مرض الخانوق في الخيول (Strangles): الدليل الكامل للأعراض والعلاج والوقاية
يُعدّ الخانوق (أو «سترانغلز» Strangles) واحداً من أكثر الأمراض التنفسية البكتيرية شيوعاً وخطورةً في عالم الخيول. وعلى الرغم من أن معدل الوفيات منخفض عادة، إلا أن شدة الأعراض وسهولة انتقال العدوى يمكن أن تسببا خسائر اقتصادية وعاطفية كبيرة لمربي الخيول وأصحاب الإسطبلات. في هذا الدليل الشامل، سنتناول كل ما تحتاج معرفته عن أسباب ومظاهر المرض، طرق التشخيص والعلاج، وكيفية حماية خيلك ومنع تفشي العدوى.

ما هو مرض الخانوق؟
الخانوق هو عدوى بكتيرية حادة تصيب الجهاز التنفسي العلوي للخيول وتنتج عن Streptococcus equi subspecies equi. تتمركز البكتيريا في العقد اللمفاوية حول الحلق والرأس، فتسبب التهابات قيحية (خراجات) قد تعيق المجرى التنفسي، ومن هنا جاء اسم «الخانوق».
دورة العدوى وكيف تنتقل البكتيريا
تنتقل S. equi بسهولة بالغة من خيلٍ إلى آخر عبر:
- التلامس المباشر مع الإفرازات الأنفية أو القيح المتسرب من الخراجات.
- استخدام أدوات مشتركة مثل دلاء الماء، أدوات العناية، أو أحزمة الرأس.
- البيئة المُلوّثة؛ إذ يمكن للبكتيريا البقاء حيّة في الماء أو على الأسطح الرطبة لعدة أسابيع.
- أحصنة حاملة صامتة للبكتيريا (خاصةً في الجيوب البلعومية) دون إظهار أي أعراض.

فترة الحضانة
تتراوح فترة حضانة الخانوق عادةً بين ٣ إلى ١٤ يوماً، وخلال هذا الوقت قد يبدو الحصان بصحة جيدة بينما يكون ناقلاً للعدوى.
الأعراض الشائعة
ابدأ بالاشتباه في الخانوق إذا لاحظت واحداً أو أكثر من العلامات التالية:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم (يصل غالباً إلى ٤٠°م).
- خمول وفقدان الشهية.
- إفرازات أنفية سميكة صفراء أو خضراء.
- سعال خفيف أو صعوبة في البلع.
- تورم مؤلم تحت الفك (العقد اللمفاوية تحت الفك أو تحت الحلق).
- تكوّن خراجات قد تنفجر وتُطلِق قيحاً معدياً.
- صعوبة في التنفس عندما يضغط التورم على مجرى الهواء.

متى يجب الاتصال بالطبيب البيطري؟
إذا ظهرت حمى مفاجئة أو تورم سريع في العقد اللمفاوية، فاتصل بالطبيب البيطري فوراً. التدخل المبكر يُسهّل العلاج ويقلل من خطر انتقال العدوى لبقية الأحصنة.
تشخيص مرض الخانوق
يعتمد التشخيص الدقيق على:
- الفحص السريري: ملاحظة الأعراض مثل التورم والإفرازات.
- عينات مخبرية: أخذ مسحة من الأنف أو القيح لزراعتها أو تحليلها بتقنية PCR لتأكيد وجود S. equi.
- فحص الجيوب البلعومية: باستخدام المنظار أو التصوير بالموجات فوق الصوتية للكشف عن الخراجات الداخلية أو التراكمات (chondroids).
- اختبارات الأجسام المضادة: تُفيد في تقييم التعرض السابق وخطر الإصابة بالمضاعفات مثل «الخانوق الداخلي» أو «البوربورا النزفية».
خطة العلاج والرعاية التمريضية
يختلف البروتوكول العلاجي وفق المرحلة وشدة الحالة؛ ومع ذلك تُعد الرعاية الداعمة حجر الأساس.
الرعاية الداعمة
- توفير معزل هادئ جيد التهوية بعيد عن بقية الخيول.
- إعطاء علائق طرية ودافئة لتسهيل البلع.
- تقديم ماء نظيف فاتر لتشجيع الشرب.
- استخدام كمادات دافئة على التورم لتسريع نضج الخراج.
- مراقبة درجة الحرارة مرتين يومياً وتوثيقها.
«يُفضَّل عدم فتح الخراج جراحياً إلا تحت إشراف بيطري، لأن التوقيت الخاطئ قد يزيد الالتهاب ويطيل فترة الشفاء.»
استخدام المضادات الحيوية
لا يُوصى بالمضادات الحيوية لجميع الحالات، لأن القضاء السريع على البكتيريا قبل تكوّن المناعة الطبيعية قد يُعرِّض الحصان لانتكاسة لاحقة. ومع ذلك، قد يصف الطبيب البنسلين أو أدوية بديلة إذا:
- كان الحصان يعاني حمى شديدة في المراحل المبكرة.
- ظهرت علامات على إصابة الجهاز التنفسي السفلي.
- كان هناك خطر من المضاعفات الجهازية («الخانوق الداخلي»).
العزل ومنع انتشار العدوى
يجب الحفاظ على عزل الخيول المصابة لمدة لا تقل عن ٣ أسابيع بعد اختفاء الأعراض. للحصول على نتيجة مؤكدة، ينصح بالآتي:
- إجراء مسحتين أنفيتين سلبيتين (PCR) بفاصل أسبوع.
- تطهير الأدوات والملابس والأحذية بعد كل زيارة للحظيرة المصابة.
- استخدام دلاء وأدوات عناية مخصصة لكل حصان.

المضاعفات المحتملة
- الخانوق الداخلي (Bastard Strangles): تكون خراجات في أعضاء داخلية مثل الكبد أو الرئتين.
- البوربورا النزفية (Purpura hemorrhagica): تفاعل مناعي يسبب التهاب الأوعية الدموية وتورماً عاماً وقد يهدد الحياة.
- تكوّن «شوندرويد»: تكتلات صلبة من القيح الجاف في الجيب البلعومي تجعل الحصان حاملاً دائماً للبكتيريا.
- انسداد المجرى التنفسي الحاد: يحتاج أحياناً إلى فغر قصبة هوائية طارئ.
الوقاية وإدارة التفشي
الوقاية هي أفضل علاج، وتشمل الخطوات التالية:
- التطعيم: يتوفر لقاحان (حقني وداخل الأنف). يُقرِّر الطبيب البيطري النوع والجدول وفق حالة المزرعة.
- الحجر الصحي للقادمين الجدد: عزل أي حصان جديد لمدة ٢–٣ أسابيع مع إجراء مسحات أنفية.
- التنظيف والتطهير المنتظم: إزالة الروث يومياً وغسل الدلاء بالماء الساخن والمطهرات.
- تجنّب الاكتظاظ: الحفاظ على تهوية جيدة ومسافات كافية بين الخيول.
- وعي العاملين: تدريب فريق العمل على غسل اليدين وتغيير الملابس بين الأقسام.

أسئلة شائعة
هل يمكن أن يُصاب البشر بالخانوق؟
حالات انتقال S. equi إلى البشر نادرة للغاية، لكنها ممكنة عند الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة. لذلك تبقى إجراءات النظافة الشخصية ضرورية.
هل يمكن للحصان أن يصاب بالمرض أكثر من مرة؟
تُكوّن معظم الخيول مناعة جيدة بعد الشفاء، إلا أن المناعة ليست دائمة، ويمكن للحصان أن يصاب مجدداً بعد سنوات.
متى يُسمَح بإعادة الحصان المصاب إلى التمرين الكامل؟
بعد تأكد سلبية المسحات الأنفية واختفاء أي تورم أو سيلان، يمكن البدء ببرنامج عودة تدريجي للتمرين يستمر ١٠–١٤ يوماً.
خاتمة
يعتبر الخانوق مرضاً شديد العدوى لكنه قابل للعلاج والوقاية عند اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب. تواصلك السريع مع الطبيب البيطري، والالتزام الصارم بالعزل والنظافة، وتطبيق برنامج تطعيم مدروس هي مفاتيح حماية خيلك وتعافيها السريع.
المراجع
- عالم الطب البيطري. “Treatment and Prevention of Equine Strangles.” , 2020-06-10. www.veterinaryworld.org