هل القطط شريرة حقًا؟ تفكيك الأساطير وفهم سلوك القطط
تتردّد عبارة «القطط شريرة» كثيرًا على شبكات التواصل الاجتماعي وفي جلسات الأصدقاء، خصوصًا بعد مشاهدة فيديو لقط يدفع كوبًا من على الطاولة أو يهاجم قدم صاحبه فجأة. لكن هل تتعمّد القطط فعل الشر؟ أم أن ما نراه هو إسقاط بشري على سلوكيات طبيعية تمامًا؟ في هذا المقال سنفكّك الأساطير، ونشرح الدوافع الحقيقية وراء تصرّفات القطط التي تبدو “شيطانية”، ونقدّم نصائح للتعايش السلمي معها.

«الشر» مفهوم بشري لا ينطبق على القطط
من منظور علم السلوك الحيواني، لا يمكن وصف القطط – أو أي حيوان – بأنها شريرة أو طيبة. فالأخلاق مفهوم إنساني بحت؛ أما القطط فتتصرّف وفق غرائز البقاء، والغذاء، والتكاثر، والأمان. عندما يخدش القط أريكتك، أو يجلب لك عصفورًا ميّتًا، فإنه لا يقصد إيذاءك أو إزعاجك، بل يلبّي احتياجات فطرية.
لماذا تقوم القطط بتصرّفات تبدو «شريرة»؟
1. خدش الأثاث
يعمل الخدش على:
- شحذ المخالب: إزالة الطبقة الميتة من الظفر.
- وضع علامات رائحة: توجد غدد رائحة في الكفوف.
- تمديد عضلات الظهر والكتف.
الحل: وفّر أعمدة خدش متعددة بمواد مختلفة (كرتون، سيزال) في مواقع استراتيجية.
2. دفع الأشياء من الحواف
قد ترى تصرّفًا متعمّدًا، لكن القط يفعل ذلك لأسباب مثل:
- السلوك الافتراسي: اختبار ما إذا كان «الفريسة» ستهرب.
- الفضول: تعلّم خصائص الأجسام.
- جذب الانتباه: أدرك أن سقوط الأغراض يجلب ردّ فعل منك.

3. جلب فرائس ميّتة إلى المنزل
رغم وفرة الطعام، تحتفظ القطط بغريزة الصيد. إحضار الفريسة لك قد يكون:
- هدية لصاحب المجموعة (أنت).
- رغبة في تخزين الطعام في مكان آمن.
- طريقة لتعليم صغارها – أو حتى «صاحبها» – كيفية الصيد.
4. العض أو الخدش أثناء اللعب
قد تتحوّل جلسة الملاطفة إلى هجوم مفاجئ بسبب:
- الإفراط في تحفيز مناطق حساسة كالظهر أو البطن.
- اللعب العدواني غير الموجَّه.
- الخوف أو الألم، خاصة إذا كانت العَضة مفاجئة وغير اعتيادية.
تنبيه: إذا لاحظت تغيرًا فجائيًا في مزاج قطك، فاستشر الطبيب البيطري للتحقق من وجود مشكلات صحية.

كيف نخفّف من السلوكيات غير المرغوبة؟
1. الإثراء البيئي
القطط حيوانات فضولية وتحتاج إلى التحفيز الذهني والجسدي:
- ألعاب تفاعلية تعتمد على المطاردة (عصا الريش، مؤشر الليزر).
- أحجيات الطعام (Slow feeders, puzzle toys).
- مستويات عمودية (رفوف، شجرة قطط) للهروب والاستكشاف.
2. التدريب بالتعزيز الإيجابي
يمكنك تدريب القط على أوامر بسيطة مثل «اجلس» أو «تعال» باستخدام مكافآت غذائية وصوت نقرة (clicker). هذا التعزيز يقلّل الملل ويقوّي رابط الثقة.
3. روتين لعب منتظم
خصّص جلستين إلى ثلاث جلسات لعب مكثّفة يوميًا لمدة 10–15 دقيقة. اختتم اللعب بتقديم وجبة خفيفة لمحاكاة دورة الصيد الطبيعية (مطاردة – قتل – أكل – نوم).

4. احترام حدود القط
تعلّم قراءة لغة جسده:
- الأذنان للخلف والذيل يرفرف = توتر أو عدائية.
- اهتزاز الذيل بلطف = فضول وودّ.
- عَينان متوسّعتان مع جسد منخفض = استعداد للهجوم أو الدفاع.
توقف عن الملاطفة إذا لاحظت علامات الانزعاج.
5. لا للعقاب الجسدي
رش الماء أو الصراخ قد يزيد خوف القط ويعزّز سلوكه العدواني. بدلاً من ذلك، استخدم إلهاءً فوريًا (رمي لعبة بعيدة) أو تجاهلًا مؤقتًا لكسر سلوك غير مرغوب.
متى تزور الطبيب البيطري أو مختص السلوك؟
إذا ظهرت على القط علامات عدوانية مفاجئة، أو تغيّر في عادات الأكل/الحمّام، أو فقدان الوزن، فقد يكون يعاني من ألم أو مرض يستوجب التشخيص.

الخلاصة
القطط ليست شريرة أبدًا؛ إنها ببساطة تتبع غرائزها الطبيعية. عندما نفهم دوافعها ونلبّي احتياجاتها، سنجد رفيقًا ودودًا، مرحًا، وحنونًا. تذكّر أن بناء علاقة صحية يقوم على الاحترام، والتفهّم، والتحفيز المستمر.