داء عديد السكاريد المخاطي لدى القطط (MPS)
يُعدّ داء عديد السكاريد المخاطي أحد الاضطرابات الاستقلابية الوراثية النادرة التي تُصيب القطط وتؤدي إلى تراكم مواد سكرية مُعقّدة (جليكوز أمينو جليكان – GAGs) داخل الخلايا. ينعكس هذا التراكم على صحة الهيكل العظمي، العينين، القلب، الجهاز التنفسي، والمفاصل، مسبّبًا مجموعة واسعة من الأعراض التي قد تبدأ في سن مبكرة جدًا.

كيف يحدث المرض؟
يقف نقص إنزيم معين وراء داء عديد السكاريد المخاطي. في الأحوال الطبيعية، تقوم الإنزيمات داخل الجسيمات الحالّة (Lysosomes) بتكسير الـ GAGs وإعادة تدويرها. عند غياب أحد الإنزيمات أو نقصه الشديد، تتراكم هذه المواد داخل الخلايا محدثة ضررًا تدريجيًا لأنسجة الجسم المختلفة.
الوراثة
ينتقل المرض عبر نمط وراثي متنحٍ جسدي؛ هذا يعني أن القط يجب أن يرث نسخة جينية متطفّرة من كلا الأبوين ليُظهر الأعراض. حَمَلة نسخة واحدة (القطط غير المصابة ظاهريًا) يمكن أن ينقلوا الطفرة دون أن يُعانوا من أي علامات مرضية.
السلالات الأكثر عرضة
رغم أنّ داء MPS قد يظهر في أي سلالة، إلا أنّ بعض السلالات أكثر عُرضة نتيجة طفرات وراثية محددة:
- البورمي
- السيامي
- الشيرازي (الفارسي)
- أمريكان شورت هير

الأعراض والعلامات الإكلينيكية
تختلف شدة الأعراض بحسب نوع الطفرة والإنزيم المفقود، إلا أن القائمة التالية تشمل أكثر العلامات شيوعًا:
- قِصر القامة أو القزامة الملحوظة
- تشوهات عظمية في الجُمجمة والأطراف
- صعوبة أو تقييد في الحركة والمشي
- خشخشة أو أزيز تنفسي نتيجة تشوهات القصبة الهوائية
- غشاوة القرنية وضعف الرؤية
- التهابات أذن متكررة وفقدان سمع تدريجي
- خمول، ضعف نمو، أو فقدان وزن
- نفْخة قلبية أو مشكلات صمامية
تنبيه: قد تظهر الأعراض الأولى في عمر 8–12 أسبوعًا لدى الأنواع الشديدة، بينما تتأخر حتى عمر سنة أو أكثر في الأنواع الأخف.

متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت أيًا من العلامات السابقة، خاصة لدى قطة صغيرة السن، يُنصح بمراجعة الطبيب البيطري فورًا. الاكتشاف المبكر يُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين نوعية الحياة وإبطاء التدهور.
خطوات التشخيص
- الفحص السريري الكامل: تقييم العظام والمفاصل، سماع القلب والرئتين، فحص العينين والأذن.
- الأشعة السينية والتصوير المقطعي: إظهار تشوهات العظام أو تضيق القصبة الهوائية.
- تحليل البول: البحث عن مستويات مرتفعة من الـ GAGs.
- اختبارات إنزيمية: قياس نشاط الإنزيمات داخل خلايا الدم البيضاء أو عينات الجلد.
- الاختبارات الجينية: متوافرة لبعض السلالات لتأكيد التشخيص وتحديد حملة الطفرة.
خيارات العلاج والإدارة
حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج شافٍ تمامًا، لكن تتوفر استراتيجيات تسهم في إبطاء تقدم المرض وتحسين الراحة:
- الأدوية الداعمة: مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) لتخفيف الألم والتهاب المفاصل.
- العلاج الفيزيائي: تمارين خفيفة للحفاظ على مرونة المفاصل وقوة العضلات.
- جراحات تصحيحية: لعلاج تشوهات معينة في العظام أو إزالة غشاوة القرنية لدى الحالات المؤهلة.
- مكملات غذائية: مثل الجلوكوزامين والشوندرويتين لدعم المفاصل، مع استشارة الطبيب.
- الرعاية التنفسية: أجهزة ترطيب الجو أو عمليات توسيع القصبة الهوائية للحالات الشديدة.
- العلاج الجيني والإنزيمي: لا يزال في المراحل البحثية، لكن النتائج الأولية واعدة.

الرعاية المنزلية ونمط الحياة
يلعب أصحاب القطط دورًا محوريًا في تحسين جودة حياة القط المصاب:
- تهيئة مساحات مريحة ذات أسطح منخفضة لتسهيل حركة القط.
- الحفاظ على وزن مثالي لتقليل الضغط على المفاصل.
- زيارات دورية للفحص لدى الطبيب البيطري كل 3–6 أشهر.
- مراقبة التنفس والعينين بانتظام، والإبلاغ عن أي تغيّر.
- الالتزام الصارم بخطة الأدوية وإرشادات الطبيب.

المآل والتوقعات على المدى البعيد
تعتمد التوقعات على شدة النقص الإنزيمي وعمر بدء الأعراض. في الأنواع الشديدة، قد يقتصر العمر على بضع سنوات، بينما تعيش القطط المصابة بالأنواع الأخف عمرًا طبيعيًا نسبيًا مع رعاية مناسبة. التشخيص المبكر والتدخّل العلاجي السريع هما مفتاح تحسين المآل.
أسئلة شائعة
هل يمكن الوقاية من داء MPS؟
الطريقة الوحيدة حاليًا هي الفحص الجيني للسلالات المعرّضة واستبعاد الحَمَلة من برامج التربية.
هل ينتقل المرض إلى البشر أو الحيوانات الأخرى؟
لا، داء عديد السكاريد المخاطي غير مُعدٍ؛ نشأته وراثية بحتة.
هل يُنصح بالاستمرار في تطعيم وعلاج البراغيث للقط المصاب؟
نعم. يجب ألا تُهمل الرعاية الوقائية الروتينية، بل ينبغي تكييفها فقط مع الحالة الصحية للقط.
خاتمة
رغم ندرة داء عديد السكاريد المخاطي في القطط، إلا أن الوعي والمعرفة بأعراضه يتيحان لك التدخّل المبكر والحفاظ على جودة حياة أفضل لرفيقك الأليف. استشر طبيبك البيطري فور ملاحظتك أي علامات غير طبيعية، وكن شريكًا فاعلًا في خطة العلاج.