الدليل الشامل لعدوى الأوليات في الزواحف: الأعراض، الأسباب، الوقاية والعلاج
تُعدّ الزواحف من الحيوانات الأليفة الرائعة التي تجذب عشّاق الحياة البرية بسبب سلوكها الفريد وألوانها الزاهية. لكن صحتها قد تتعرض للخطر بسبب عدد من العوامل، من أبرزها عدوى الأوليات (Protozoal Infection)، وهي طفيليات وحيدة الخلية قادرة على التسبب بمشكلات هضمية ودموية خطيرة. في هذا الدليل المفصَّل، سنأخذك في جولة شاملة لفهم طبيعة هذه الكائنات، وأسباب العدوى، وأفضل طرق التشخيص والعلاج والوقاية للحفاظ على صحة زواحفك.

ما هي الأوليات؟
الأوليات هي كائنات مجهرية وحيدة الخلية تنتمي إلى المملكة الحيوانية. تعيش العديد من أنواعها بصورة طبيعية في البيئة أو حتى في أمعاء الحيوانات، إلا أنّ بعضها يتطفل على العائل مسبّبًا أمراضًا قد تكون شديدة. تكمن خطورتها في قدرتها على التكاثر السريع داخل جسم الزواحف، ما يؤدي إلى تدمير الأنسجة أو تعطيل وظائف الأعضاء.
لماذا تُعدّ عدوى الأوليات خطيرة على الزواحف؟
بخلاف الثدييات، تمتلك الزواحف معدل أيض بطيء ونظام مناعة يختلف في آليته، الأمر الذي يجعل اكتشاف العدوى وعلاجها أكثر تعقيدًا. إذا تُركت العدوى دون علاج، يمكن أن تؤدي إلى:
- فقدان سريع للوزن والجفاف.
- تلف الأنسجة المعوية أو الكبدية بشكل دائم.
- انتشار العدوى إلى باقي أفراد القطيع أو الحيوانات الأليفة الأخرى.
- ارتفاع معدل الوفيات، خاصة مع طفيليات مثل Cryptosporidium في الأفاعي.
أكثر الأوليات شيوعًا في عالم الزواحف
- Entamoeba invadens (إنتاميبا إنفادينز): المسبب الرئيسي لداء الأميبا في الثعابين والسحالي، ويستهدف الكبد والأمعاء.
- Cryptosporidium spp. (الكريبتوسبوريديوم): يتطفل على بطانة المعدة والأمعاء؛ غالبًا ما يكون مميتًا في الأفاعي.
- Eimeria & Isospora (الإيميريا والإيزوسبورا): تُعرف باسم الكوكسيديا، وتسبب تهيّجًا معويًا حادًا وإسهالًا دمويًا.
- Flagellates (العَلميات أو السوطيات) مثل Trichomonas وGiardia: شائعة في الزواحف المُستوردة وتسبب الإسهال والرائحة الكريهة للبراز.
- Plasmodium spp. (ملاريا الزواحف): تنتقل عبر البعوض وتهاجم خلايا الدم مسببة فقر دم وضعفًا عامًا.

طرق انتقال العدوى
تحدث العدوى عادةً عبر طريق واحد أو أكثر من الطرق التالية:
- الفموي البرازي (Fecal–Oral): ابتلاع بويضات أو أكياس الطفيلي الموجودة في فضلات حيوان مصاب أو في المياه الملوّثة.
- الافتراس أو أكل الفرائس الحيّة: قد تكون القوارض أو الحشرات الحية حاملة للأوليات.
- الانتقال المباشر: من خلال التلامس الجلدي أو العضّ بين الزواحف.
- الناقلات الحشرية: مثل البعوض التي تنقل Plasmodium.
- معدات وأوعية غير معقّمة: الأحجار، الأطباق، أو الديكورات الملوّثة.
العلامات والأعراض
قد تختلف الأعراض حسب نوع الطفيلي وحالة الزاحف، لكن تشمل القائمة التالية أكثر العلامات شيوعًا:
- إسهال مائي أو دموي.
- قيء أو ارتجاع الطعام.
- فقدان الشهية وخسارة ملحوظة للوزن.
- خمول، سبات أو عدم الاستجابة للمؤثرات.
- انتفاخ البطن أو تورّم الأطراف.
- جفاف الجلد أو العينين.
- تغيُّر في لون البراز أو رائحته.
كيفية التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري المتخصص في الزواحف على عدة أدوات تشخيصية لتأكيد الإصابة وتحديد نوع الطفيلي:
- فحص البراز الطازج: يشمل المسحة المباشرة وتقنية التعويم لفحص الأكياس والبويضات.
- مسحة الدم أو صبغة جيمسا: للكشف عن الطفيليات الدموية مثل Plasmodium.
- اختبار PCR أو ELISA: لتأكيد الهوية الجينية للطفيلي بدقة عالية.
- التنظير الداخلي أو الخزعة: في الحالات المزمنة أو عند الاشتباه بتلف الأنسجة.
- التصوير بالأشعة أو الموجات فوق الصوتية: لتقييم حجم الكبد والأمعاء ومدى تأثرهما.

خيارات العلاج
- الأدوية المضادة للأوليات:
- الميترونيدازول أو الرو نيدازول للسوطيات والأميبا.
- سلفاديازين أو بونازوريل لعلاج الكوكسيديا.
- نيتازوكسانيد أو كليندامايسين في حالات الكريبتوسبوريديوم (تأثير محدود).
- العلاج الداعم: تعويض السوائل عبر الحقن تحت الجلد أو الوريد لمنع الجفاف.
- التغذية القسرية أو أنابيب التغذية: للحفاظ على الوزن، خاصة في السحالي العاشبة.
- المضادات الحيوية الثانوية: عند وجود عدوى بكتيرية مرافقة.
- العزل: وضع الحيوان المصاب في حجرة حجر صحي لتجنّب نشر العدوى.
يجب ألا تُستخدم الأدوية إلا بإشراف طبيب بيطري، إذ تختلف الجرعات باختلاف الأنواع والأوزان ودرجة الحرارة البيئية.
الرعاية الداعمة وإدارة البيئة
يلعب تحسين ظروف الحظيرة دورًا كبيرًا في تعافي الزاحف ومنع إعادة العدوى:
- الحفاظ على درجة حرارة ورطوبة مثالية بما يتناسب مع نوع الزاحف.
- توفير نقاط حرارة (Basking Spots) لرفع مناعة الجسم عبر التنظيم الحراري.
- استخدام ركيزة قابلة للتنظيف أو الاستبدال بسهولة مثل المناديل الورقية.
- تطهير الأوعية والديكورات بمحلول مبيّض مخفّف بنسبة 1:32 ثم شطفها جيدًا.
- التأكد من جودة مياه الشرب واستبدالها يوميًا.
- مراقبة البراز دوريًا وتسجيل التغيّرات.
تذكّر: البيئة النظيفة ليست رفاهية، بل خط الدفاع الأول ضد العدوى.

الوقاية وحماية القطيع
- إجراء فحوصات برازية دورية كل 3–6 أشهر.
- حجر صحي لأي حيوان جديد لمدة لا تقل عن 60 يومًا.
- تجنّب إطعام فرائس غير معروفة المصدر، وتأكّد من «تحميل» الحشرات بالعناصر الغذائية (Gut-Loading).
- التخلّص الفوري من الفضلات وبقايا الطعام.
- غسل اليدين قبل وبعد التعامل مع كل حيوان.
- عدم تبادل المعدات بين الأحواض دون تعقيم شامل.
متى يُوصَى بزيارة الطبيب البيطري؟
راجع طبيبًا بيطريًا متخصصًا بالزواحف فورًا إذا لاحظت أيًّا من الآتي:
- إسهال مستمر لأكثر من 48 ساعة.
- فقدان وزن يتجاوز 10 ٪ من كتلة الجسم خلال أسبوعين.
- قيء متكرّر أو دم في البراز.
- خمول شديد أو صعوبات في التنفس.
- تضخّم واضح في البطن أو الأطراف.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن تُصاب الزواحف المنزلية بالعدوى حتى لو كانت داخل حوض معقّم؟
نعم، فقد تنتقل الأوليات عبر طعام ملوّث أو حشرات حية حاملة للعدوى، لذلك تبقى الفحوصات الدورية ضرورية.
هل تشكّل عدوى الأوليات خطرًا على البشر؟
تُعتبر معظم الطفيليات الأولية في الزواحف محددة العائل، لكن النظافة الشخصية وغسل اليدين بعد التعامل مع الزواحف ضروريان لتقليل أي مخاطر محتملة.
كم يستغرق العلاج عادةً؟
يستمر العلاج الدوائي عادة من 5 إلى 30 يومًا حسب نوع الطفيلي وشدة الإصابة، وقد تتطلب بعض الحالات علاجًا داعمًا أطول.
الخاتمة
العناية الصحيحة، والمراقبة المستمرة، والنظافة الدقيقة هي مفاتيح الوقاية من عدوى الأوليات لدى الزواحف. بتطبيق النصائح الواردة في هذا الدليل والحصول على استشارة طبية عند الحاجة، ستمنح حيوانك الأليف بيئة صحية وفرصة لحياة طويلة خالية من الأمراض.
المراجع
- الباحثون في علوم الحيوان. “Protozoal Infections in Reptiles.” , 2022-05-15. www.animalresearch.org