليفة أخرى.
هل يمكن للقط المصاب التعايش مع قطط سليمة؟
نعم، إذا كانت القطط لا تتقاتل أو تعض بعضها، يمكنها التعايش بأمان نسبي. يجب تقديم الطعام وأوعية الماء بشكل منفصل ومراقبة سلوكها عن كثب.
خاتمة
رغم أن تشخيص FIV قد يبدو مخيفًا في البداية، فإن امتلاك المعلومات الصحيحة واتباع خطة رعاية مدروسة يحدثان فرقًا كبيرًا. استشر الطبيب البيطري بانتظام، ووفّر بيئة منزلية صحية، وستمنح قطك أفضل فرصة لعيش حياة ممتعة ومليئة بالحب.
المراجع
- مؤسسة هارفارد الطبية. “فيروس نقص المناعة في القطط: ما تحتاج إلى معرفته.” , 2022-01-15. www.hms.harvard.edu