لماذا قد يكون فقدان كلبك أصعب من فقدان أحد الأقارب؟

يمر الكثيرون بتجربة فقدان حيواناتهم الأليفة، لكن ما يفاجئ بعضهم هو أن الألم الناتج عن فقدان كلب يمكن أن يكون أشد من الحزن على فقدان أحد الأقارب. قد يبدو الأمر غريباً لمن لم يختبر هذا النوع من الخسارة، إلّا أنّ العلم وعلم النفس يفسّران ذلك من خلال فهم طبيعة الرابط العاطفي الفريد بين الإنسان والكلب، والدور اليومي الذي يلعبه في حياتنا.
أولاً: طبيعة الرابط العاطفي بين الإنسان والكلب

1. حب غير مشروط ورؤية خالية من الأحكام
يتميّز الكلب بقدرته على تقديم حبّ غير مشروط، فلا يهمّه شكلك الخارجي أو وضعك الاجتماعي؛ يكفي أن تعود إلى المنزل حتى يستقبلك بحماس وفرح. هذا الشعور بالقبول التام يقلّ توافره لدى البشر، ما يجعل فقدان الكلب أشبه بفقدان مصدر دعم لا يتكرر.
2. جزء من الروتين اليومي
تبدأ يومك بإطعام كلبك، وربما تخرجان في نزهة صباحية. ثم عند المساء، توقّع أن يرتمي على قدميك أو يطلب اللعب. هذه اللحظات الصغيرة تكوّن هيكلاً كاملاً لجدولك اليومي، وعند غيابها يختلّ الإيقاع النفسي والجسدي بشكل واضح.
3. دور الراعي والمسؤولية
العلاقة مع الكلب ليست أحادية الاتجاه؛ فأنت الراعي والمسؤول عن حياته وسلامته. عند وفاته، تُحرم فجأة من هذا الدور، ما يولّد شعوراً بالفقد المزدوج: فقدان الكلب وفقدان جزء من هويتك كراعٍ ومقدّم رعاية.
ثانياً: لماذا يبدو الحزن على الكلب أقسى أحياناً؟
1. غياب الدعم الاجتماعي المعترف به
لا يزال المجتمع في كثير من الثقافات يعتبر الحزن على الحيوانات “أقل قيمة” من الحزن على البشر، وهو ما يُعرف بـ Disenfranchised Grief أو “الحزن غير المعترف به اجتماعيًا”. نتيجة لذلك، لا يتلقّى صاحب الكلب نفس مستوى التعاطف أو الدعم الذي قد يحصل عليه عند فقدان أحد أفراد العائلة البشرية.
2. صدمة الرحيل المفاجئ
غالبًا ما يرحل الكلاب بسرعة ــ سواء بسبب مرض مفاجئ أو حادث ــ دون فترة احتضار طويلة تتيح لصاحبها التأقلم التدريجي، ما يزيد من وقع الصدمة وشدّتها.
3. ذكريات حسيّة لا تنتهي
حتى بعد الدفن أو الحرق، تبقى رائحة الكلب عالقة في الأثاث، وتتواجد ألعابه ومقتنياته في أنحاء المنزل، فيتجدّد الحزن عند كل تذكير حسيّ.

ثالثاً: أعراض الحزن على الكلب
- البكاء المتكرّر وصعوبة التحكم بالمشاعر
- مشاعر الذنب: “هل كان بإمكاني إنقاذه؟”
- اضطراب النوم أو الأرق بسبب غياب روتين المشي الليلي
- تراجع الشهية أو الإفراط في الأكل كآلية تعويضية
- العزلة الاجتماعية وتجنّب الأصدقاء الذين لا يتفهّمون حجم الخسارة
رابعاً: إستراتيجيات للتعامل مع الفقد
1. اسمح لنفسك بالحزن
لا تحاول التقليل من مشاعرك أو إخفاء دموعك. الحزن آلية طبيعية، وكبته قد يطيل فترة التعافي.
2. أنشئ طقوس وداع شخصية
قد يكون دفن الكلب في حديقة المنزل، أو زرع شجرة تذكارية، أو حتى تعليق صورته مع طوقه في إطار. هذه الطقوس تمنحك إحساسًا بالخاتمة.

3. تواصل مع من يفهمك
ابحث عن مجموعات دعم فقدان الحيوانات الأليفة عبر الإنترنت أو في مدينتك. الحديث مع آخرين مرّوا أو يمرّون بالتجربة نفسها يقلّل الشعور بالعزلة.

4. ممارسة الرعاية الذاتية
المشي، التأمل، والأنشطة الإبداعية (كالكتابة أو الرسم) تساعدك على تصريف الطاقة العاطفية المكبوتة.
5. التفكير في تبنّي حيوان آخر
ليس الهدف استبدال كلبك، بل منح نفسك فرصة لتوجيه حبّك ورعايتك لكائن جديد عندما تكون مستعدًا. توقيت تبنّي كلب جديد يختلف من شخص لآخر؛ استمع إلى قلبك ولا تُجبَر على قرار مبكر أو متأخر.
“الحب الذي منحه كلبك لا يضيع بموته؛ بل يتحوّل إلى ذكرى دافئة تدفئ قلبك ما حييت.”
خامساً: متى تحتاج إلى مساعدة متخصّصة؟
إذا تزامن الحزن مع أعراض اكتئاب شديدة، أفكار إيذاء النفس، أو استمر لأكثر من ستة أشهر دون تحسّن، فقد يفيدك التوجّه إلى معالج نفسي متخصّص في الحزن أو خسارة الحيوانات الأليفة.
خاتمة
الحزن على كلبك ليس مبالغة؛ إنه انعكاس لرابط إنساني فريد مع كائن وهبك سنيناً من الحب والوفاء. امنح نفسك الوقت والمساحة لتكريم تلك العلاقة، وتذكّر أن الإحساس بالألم دليل على عمق الحب الذي شاركته مع رفيقك الوفي.