نظرة عامة على نقص المناعة المركَّب الشديد (SCID) لدى الخيول
يُعَدّ نقص المناعة المركَّب الشديد أو SCID من أخطر الأمراض الوراثية التي تهدّد صغار الخيول، خصوصاً الخيول العربية والسلالات ذات الأصول العربية. يتسبّب هذا المرض في فشل الجهاز المناعي للمهر حديث الولادة، ما يجعله عرضةً للإصابة بالعدوى البكتيرية والفيروسية والفطرية منذ الأيام أو الأسابيع الأولى للحياة.

ما هو نقص المناعة المركَّب الشديد؟
SCID هو اضطراب وراثي متنحٍ ناتج عن طفرة في جين DNA-PKcs المسؤول عن تكوين الخلايا اللمفاوية (B و T). نتيجةً لذلك، يُولد المهر بلا مناعة وظيفية تقريباً، فلا يستطيع تكوين أجسام مضادّة لمكافحة الجراثيم.
السلالات الأكثر عُرضة
يُصيب المرض ما يقارب 8 % من المواليد في بعض خطوط الخيول العربية، بينما تصل نسبة حَمَلة الجين في بعض القطعان إلى 25 %. وقد سُجّلت حالات نادرة في الخيول البينتو وAmerican Paint نتيجة التزاوج مع الدم العربي.
الأعراض والعلامات الإكلينيكية
- التهاب رئوي متكرّر أو شديد خلال الأسابيع الأولى.
- إسهال مزمن أو مفاجئ يصعب السيطرة عليه.
- فقدان الوزن وضعف عام وعدم نمو طبيعي.
- ارتفاع أو انخفاض متقلب في درجة الحرارة.
- التهاب سُرّي أو عدوى في المفاصل.
- استجابة ضعيفة أو معدومة للمضادات الحيوية التقليدية.

الأسباب والعوامل الوراثية
المرض ناتج عن وراثة متنحية؛ أي أنّ المهر لا يُصاب إلا إذا ورث نسخة معيبة من الجين من كلٍّ من الأبوين. أمّا إذا حمل نسخةً واحدة فقط، فيُصبح حاملاً للمرض دون أعراض، ويُمكنه نقله إلى الأجيال القادمة.
لتجنّب ولادة مهور مصابة، يجب ألا يتزاوج فحل وحاملة مع فرس حاملة؛ فاحتمال ولادة مهر مصاب حينها يصل إلى 25 % لكل حمل.
طرق التشخيص
يُوصى بالتشخيص المبكّر بمجرد ملاحظة علامات ضعف المناعة، ويشمل ذلك:

الفحوصات المخبرية الرئيسية
- تعداد خلايا الدم البيضاء التفصيلي: يُظهر انخفاضاً حاداً أو غياب الخلايا اللمفاوية B وT.
- قياس مستوى الغلوبولين المناعي: تكون قيم IgM وIgG منخفضة أو غير قابلة للقياس.
- اختبار DNA-PKcs الجزيئي: يُؤكِّد وجود الطفرة المسؤولة عن SCID بدقّة تفوق 99 %.
في بعض الحالات، يُعزَّز التشخيص بصور الأشعة السينية للصدر أو مزرعة سوائل القصبات لتقييم العدوى الثانوية.
الخيارات العلاجية وإدارة الحالة
للأسف، لا يوجد علاج شافٍ يعيد القدرة المناعية إلى طبيعتها، لكن يمكن تقديم رعاية داعمة لإطالة عمر المهر قليلاً وتحسين جودته:
الإجراءات الداعمة
- إعطاء بلازما عالية الغلوبولين مأخوذة من خيول مُحصَّنة لرفع مستوى الأجسام المضادّة مؤقتاً.
- علاج عدوى الجهاز التنفسي أو الهضمي بمضادّات حيوية واسعة الطيف.
- العناية المكثفة بالسوائل والتغذية بالأنبوب عند الحاجة لمنع الجفاف وسوء التغذية.
- عزل المهر في بيئة خالية من الجراثيم قدر الإمكان.
التكهّن بمصير المهر
رغم كل التدابير، غالباً ما يتوفى المهر قبل بلوغ عمر 5–6 أشهر. ولهذا تُعَدّ الوقاية عبر الاختبارات الوراثية أكثر فعالية من أي بروتوكول علاجي.

الوقاية وبرامج التربية المسؤولة
إدارة التربية هي خط الدفاع الأول ضد SCID:
اختبارات ما قبل التزاوج
من الضروري إجراء الاختبار الوراثي للفحل والفرس. إذا كان أحدهما أو كلاهما حاملاً، يجب اختيار شريك تزاوج خالٍ من الجين المَعِيب أو استخدام تقنيات الإخصاب المخبري والتلقيح الصناعي مع فحص الأجنّة.
استراتيجيات إدارة المزرعة
- تثقيف العملاء والمربين حول مبادئ الوراثة المتنحية.
- حصر وتتبّع أنساب الخيول لتجنّب تزاوج الأقارب أو تركيز الطفرة في السلالة.
- حفظ سجلات صحية دقيقة لكل مهر ومتابعة نتائج الاختبارات الجينية للأجيال اللاحقة.
أسئلة متكرّرة
هل يمكن تلقيح المهر المصاب بـ SCID؟
غالباً لا يُعطي التطعيم النتيجة المرجوة لغياب الاستجابة المناعية، بل قد يزيد الضغط على جسم المهر الضعيف.
كم مرة ينبغي إجراء الاختبارات الوراثية للخيول المستخدمة في التربية؟
مرة واحدة تكفي لكلّ حصان، طالما تُحفَظ النتائج في السجلات وتُراجَع قبل كل موسم تزاوج.
ما الفرق بين SCID ونقص المناعة الشائع لدى الخيول البالغة؟
SCID وراثي ويظهر مبكراً جداً، بينما نقص المناعة المكتسب في الخيول البالغة يحدث نتيجة أمراض أو سوء تغذية ويمكن معالجته في كثير من الحالات.
الخلاصة
يُشكِّل SCID تهديداً حقيقياً لصناعة تربية الخيول العربية حول العالم، لكن الوقاية منه ممكنة عبر الالتزام بالاختبارات الوراثية وتبنّي ممارسات تربية مسؤولة. احرص دائماً على استشارة الطبيب البيطري والمتخصصين في الوراثة قبل اتخاذ قرارات التزاوج، وبذلك تحمي مهورك وتُسهم في تحسين صحة السلالة على المدى البعيد.
المراجع
- كليوباترا القاسمي. “SCID: Perspectives on Genetic Disorders in Horses.” , 2023-06-17. www.horseperspectives.com