ورم الهيمانجيوبيريسيتوما عند القطط: دليل شامل للأعراض والتشخيص وخيارات العلاج
يُعَدُّ ورم الهيمانجيوبيريسيتوما (Hemangiopericytoma) أحد أورام الأنسجة الرخوة النادرة في القطط، وينشأ من الخلايا الداعمة للأوعية الدموية المعروفة باسم الخلايا المحيطة بالأوعية. بالرغم من ندرة هذا الورم مقارنةً بالأورام الجلدية الأخرى، فإن فهم طبيعته وطرق علاجه أمر بالغ الأهمية لكل مُربّي قطط وطبيب بيطري يرغب في تقديم أفضل رعاية ممكنة للحيوان الأليف.

يمتاز هذا الورم بنموه البطيء عادةً، لكنّه يميل إلى العودة مجددًا إذا لم يُستأصل جراحيًا بهوامج واسعة. ولحسن الحظ، فإن احتمالية انتقاله (انتشاره) إلى أعضاء أخرى منخفضة، إلا أن رصد الحالة ومتابعتها يظل واجبًا لضمان بقاء القطة بصحة جيدة على المدى الطويل.
ما هو ورم الهيمانجيوبيريسيتوما؟
الهيمانجيوبيريسيتوما هو نوع من الساركوما (سرطان الأنسجة الرخوة) مصدره الخلايا المحيطة بالأوعية التي تُحيط بالشعيرات الدموية والأوعية الصغيرة. يظهر الورم عادةً على شكل كتلة أو أكثر تحت الجلد، وغالبًا ما يُكتشف في الأطراف أو الرأس أو العنق أو الجذع. في بعض الحالات النادرة قد يظهر داخل تجاويف الجسم.
الأسباب والعوامل المؤهِّبة
لا يزال السبب الدقيق لتكوُّن هذا الورم غامضًا، لكن الباحثين رصدوا بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالية ظهوره:
- العمر: تُشخَّص معظم الحالات في القطط متوسطة إلى متقدمة العمر (٨ سنوات فأكثر).
- التعرّض لإصابة سابقة: يُشتبه في أن الصدمات الجسدية أو الجراحات السابقة قد تُحفِّز تكوُّن الأورام في موضع الإصابة.
- العوامل الوراثية: لا توجد سلالة مُعرَّضة بشكل مؤكد، لكن هناك أبحاثًا تُحقِّق في الدور الوراثي المحتمل.
- الالتهابات المزمنة: التهيُّج المزمن للجلد أو الأنسجة قد يكون عاملاً مساعدًا.
الأعراض والعلامات السريرية
تختلف الأعراض باختلاف مكان الورم وحجمه، وتشمل أبرز العلامات ما يلي:
- ظهور كتلة صلبة تحت الجلد، غالبًا غير مؤلمة في المراحل المبكرة.
- زيادة تدريجية في حجم الكتلة مع الوقت.
- احتمالية تقرُّح الجلد أو نزيفه إذا أصبح الورم كبيرًا أو تعرض لصدمات خارجية.
- عرج أو صعوبة في الحركة إذا كان الورم على أحد الأطراف.
- خمول أو فقدان شهية في الحالات المتقدمة أو عند حدوث ألم.

مؤشرات يجب مراقبتها في المنزل
- أي تغيّر سريع في حجم أو شكل الكتلة.
- ظهور احمرار أو تقرّح أو نزف على سطح الجلد.
- تغيّر سلوك القطة مثل الاختباء أو الانزعاج عند لمس المنطقة المصابة.
- علامات عامة مثل فقدان الوزن أو النحول.
كيف يتم تشخيص ورم الهيمانجيوبيريسيتوما؟
الفحص البدني وجمع التاريخ المرضي
يبدأ الطبيب البيطري بفحص شامل للقطة، مع التركيز على موقع الورم وحجمه وثباته بالنسبة للأنسجة المحيطة. كما يُدوّن تاريخ القطة المرضي وأي تغيّرات حديثة أبلغ عنها المربي.

الفحوص التصويرية
تساعد الأشعة السينية (X-ray) والتصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) أو التصوير المقطعي المحوسَب (CT) في:
- تحديد مدى تغلغل الورم في الأنسجة المحيطة.
- استبعاد وجود انتقالات سرطانية في الرئة أو الأعضاء الأخرى.
- وضع خطة جراحية دقيقة خاصة عند وجود أوعية دموية أو أعصاب قريبة.
الخزعة والتحليل النسيجي
يُعَدُّ أخذ عينة نسيجية (Biopsy) وفحصها تحت المجهر خطوة حاسمة لتأكيد التشخيص. وقد تُستخدَم إحدى الطريقتين:
- شفط بإبرة دقيقة (FNA): سريع وأقل توغلاً، لكنه قد لا يوفر خلايا كافية للتشخيص القاطع.
- الخزعة الجراحية: استئصال جزء من الورم أو الورم كاملًا لإجراء تحليل نسيجي شامل، وهو النهج الأكثر دقة.
خيارات العلاج المتاحة
الجراحة واسعة الحواف

العلاج الأوَّلي والأكثر فاعلية هو الاستئصال الجراحي بهوامج واسعة (٣–٥ سم من الأنسجة السليمة حول الورم)، أو حتى البتر في بعض الحالات التي يتعذر فيها تحقيق هوامش نظيفة، مثل الأورام الكبيرة في الطرف البعيد. تُقلِّل الجراحة الناجحة احتمال الانتكاس المحلي بدرجة كبيرة.
العلاج الإشعاعي

إذا أظهر الفحص المجهري وجود خلايا سرطانية عند حافة القطعة المستأصَلة، أو عندما يكون الموقع الجراحي معقَّدًا ولا يسمح بهامش كافٍ، يُوصَى بالعلاج الإشعاعي التكميلي. يستهدف الإشعاع أي خلايا سرطانية متبقية، ما يخفض خطر التكرار.
العلاج الكيميائي والتقنيات المستحدثة
لا يُستخدَم العلاج الكيميائي عادةً كخيار أول لأن الورم لا يستجيب له جيدًا، لكن بعض الأطباء قد يُجرّبونه في الحالات المتقدمة أو المُنتشرة. تشمل الأبحاث الحديثة علاجات موجَّهة (Targeted therapy) أو لقاحات مناعية تسعى إلى تحفيز الجهاز المناعي للقطة ضد الخلايا السرطانية.
الرعاية المنزلية والمتابعة طويلة الأمد
بعد إتمام العلاج، يحتاج صاحب القطة إلى:
- مراقبة موقع الجراحة أسبوعيًا لاكتشاف أي تورُّم أو كتلة جديدة.
- زيارة الطبيب البيطري كل ٣–٦ أشهر لإجراء فحص بدني وصور أشعة على الصدر حسب توصية الطبيب.
- الحفاظ على وزن القطة ضمن الحدود الصحية، فالسمنة قد تُفاقم الضغط على الأنسجة الجراحية.
- تقديم نظام غذائي متوازن ومكملات إن أوصى بها الطبيب لتعزيز التعافي.

التنبؤ بمستقبل الحالة (التشخيص)
يُعتبر التشخيص جيدًا إلى ممتاز عندما يُستأصل الورم بالكامل بهوامج نظيفة، إذ يعيش الكثير من القطط سنوات عدة دون تكرار أو انتقال. أما في حالة الاستئصال الناقص أو الأورام الكبيرة جدًا، فترتفع نسبة التكرار، وقد يلزم تكرار الجراحة أو اللجوء للإشعاع.
الوقاية والكشف المبكر
لا توجد وسيلة محدَّدة لمنع ظهور ورم الهيمانجيوبيريسيتوما، ولكن الفحص الدوري لجسم القطة ولمس الجلد والأنسجة بحثًا عن أي كتل غير طبيعية يظل خط الدفاع الأول للاكتشاف المبكر والعلاج الناجح.
أسئلة شائعة
هل يُعَدُّ ورم الهيمانجيوبيريسيتوما خبيثًا دائمًا؟
يُصنَّف الورم كساركومة، أي أنه خبيث نظريًا، لكن معدل انتقاله منخفض. الخطورة الرئيسية تكمن في نموّه الموضعي وتكراره.
هل يمكن أن ينتشر الورم إلى الرئتين؟
الانتشار ممكن لكنه غير شائع. لذلك يوصي الأطباء عادة بإجراء صور أشعة للصدر دوريًا.
ماذا لو عاد الورم بعد الجراحة؟
قد يوصي الطبيب بإعادة الجراحة بهوامج أوسع، أو إضافة العلاج الإشعاعي لتحقيق السيطرة المحلية.
تذكير أخير: لا يُغني هذا المقال عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي كتلة أو تغيّر في سلوك قطتك، فاحجز موعدًا فوريًا للفحص.