التهاب شغاف القلب الإنتاني لدى القطط: الدليل الشامل لحماية قلب قطك
القلب هو المحرك الحيوي لجسم قطك، وأي خلل في بنيته أو وظيفته قد يعرّض حياته للخطر. أحد أخطر هذه الاختلالات هو التهاب شغاف القلب الإنتاني (Infective Endocarditis)، وهو مرض غير شائع لكنه يشكّل حالة طبية طارئة عندما يحدث. في هذا الدليل ستتعرّف بالتفصيل إلى أسباب المرض، وكيفية اكتشافه مبكراً، وخيارات العلاج المتاحة، إضافة إلى نصائح الوقاية والرعاية المنزلية.

ما هو التهاب شغاف القلب الإنتاني؟
التهاب شغاف القلب الإنتاني هو التهاب يصيب الطبقة الداخلية المبطِّنة لغرف القلب وصماماته. يحدث عندما تصل بكتيريا (أو في حالات نادرة فطريات) إلى مجرى الدم وتلتصق بسطح الشغاف، فتشكّل ترسّبات تُعرف بالـ«Vegetations». هذه الترسّبات تعيق عمل الصمامات وتؤدي إلى تسرب الدم أو قصور قلبي، كما يمكن أن تنفصل أجزاء منها لتكوّن جلطات تسد أوعية دموية أخرى.
كيف يصل العامل المُمْرض إلى قلب القط؟
- أمراض فموية مثل التهاب اللثة والأسنان، حيث تنتقل البكتيريا عبر اللعاب والدم أثناء المضغ أو تنظيف الأسنان.
- قُثاطر وريديّة أو عمليات جراحية أُجرِيَت بدون تعقيم كافٍ.
- التهابات جهازية مزمنة مثل التهابات الجلد أو المسالك البولية.
- أمراض مضعِفة للمناعة كفيروس نقص المناعة القططي (FIV) أو فيروس اللوكيميا (FeLV).
- عيوب قلبية خلقية تجعل الصمامات أكثر عرضة لالتصاق البكتيريا.

علامات وأعراض يجب الانتباه إليها
الأعراض قد تبدأ خفيفة وغامضة، لذا من المهم مراقبة قطك بعناية. تشمل العلامات الشائعة:
- حمّى متكررة أو مستمرة لا تستجيب للمضادات الحيوية الروتينية.
- خمول وفقدان للشهية أو فقدان وزن ملحوظ.
- أصوات نفخة قلبية جديدة أو تزايد شدتها عند الفحص بالسماعة.
- صعوبات تنفسية أو سعال ناتج عن ارتشاح رئوي.
- عرَج مفاجئ أو ألم مفصلي نتيجة انتقال جلطة إلى الأطراف.
- أعراض عصبية مثل النوبات أو فقدان التوازن إذا وصلت الجلطات إلى الدماغ.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت ارتفاع حرارة قطك لأكثر من 48 ساعة أو أيًّا من الأعراض السابقة، فلا تنتظر. كلما بدأ العلاج مبكراً زادت فرصة إنقاذ الصمامات القلبية وتقليل المضاعفات القاتلة.

كيف يتم تشخيص التهاب الشغاف؟
- الفحص السريري: التحقق من درجة الحرارة، والاستماع لصوت القلب لاكتشاف أي نفخات أو لَخبطة في الإيقاع.
- تحاليل الدم الشاملة: تعداد دم كامل (CBC) يظهر ارتفاع كريات الدم البيضاء، واختبارات كيمياء الدم لتقييم الكبد والكلى.
- زرع دم متكرر: أخذ ثلاث عينات دم في أوقات مختلفة لاكتشاف البكتيريا المسببة وتحديد المضاد الحيوي الأمثل.
- مخطط صدى القلب (Echocardiogram): هو المعيار الذهبي لرؤية الترسّبات على الصمامات وتقييم وظيفة القلب.
- الأشعة السينية على الصدر: للتحقق من حجم القلب ووجود ارتشاح رئوي.
- تخطيط القلب الكهربائي (ECG): للكشف عن اضطرابات النظم القلبي المحتملة.
خيارات العلاج المتوفرة

العلاج يتطلب نهجاً مكثفاً وطويلاً للتغلّب على البكتيريا وحماية القلب:
- مضادات حيوية وريدية: يوصى بإعطائها لمدة 2–6 أسابيع حسب شدة الحالة ونتائج زرع الدم، ثم الانتقال إلى مضادات حيوية فموية لعدة أسابيع إضافية.
- الأدوية الداعمة للقلب: مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، ومدرّات البول في حال تطوّر فشل قلبي.
- مضادات التخثر: للحد من تكوّن الجلطات وانتقالها، خاصةً إذا ظهرت دلائل على ارتشاح جلطي.
- علاج السبب الجذري: تنظيف الأسنان، أو إزالة القُثاطِر الملوثة، أو علاج الالتهابات الثانوية.
- الاستشفاء والمراقبة: معظم القطط تحتاج إلى البقاء في المستشفى في الأيام الأولى لمراقبة علاماتها الحيوية والاستجابة للعلاج.
الرعاية المنزلية والمتابعة
بمجرد عودة قطك إلى المنزل، فإن نجاح العلاج يعتمد على التزامك:
- إعطاء الأدوية في مواعيدها بالكامل حتى لو ظهر التحسن.
- قياس درجة حرارة قطك يومياً والإبلاغ عن أي ارتفاع مفاجئ.
- توفير بيئة هادئة لتقليل التوتر والإجهاد القلبي.
- متابعة زيارات إعادة الفحص بالموجات فوق الصوتية وفحوص الدم حسب توصيات الطبيب.

طرق الوقاية وتقليل عوامل الخطر
- تنظيف أسنان قطك بانتظام واستخدام أطعمة أو مكملات مخصّصة لصحة الفم.
- التأكد من التعقيم الجيد لأي أدوات تخترق الجلد مثل الحقن أو القُثاطر.
- علاج التهابات الجلد أو البول فوراً وعدم إهمال أي جروح.
- إجراء فحوص سنوية شاملة خاصة للقطط المصابة بأمراض مزمنة أو ضعف المناعة.
توقعات المرض على المدى البعيد
تُعدّ التوقعات العامة مَحْفُوظة (Guarded)، حيث تعتمد على سرعة التشخيص ونوع البكتيريا المصابة واستجابة القط للعلاج. قد يستعيد بعض القطط عافيتها كاملة، بينما يُصاب آخرون بفشل قلبي مزمن أو جلطات متكررة. الالتزام الصارم بالعلاج والمتابعة الدورية يرفع نسب البقاء على قيد الحياة بشكل ملحوظ.
الأسئلة الشائعة
هل التهاب الشغاف معدٍ بين القطط؟
لا يُعد المرض معدياً مباشرةً من قط لآخر، لأنه يحتاج إلى دخول البكتيريا إلى مجرى الدم. لكن مصدر العدوى الأصلي (مثل التهاب الفم) قد ينتقل إذا كان سببه بكتيريا مشتركة، لذلك يُنصح بالعناية بصحة الفم والأسنان لجميع الحيوانات في المنزل.
هل يمكن استخدام مضادات حيوية وقائية قبل تنظيف الأسنان؟
يوصي بعض الأطباء بإعطاء جرعة وقائية للقطط المعرّضة لخطر عالٍ (مثل المصابة بعيوب قلبية خلقية)، لكن القرار النهائي يحدِّده الطبيب البيطري بناءً على حالة القط الفردية واحتمالية ظهور مقاومة للمضادات الحيوية.
خلاصة
رغم ندرة التهاب شغاف القلب الإنتاني لدى القطط، إلا أنه مرض خطير يتطلب استجابة سريعة وعلاجاً متخصصاً. الفحص الدوري، والعناية بصحة الفم، ومعالجة أي عدوى باكراً يمكن أن يشكّل خط الدفاع الأول لحماية قلب قطك. لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري عند ملاحظة أي علامة غير طبيعية—فدقيقة واحدة قد تُحدث فرقاً في إنقاذ الحياة.