سمية الديجوكسين لدى القطط: الأسباب، الأعراض، وخيارات العلاج الحديثة
يُعَدّ الديجوكسين أحد الأدوية القلبية القوية التي تُستخدم في علاج فشل القلب الاحتقاني واضطرابات نظم القلب لدى القطط. وعلى الرغم من فاعليته، فإن نطاق الأمان الضيق لهذا الدواء يجعل أي خطأ بسيط في الجرعة أو تفاعل دوائي سببًا محتملًا لسمية قد تهدد حياة القطة. في هذا الدليل الشامل نستعرض كل ما يجب أن يعرفه مُربّو القطط حول هذه الحالة الخطيرة، بدءًا من أسباب حدوثها مرورًا بالأعراض وحتى التشخيص والعلاج.

ما هو الديجوكسين ولماذا يُستخدم في طب القطط؟
الديجوكسين هو جليكوزيد قلبي يعمل على زيادة قوة انقباض عضلة القلب مع إبطاء سرعة النبض، ما يجعله مفيدًا في:
- علاج فشل القلب الاحتقاني الناتج عن ضعف عضلة القلب أو أمراض الصمامات.
- السيطرة على الرجفان الأذيني وبعض اضطرابات النظم فوق البطينية.
لكن فعالية الدواء تقابلها حساسية مفرطة لأي زيادة طفيفة في تركيزه بالدم، الأمر الذي يستدعي مراقبة دقيقة ومتواصلة.

كيف تحدث سمية الديجوكسين؟
يرتبط حدوث السمية بعوامل عدة، أهمها:
- جرعة زائدة عمدًا أو عن طريق الخطأ: قد يحدث ذلك عند حساب الجرعة على أساس وزنٍ قديم للقطة أو استخدام تركيز بشري أقوى.
- انخفاض كفاءة الكلى: يقل إخراج الدواء، ما يرفع تركيزه في الدم.
- اختلال مستويات الشوارد (الإلكتروليتات): مثل نقص البوتاسيوم أو زيادة الكالسيوم، ما يعزز التأثير السمي للديجوكسين.
- التداخلات الدوائية: أدوية مثل كوينيدين، فيراباميل، ديلتيازيم، سبيرونولاكتون، إريثروميسين، أوميبرازول قد ترفع مستويات الديجوكسين.
- أمراض هرمونية أو تنفسية: قصور الغدة الدرقية أو نقص الأكسجين يضاعفان المخاطر.
الأعراض والعلامات السريرية
علامات الجهاز الهضمي
- فقدان الشهية المفاجئ
- قيء متكرر
- إسهال أو براز رخو
- نقص سريع في الوزن

علامات القلب والجهاز الدوري
- بطء شديد أو تسارع غير منتظم في ضربات القلب
- إغماء أو ترنح بسبب انخفاض التروية الدموية
- سماع خفقان غير طبيعي عند فحص الصدر
علامات عصبية
- اكتئاب وخمول واضح
- ارتعاش أو اهتزاز عضلي
- عدم اتزان أو ضعف عام
- هلاوس سمعية أو بصرية (يصعب ملاحظتها لكن قد تبدو القطة متوترة بلا سبب)
ملحوظة مهمة: قد تظهر الأعراض بصورة تدريجية أو فجائية، ويعتمد ذلك على مدى الزيادة في تركيز الدواء وحالة الكلى.
الخطوات الأولى عند الاشتباه في التسمم
إذا لاحظت أيًا من الأعراض السابقة على قطتك وهي تتناول الديجوكسين:
- أوقف الجرعة التالية فورًا.
- اتصل بالطبيب البيطري أو أقرب مركز طوارئ.
- دوّن وقت آخر جرعة وتركيزها بدقة.
- لا تحاول معالجة القطة منزليًّا بمحفزات قيء أو أدوية بشرية.
كيف يشخّص الطبيب البيطري سمية الديجوكسين؟
يعتمد التشخيص على الدمج بين التاريخ الدوائي والفحوصات التالية:
1. قياس مستوى الديجوكسين في الدم
يُسحب الدم عادة بعد 12 ساعة من آخر جرعة للوصول إلى قراءة دقيقة، والحدّ العلاجي للقطط يتراوح غالبًا بين 0.8–2.0 ng/mL.

2. تخطيط كهربائية القلب (ECG)
يكشف عن اضطرابات النظم مثل بطء الجيوب الأذيني، حصار AV من الدرجة الثانية أو الثالثة، وتسرّعات بطينية.
3. اختبارات الدم الشاملة
- الكيمياء الحيوية: لتقييم وظائف الكلى والكبد.
- الشوارد: بوتاسيوم، كالسيوم، مغنيسيوم.
- صورة دم كاملة: للكشف عن الجفاف أو العدوى المصاحبة.
خطة العلاج وإدارة الحالة
1. الإيقاف الفوري للديجوكسين
يُوقف الدواء تمامًا حتى عودة التركيز لمستواه الآمن.
2. الدعم القلبي وإدارة اضطرابات النظم
- ليدوكايين أو فينيتوين لعلاج تسرّع البطين.
- أتروبين إذا صاحب الحالة بطء قلبي حاد.
- بروبرanolol أو محصرات قنوات الكالسيوم عند الحاجة وتحت مراقبة دقيقة.
3. تصحيح الشوارد والسوائل
يُعطى محلول ملحي متوازن مع متابعة مستويات البوتاسيوم لتجنب فرط بوتاسيوم الدم.
4. إزالة السموم من الجهاز الهضمي
في حالات الابتلاع الحديث (< 2 ساعة):
- تعطي القطة فحمًا منشَّطًا لامتصاص الدواء.
- يمكن استخدام كوليستايرامين لزيادة طرح الديجوكسين عبر البراز.

5. الأجسام المضادة النوعية (Digoxin-Specific Fab Fragments)
تُعد العلاج الأكثر فاعلية لحالات السمية الشديدة، لكنها مرتفعة التكلفة وقد لا تتوافر إلا في مراكز متخصصة.
الرعاية المنزلية والمتابعة
بعد الخروج من المستشفى، سيضع الطبيب خطة تتضمن:
- إعادة فحص تركيز الديجوكسين والكهارل بعد 48–72 ساعة ثم دوريًّا.
- مراقبة العلامات الحيوية (معدل النبض، التنفس، شهية الطعام).
- تعديل الجرعة أو استبدال الدواء حسب حالة القلب والكلى.
- توفير بيئة هادئة وخالية من التوتر لتقليل ضغط القلب.
طرق الوقاية وتقليل المخاطر
أفضل علاج هو الوقاية، ويشمل ذلك:
- تحديد الجرعة بدقة اعتمادًا على الوزن الحالي للقطة.
- مراجعة تداخلات الأدوية مع الطبيب قبل إضافة أي عقار جديد.
- إجراء فحوصات دورية لوظائف الكلى ومستوى الديجوكسين كل 2–3 أشهر.
- تخزين الدواء بعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات الأخرى.
- توفير نظام غذائي متوازن يدعم صحة الكلى ويحافظ على توازن الشوارد.
الخلاصة
يمثل الديجوكسين سلاحًا ذا حدين؛ فهو ينقذ حياة العديد من القطط المصابة بأمراض القلب، لكنه قد يصبح خطرًا قاتلًا إذا استُخدم بلا مراقبة دقيقة. بمتابعة الجرعات، وإجراء الفحوصات المنتظمة، والانتباه المبكر للأعراض، يمكن لمُربّي القطط الحفاظ على سلامة حيواناتهم الأليفة والاستفادة من مزايا هذا الدواء الحيوي دون التعرض لمخاطره.
تنبيه: المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية، ولا تغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص.