يُعد التهاب الشرايين الفيروسي الخيلي (Equine Viral Arteritis – EVA) أحد الأمراض المُعدية التي تصيب الخيول بجميع أعمارها وسلالاتها، وقد يؤدي إلى مشاكل تنفسية وتناسلية خطيرة، بما في ذلك الإجهاض في الأفراس وتحوّل الفحول إلى حوامل صامتة للفيروس. في هذا الدليل الشامل نجمع أحدث المعلومات العلمية حول المرض، بدءًا من طرق العدوى مرورًا بالأعراض والتشخيص وصولًا إلى العلاج والوقاية، حتى يتمكن المُربّي أو مالك الخيل من اتخاذ قرارات صحية واعية للحفاظ على قطيعه.

ما هو التهاب الشرايين الفيروسي الخيلي؟
التهاب الشرايين الفيروسي الخيلي هو مرض تسببه فيروسات الشرايين الخيلية (من عائلة Arteriviridae) التي تستهدف الأوعية الدموية والأنسجة التناسلية والجهاز التنفسي. يُصنَّف المرض ضمن قائمة الأمراض الخاضعة للرقابة في العديد من الدول نظرًا لإمكانه التسبب في خسائر اقتصادية جسيمة لقطاع الفروسية.
دورة حياة الفيروس بإيجاز
بعد دخول الفيروس إلى الجسم يتكاثر في العقد الليمفاوية ويُطلق إلى الدم خلال فترة حضانة تتراوح بين 3–7 أيام. ينتشر بعدها إلى الأوعية الدموية مسببًا التهابًا في جدرانها، الأمر الذي يفسر مظاهر الاحتقان والوذمة (التورم) التي نراها على أطراف الخيل المصابة.
طرق انتقال العدوى
يستطيع الفيروس الانتقال عبر مسارين رئيسيين:
- الطريق التنفسي: استنشاق الرذاذ الناتج عن سعال أو عطس حصان مصاب.
- الطريق التناسلي: التلقيح الطبيعي أو الاصطناعي بسائل منوي يحمل الفيروس من فحل حامل.
العوامل التي تزيد من خطر الإصابة
- إيواء أعداد كبيرة من الخيول في مكان واحد بدون عزلٍ للمشكوك بإصابتهم.
- الاستخدام غير المنضبط للفحول في التلقيح دون فحص مخبري.
- عدم الالتزام ببرنامج تلقيح دوري.
الأعراض والعلامات السريرية
قد تمر بعض الخيول بالعدوى دون ظهور أي علامة واضحة، لكن في الحالات السريرية النمطية تظهر الأعراض التالية:

- ارتفاع درجة الحرارة (قد تتجاوز 40.5° مئوية).
- إفرازات أنفية مائية أو مخاطية.
- التهاب ملتحمة العين واحمرارها مع تدمّع.
- تورّم الأطراف الأمامية أو الخلفية، وأحياناً تورم الجفن أو الصفن أو الضرع.
- طفح جلدي خفيف على الجزء الداخلي من الفخذ.
- فقدان الشهية والخمول.
- إجهاض مفاجئ في الأشهر الأخيرة من الحمل.
- وفيات مفاجئة في المهرات حديثة الولادة.
ملاحظة: شدة الأعراض قد تختلف باختلاف سلالة الخيل، عُمره، وحالة جهازه المناعي، كما أن الفحول البالغة قد تتحول إلى حاملة مزمنة للفيروس دون أي علامات خارجية.
التشخيص
لا يعتمد التشخيص على الأعراض وحدها، إذ تتشابه مظاهره مع أمراض تنفسية وتناسلية أخرى مثل الإنفلونزا الخيلية، والهربس الخيلي، Purpura Hemorrhagica. لذلك يلجأ الطبيب البيطري إلى اختبارات مخبرية لتأكيد الإصابة:
- العزل الفيروسي أو تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): للكشف المباشر عن الفيروس في الدم أو السائل المنوي.
- اختبار الأجسام المضادة (ELISA أو اختبار التعادل الفيروسي): يقارن عينتين مأخوذتين بفارق أسبوعين لاكتشاف زيادة العيار المناعي.
- الفحص النسيجي للأجنة المجهضة: عند حدوث إجهاض.

يفضَّل جمع العينات أثناء المرحلة الحادة من المرض لرفع فرصة رصد الفيروس.
العلاج والرعاية الداعمة
لا يوجد مضاد فيروسي نوعي لـ EVA، لذا يركز العلاج على تخفيف الأعراض ومنع المضاعفات:
- التزام الراحة في مكان هادئ ونظيف.
- تقديم مضادات التهاب غير ستيرويدية (NSAIDs) لخفض الحرارة وتسكين الألم.
- تعويض السوائل إلكتروليتياً عند ظهور علامات جفاف.
- استخدام مضادات حيوية عند الاشتباه بعدوى ثانوية بكتيرية.
- عزل الخيول المصابة لتقليل انتشار الفيروس.
التعامل مع الفحول الحاملة
قد يبقى الفيروس في الغدد التناسلية للفحل مكتسبًا صفة الحمل المزمن، وهي حالة تعتمد على وجود هرمون التستوستيرون. يمكن:
- مواصلة استخدام الفحل في التلقيح بشرط تلقيح أفراس مُحصَّنة فقط.
- إخضاعه لبروتوكول علاجي تجريبي يشمل أدوية تُثبط إفراز التستوستيرون.
- اللجوء إلى الخصي كخيار نهائي للتخلص من حالة الحمل المزمن.
الرعاية اللاحقة والمتابعة
يجب مراقبة درجة حرارة الخيل يوميًا خلال الأسبوع الأول بعد التعافي، وافحص الأطراف بحثًا عن أي تورّم متبقٍ. يُنصح بإجراء فحص مخبري تأكيدي قبل إرجاع الحصان إلى القطيع.
الوقاية وإجراءات الأمن الحيوي

التطعيم
يتوفر لقاح حي مُضعَّف معتمد في أغلب الدول. يوصَى بما يلي:
- تلقيح المهران ابتداءً من عمر 6–9 أشهر.
- جرعة تنشيطية سنوية لجميع الخيول البالغة.
- تلقيح الأفراس قبل موسم التزاوج بـ 3 أسابيع على الأقل.
- تسجيل رقم اللوت وتاريخ اللقاح في جواز السفر البيطري.
ممارسات الحجر الصحي

- عزل الخيول الجديدة 3 أسابيع مع إجراء اختبار PCR قبل إدخالها.
- الفصل بين الفحول والأفراس الحوامل خلال موسم التزاوج.
- تطهير المعدات المشتركة وأدوات العناية بعد كل استخدام.
- ارتداء العاملين ملابس واقية وتغيير القفازات بين الخيول.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يُصاب البشر بـ EVA؟
لا. لا توجد أي دلائل على أن الفيروس قادر على إصابة البشر.
ماذا أفعل إذا أظهرت نتيجة الفحل إيجابية للفيروس؟
استشر طبيبك البيطري لتحديد ما إذا كان الفحل حاملًا مزمنًا، ثم قرر الاستمرار في استخدامه مع الأفراس المُحصَّنة أو تطبيق الإجراءات الطبية الأخرى.
هل يوفر اللقاح حماية مدى الحياة؟
يوفر اللقاح حماية جيّدة، لكنها تتضاءل مع مرور الوقت، لذا يجب الالتزام بالجرعات التنشيطية السنوية.
خلاصة
يبقى التهاب الشرايين الفيروسي الخيلي تحديًا لكل من يعتني بالخيول، إلا أن الجمع بين التطعيم، وإجراءات الأمن الحيوي، والرصد المخبري الدوري يمكن أن يقلل من مخاطره إلى أدنى حد. احرص دائمًا على التعاون مع الطبيب البيطري لوضع خطة وقائية مخصصة لقطيعك.
المراجع
- F. Opdebeeck. “Equine Viral Arteritis: A review of the virus and disease.” , 2020-11-02. www.frontiersin.org