الأورام التيموسية لدى القطط: الدليل الشامل للأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
رغم أن الأورام التيموسية (Thymoma) تُعَد من الأورام النادرة نسبياً لدى القطط، فإن حجمها وموقعها في التجويف الصدري قد يُسبِّبان مشكلات تنفسية خطيرة وتأثيرات مناعية معقَّدة إذا لم تُشخَّص وتُعالَج في الوقت المناسب. في هذا الدليل المتكامل، نستعرض بالتفصيل كل ما تحتاج معرفته حول هذه الحالة بدءاً من وظيفة الغدة التيموسية، مروراً بالأعراض وطرق التشخيص المتاحة، وصولاً إلى أحدث خيارات العلاج والرعاية طويلة الأمد.

ما هي الغدة التيموسية ولماذا تتكوّن فيها الأورام؟
الغدة التيموسية عضو ليمفاوي يقع في الجزء الأمامي من التجويف الصدري (المنصف الأمامي)، وتلعب دوراً محورياً في تطوير الجهاز المناعي لدى صغار الثدييات عبر نضوج الخلايا التائية (T-cells). بعد البلوغ تتقلص الغدة تدريجياً، ما يجعل الأورام فيها حدثاً نادراً لكنه مُقلق حين يحدث.
ينشأ الورم التيموسي عادةً من الخلايا الظاهرية للغدة، ويمكن أن يكون:
- ورماً تيموسياً حميداً: يتمتع بحدود واضحة واحتمالية أقل للانتشار.
- ورماً تيموسياً خبيثاً (سرطانياً): يملك قدرة أكبر على غزو الأنسجة المجاورة أو إحداث انصبابات في التجويف الصدري.
الأسباب والعوامل المؤهِّبة
- العمر: يسجَّل الورم غالباً لدى القطط متوسطة إلى كبيرة السن (متوسط 10 سنوات).
- السلالة: لا توجد سلالة مُعرَّضة بشكل واضح، إلا أن بعض الدراسات لمحت إلى ارتفاع طفيف لدى القطط السيامية.
- العوامل البيئية: لم تُثبت علاقة مباشرة مع التدخين السلبي أو الملوثات المنزلية، لكنها قيد البحث.
- الاضطرابات المناعية: قد يترافق الورم مع أمراض مناعية مثل الوهن العضلي الوبيل (Myasthenia Gravis) أو فقر الدم الانحلالي المناعي.
- عوامل جينية: ما زالت غير مؤكدة لكن يُشتبه في وجود طفرات تمهِّد لنشوء الورم.

الأعراض والعلامات السريرية الشائعة
تظهر الأعراض عادةً نتيجة ضغط الكتلة الورمية على القلب والرئتين أو بسبب متلازمات مناعية مصاحبة:
- ضيق أو صعوبة في التنفس (تسرُّع تنفُّسي/لهاث).
- سعال جاف أو رطب.
- الخمول وفقد الشهية ونقص الوزن التدريجي.
- تورم الوجه أو الأطراف في حال احتباس السوائل.
- ضعف عضلي وهزّات بسبب الوهن العضلي الوبيل.
- انصباب جنب (تجمّع سوائل في التجويف الصدري) يؤدي إلى أصوات قلب مُخفَّضة.
- فرط كالسيوم الدم، ما يسبّب عطشاً وتبوّلاً مفرطين أحياناً.
ملاحظة مهمّة: قد تتطور الأعراض ببطء، ما يجعل الكثير من المُربين يخلطون بينها وبين أمراض تنفسية أبسط مثل الربو.
كيف يتم التشخيص؟
1. الفحص السريري وجمع التاريخ المرضي
يبدأ الطبيب البيطري بإصغاء الأصوات الصدرية، وقد يلاحظ خفوتاً في أصوات القلب والرئتين، مع توسّع واضح في الأوردة الوداجية أحياناً.
2. الفحوصات التصويرية
التصوير هو حجر الزاوية في تشخيص الورم التيموسي:
- الأشعة السينية للصدر: تكشف كتلة منصفية أمامية أو انصباباً جنبياً.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT): يوفّر دقة عالية لتحديد حجم الورم وعلاقته بالأوعية الكبرى.
- الألتراساوند عبر جدار الصدر: مفيد لتوجيه الخزعة بالإبرة.

3. التحاليل المخبرية وفحص الأجسام المضادة
- تحاليل الدم الشاملة: قد تكشف فقر دم غير محدد أو ارتفاع الكالسيوم.
- فحص الأجسام المضادة لمستقبل الأسيتيل كولين: لتأكيد الوهن العضلي الوبيل المصاحب.
- قياس الغازّات الدموية: لتقييم كفاءة التنفس.
4. الخزعة والخزعة بالإبرة الدقيقة (FNA)
تُجرى عادةً تحت التخدير الخفيف وبإرشاد الأشعة لتقليل المخاطر. تُرسَل العينات إلى مختبر التشريح المرضي لتحديد نوع الورم ودرجته.
خيارات العلاج المتاحة
يعتمد اختيار العلاج على حجم الورم، ومدى انتشاره، والحالة العامة للقطة.
1. الجراحة الاستئصالية
هي العلاج المفضل إذا كان الورم قابلاً للاستئصال بالكامل. تُجرى الجراحة عبر شق عظم القص (Median Sternotomy) مع الإبقاء على دعم تنفُّسي كامل أثناء العملية. تُستخدم الخزعة أثناء الجراحة لتأكيد هوامش نظيفة.

2. العلاج الإشعاعي
يُوصى به عندما يكون الورم غير قابل للاستئصال أو عندما تبقى بقايا ورمية بعد الجراحة. يهدف إلى تقليص الكتلة وتحسين التنفس، وقد يعقبه تحسن في المتلازمات المناعية.
3. العلاج الكيميائي والرعاية الداعمة
- الأدوية الكيمياوية: مثل سيسبلاتين أو دوكسوروبيسين، فعاليتها محدودة لكنها تُستخدم للحالات المنتشرة.
- بريدنيزولون: للتقليل من الالتهاب وحجم الكتلة.
- مثبطات الأسيتيل كولينستراز (بايريدوستغمين): لإدارة الوهن العضلي الوبيل.
- السوائل الوريدية: لعلاج فرط كالسيوم الدم ومنع الجفاف.
التعايش والمتابعة بعد العلاج
بعد الجراحة أو الإشعاع، تُجرى صور أشعة دورية كل 3–6 أشهر لرصد أي عودة للورم. ينبغي مراقبة مستويات الكالسيوم والأجسام المضادة للوهن العضلي الوبيل بانتظام. يُنصح أصحاب القطط بتقديم وجبات صغيرة ومتكررة لتقليل خطر الارتجاع في حال وجود مريء ضخم.
التنبؤ والإنذار
يعتمد الإنذار على:
- قابلية الاستئصال الكامل: تعطي أفضل معدلات بقاء (حتى 3–5 سنوات أو أكثر).
- وجود انصباب جنب أو انتشار لمواقع أخرى: يحدُّ من الإنذار.
- استجابة المتلازمات المناعية: غالباً ما تتحسن أعراض الوهن العضلي بعد الجراحة، ما يُحسّن جودة الحياة.
الوقاية والرعاية المنزلية
لا توجد حاليًا طرق وقائية مؤكدة ضد الأورام التيموسية، لكن الفحوصات الدورية وخاصةً للقطط الأكبر سنًا تساعد في الاكتشاف المبكر. تأكد من توفير بيئة خالية من التدخين والحفاظ على وزن مثالي لقطةك لدعم صحة الجهاز المناعي.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري على الفور؟
- عند ملاحظة تنفس سريع أو صعوبة واضحة في التنفس.
- إذا ظهرت نوبات ضعف أو انهيار مفاجئ.
- عند فقدان الشهية لأكثر من 24 ساعة مترافقة مع سعال أو لهاث.
- ظهور انتفاخ في منطقة الصدر أو الرقبة.
التدخل المبكر هو العامل الأهم لإنقاذ حياة قطتك والحفاظ على جودة حياتها.
خاتمة
الورم التيموسي لدى القطط حالة معقّدة تتطلب تشخيصًا دقيقًا وإدارة متعددة التخصصات تشمل الجراحين وأخصائيي الأورام والأطباء الباطنيين. بالمتابعة الجيدة والعلاج المناسب، يمكن لكثير من القطط أن تعيش حياة مُرضية لسنوات. تذكَّر أن أي تغير في تنفس قطتك أو نشاطها يستحق استشارة بيطرية فورية.
المراجع
- بسمة فارس. “تشخيص وعلاج الأورام التيموسية في القطط…” , 2022-10-18. www.veterinarypartner.com
- سليم النمس. “الأورام الحميدة والخبيثة في القطط…” , 2019-06-11. petcancer.org