فقد البروتين المعوي لدى القطط: دليل شامل للأسباب والأعراض والعلاج
يُعَد فقد البروتين المعوي (Protein-Losing Enteropathy – PLE) أحد الاضطرابات الهضمية المُقلقة التي تؤثر في قدرة القط على الاحتفاظ بالبروتينات الحيوية داخل مجرى الدم. فعندما تتسرب هذه الجزيئات المهمة عبر بطانة الأمعاء وتُفقد مع البراز، تظهر على القط مجموعة من المشكلات الصحية التي قد تتفاقم بسرعة إذا لم تُشخَّص وتعالَج في الوقت المناسب. في هذا الدليل، نستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته بوصفك مُربِّيًا للقطط؛ من التعريف التفصيلي للحالة مرورًا بالأعراض وطرق التشخيص وصولًا إلى أحدث خيارات العلاج والرعاية المنزلية.

ما هو فقد البروتين المعوي؟
يعتمد جسم القط على بروتينات البلازما – وعلى رأسها الألبومين والجلوبيولين – للحفاظ على حجم الدم، ونقل الهرمونات، ودعم جهاز المناعة، والمساهمة في التئام الأنسجة. في حالة فقد البروتين المعوي، تتعرض بطانة الأمعاء لالتهاب أو تلف يجعلها أكثر نفاذية من المعتاد، ما يسمح بتسرب تلك البروتينات إلى تجويف الأمعاء ثم خروجها مع الفضلات. ينتج عن ذلك انخفاض حاد في مستويات البروتين بالدم (hypoproteinemia) قد ينعكس على أجهزة الجسم كافة.
كيف يؤثر نقص البروتين في جسم القط؟
انخفاض تركيز الألبومين يؤدي إلى تسرب السوائل من الأوعية الدموية إلى الأنسجة، مُسببًا وذمة (تورم الأطراف) أو استسقاء بطني (تجمع السوائل في التجويف البطني). كما يتسبب نقص الجلوبيولين في إضعاف المناعة، فتزداد قابلية القط للعدوى.
الأسباب الشائعة وراء فقد البروتين المعوي
عادة ما يكون PLE عَرَضًا ثانويًا لمرض آخر يُصيب القناة الهضمية أو الأعضاء المجاورة. تشمل المسببات الأكثر توثيقًا ما يأتي:
- التهاب الأمعاء اللمفاوي (Intestinal Lymphangiectasia): اتساع غير طبيعي في الأوعية اللمفاوية بالأمعاء يؤدي إلى تسرّب البروتين.
- التهاب الأمعاء المزمن (Inflammatory Bowel Disease): استجابة مناعية غير طبيعية تجاه الطعام أو البكتيريا.
- الأورام الخبيثة: مثل الورم الليمفاوي (Lymphoma) أو الأورام الصلبة في جدار الأمعاء.
- العدوى الطفيلية أو البكتيرية: خاصة Giardia وCryptosporidium.
- التهاب البنكرياس المزمن أو قصور البنكرياس الخارجي.
- الأمراض الجهازية: مثل فشل القلب الأيمن أو أمراض الكبد المتقدمة.

الأعراض والعلامات التحذيرية
قد تتدرج شدة الأعراض من طفيفة إلى خطيرة تبعًا لسبب المرض وسرعة فقد البروتين. انتبه للعلامات التالية:
أعراض شائعة:
- فقدان وزن تدريجي رغم الشهية الطبيعية أو المفرطة.
- إسهال مزمن أو غير مُفسر.
- انتفاخ البطن أو تراكم السوائل (استسقاء).
- تورم الأطراف أو الوجه (وذمة).
- قيء متكرر.
- معطف باهت وجفاف الجلد.
- خمول وضعف عام.
حالات تستوجب التدخل العاجل:
اصطحب قطك فورًا إلى الطبيب البيطري إذا لاحظت صعوبة في التنفس، أو انتفاخًا سريعًا في البطن، أو خمولًا شديدًا، فهذه قد تكون مؤشرات على انخفاض بروتين حاد أو تجمّع مفرط للسوائل.

كيف يُشخَّص فقد البروتين المعوي؟
يبدأ التشخيص بفحص سريري دقيق وتاريخ مرضي شامل. ثم تُجرى سلسلة من الاختبارات لتحديد سبب التسرب البروتيني:
1. الفحوصات المخبرية:
- تحاليل الدم الكاملة: قياس مستوى الألبومين والجلوبيولين، بالإضافة إلى تعداد الدم لاكتشاف فقر الدم.
- اختبارات الكيمياء الحيوية: تقييم وظائف الكبد والكلى والبنكرياس.
- فحص الكوليسترول: يميل إلى الانخفاض في حالات PLE.
2. تحليل البراز:
يُستخدم للكشف عن الطفيليات، والبكتيريا الضارة، وعلامات سوء الامتصاص مثل الدهون غير المهضومة.
3. تقنيات التصوير:
- الموجات فوق الصوتية للبطن: تساعد على تقييم سمك جدار الأمعاء، واكتشاف اللمفاوية المتضخمة، وكشف وجود السوائل.
- الأشعة السينية: لتقييم حجم الأعضاء وتأكيد تراكم السوائل في التجويف الصدري أو البطني.
4. التنظير الداخلي والخزعة:
يُعد أخذ عينات من بطانة الأمعاء المعيار الذهبي لتحديد السبب الرئيسي، كالتهاب الأمعاء المزمن أو الأورام.

خيارات العلاج المتاحة
تركز الاستراتيجية العلاجية على محورين: معالجة السبب الأساسي، وتعويض البروتين المفقود. عادة ما يضع الطبيب البيطري بروتوكولًا متكاملًا يشمل ما يلي:
العلاج الدوائي
- الستيرويدات القشرية: مثل بريدنيزولون لتخفيف الالتهاب المناعي في الأمعاء.
- مثبطات المناعة: (سيكلوسبورين، كلورامبوستين) تستخدم عند فشل الستيرويدات وحدها أو في حالات الأورام.
- المضادات الحيوية: مثل الميترونيدازول عند الاشتباه في عدوى بكتيرية ثانوية.
- مدرات البول: لإزالة السوائل الزائدة في البطن أو الأطراف.
- مكملات فيتامين B12: لتعويض سوء الامتصاص المصاحب.
التغذية العلاجية
النظام الغذائي جزء أساسي من خطة العلاج نظراً لدوره في تهدئة القناة الهضمية وتقليل التسرب البروتيني. التوصيات تشمل:
- أغذية عالية البروتين ولكن منخفضة الدهون لتقليل الضغط على الأوعية اللمفاوية.
- مصادر بروتين مُحلَّلة (Hydrolyzed) أو جديدة (Novel) للقط لتقليل التفاعل المناعي.
- إضافة أحماض أوميجا-3 الدهنية لدعم بطانة الأمعاء.
تذكّر: أي تغيير غذائي يجب أن يتم تدريجيًا على مدى 7–10 أيام لتفادي اضطراب الجهاز الهضمي.
الدعم الإكلينيكي
قد يحتاج القط في الحالات الحرجة إلى نقل بلازما لرفع مستوى الألبومين سريعًا، أو إلى تفريغ السوائل من البطن لتخفيف الضغط على الأعضاء.
التوقعات على المدى البعيد
يعتمد المآل على سبب PLE ومدى الاستجابة للعلاج. التهاب الأمعاء اللمفاوي يستجيب جيدًا غالبًا للعلاج الغذائي والأدوية، بينما يقل معدل البقاء في الأورام الخبيثة المتقدمة. الرصد المبكر والاتباع الصارم لتعليمات الطبيب البيطري يرفعان فرص التعافي ويحسنان جودة الحياة.

الرعاية المنزلية والوقاية
- التقيد بالحمية الموصوفة وعدم تقديم أطعمة غنية بالدهون مهما ألحّ القط.
- زيارة الطبيب البيطري بانتظام لإعادة فحص مستويات البروتين.
- مراقبة وزن القط وحالته الجسدية وتسجيل أي تغيّرات في الشهية أو نشاط الأمعاء.
- استخدام العلاجات الطاردة للديدان واللقاحات وفق الجداول المقررة لحماية القناة الهضمية من العدوى.
متى يجب استشارة الطبيب البيطري بسرعة؟
إذا لاحظت علامات مثل تدهور مفاجئ في الشهية، أو قيء دموي، أو صعوبة تنفّس، أو زيادة سريعة في حجم البطن، فتواصل مع العيادة فورًا. التأخر في العلاج قد يعرّض القط لخطر الصدمة الناتجة عن فقد البروتين الحاد.
أسئلة متكررة
هل يمكن الشفاء التام من فقد البروتين المعوي؟
قد يختفي PLE تمامًا إذا كان سببه التهابًا بسيطًا أو عدوى عولجت بنجاح، بينما تتحول الحالات المزمنة إلى إدارة طويلة الأجل.
هل يُعد PLE معديًا للقطط أو للبشر؟
المرض بحد ذاته غير معدٍ؛ ومع ذلك، إذا كان ناجمًا عن طفيليات أو بكتيريا، فقد تنتقل هذه العوامل في البيئات غير النظيفة. الحفاظ على النظافة الشخصية وغسل اليدين يقي الجميع.
ما المدة اللازمة لظهور التحسن بعد بدء العلاج؟
في الحالات المتوسطة، يمكن ملاحظة تحسن مستويات البروتين والتراجع التدريجي للوذمة خلال 2–4 أسابيع. الأورام أو الالتهابات الشديدة قد تتطلب مدة أطول وخطط علاج أكثر تعقيدًا.
من خلال الفهم العميق لفقد البروتين المعوي والتنفيذ الدقيق لتوصيات الطبيب البيطري، يمكنك مساعدة قطك على استعادة صحته والاستمتاع بحياة مليئة بالنشاط والمرح.
المراجع
- أليسون آر. غراسمان. “فقد البروتين المعوي في القطط: الأعراض والتشخيص والعلاج.” , 2023-05-10. www.veterinarypartner.com
- جايسون و. كونر. “فقد البروتين المعوي في القطط: أسباب وعلاج.” , 2023-06-15. www.petmd.com