لماذا يظهر بعض الكلاب سلوكًا عدوانيًا أكثر من غيرها؟
سواء كنتَ تمتلك جروًا مرحًا أو كلبًا بالغًا واثقًا من نفسه، فمن الطبيعي أن تتساءل عن أسباب العدوانية لدى بعض الكلاب مقارنة بغيرها. فالسلوك العدواني يُعَدّ واحدًا من أكثر المشكلات السلوكية شيوعًا وإرباكًا لمُربي الكلاب حول العالم، وقد يكون مصدر خوف أو قلق في الحي أو أثناء زيارتك للطبيب البيطري. يستند هذا المقال إلى أحدث الأبحاث العلمية المنشورة في مجال سلوك الكلاب، ويُوضح العوامل الوراثية والبيئية التي تساهم في ظهور السلوك العدواني، بالإضافة إلى خطوات عملية للوقاية والتعامل مع هذا السلوك.
ما هو السلوك العدواني؟
يُعرَّف السلوك العدواني لدى الكلاب بأنه أي فعل يهدف إلى تهديد أو إيذاء كائن آخر، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا. ويظهر بأشكال متعددة مثل:
- الهدر أو الزمجرة
- إظهار الأسنان أو رفع الشفاه
- الهجوم أو العضّ
- الانقضاض المفاجئ دون سابق إنذار
تتنوّع الدوافع وراء هذا السلوك ما بين الخوف والدفاع عن الموارد والرغبة في السيطرة والألم الجسدي وغيرها.
ماذا تقول الأبحاث الحديثة؟
اعتمدت دراسة حديثة واسعة النطاق شملت آلاف الكلاب من أكثر من 20 سلالة مختلفة على استبيانات لأصحاب الكلاب وتحليلات وراثية لتحديد العوامل المرتبطة بالعدوانية. ومن أبرز النتائج:
- السلالة: مع أن السلالة تلعب دورًا مهمًا في احتمالية ظهور العدوانية، فإنها ليست العامل الوحيد أو الحاسم.
- الحجم: الكلاب الصغيرة نسبيًّا أظهرت ميلًا أعلى إلى السلوك العدواني تجاه الغرباء والكلاب الأخرى.
- الجنس والعمر: الذكور غير المُعقَّمة تميل إلى مستويات عدوانية أعلى، كما تزداد العدوانية قليلًا مع التقدُّم في العمر.
- التنشئة الاجتماعية المبكرة: نقص التعرّض المبكر للناس والكلاب والأصوات المتنوعة ارتبط بارتفاع معدلات العدوانية لاحقًا.
- خبرة المالك: أصحاب الكلاب لأول مرة أبلغوا عن نسب أعلى من المشكلات السلوكية مقارنةً بالمربين المخضرمين.

السلالة ليست كلمة الفصل
رغم السمعة التي تلاحق بعض السلالات، تُظهر البيانات أن هناك تفاوتًا كبيرًا داخل كل سلالة. فكلب لابرادور على سبيل المثال قد يكون عدوانيًا إذا تعرّض للتجاهل أو سوء المعاملة، في حين قد يكون روت فايلر هادئًا ومطيعًا بفضل تدريب جيد وتنشئة اجتماعية سليمة. لذلك لا يُنصَح بالاعتماد على السلالة وحدها للحُكم على السلوك.
علاقة الحجم بالبنية العصبية
تقترح بعض الفرضيات أن الكلاب الصغيرة قد تطوّر ردود فعل دفاعية زائدة كآلية تعويضية عن حجمها، أو أن المالكين يتساهلون مع سلوكها العدواني مقارنة بسلوك كلب ضخم، ما يُعزِّز هذا السلوك دون قصد.

العوامل البيئية والسلوكية
التنشئة الاجتماعية المبكرة
الفترة الحساسة ما بين الأسبوعين الثالث والثاني عشر من عمر الجرو تُعدّ حرجة في تكوين شخصيته. تعرّضه بشكل إيجابي لمختلف الأصوات والبشر والحيوانات يقلّل بشكل كبير من احتمالية تطوّر السلوك العدواني لاحقًا.
دور المالك والخبرة
أظهرت نتائج الدراسة أن الكلاب التي يملكها أشخاص ليس لديهم خبرة سابقة أكثر عرضة لعرض سلوك عدواني. ويرجع ذلك غالبًا إلى أخطاء في قراءة لغة الجسد الكلبية أو استخدام أساليب تدريب قسرية.
الملل ونقص التحفيز
الملل قد يؤدي إلى ظهور سلوكيات غير مرغوبة، بما في ذلك العدوانية. الألعاب الذهنية وجلسات المشي الطويلة والتمارين اليومية ضرورية للحفاظ على اتزان الكلب النفسي.
الألم والمشكلات الطبية
قد يكون السلوك العدواني أحيانًا صرخة طلب للمساعدة، إذ يلجأ الكلب إلى العضّ أو الهدر حين يشعر بالألم. فحصٌ بيطريّ دوريّ يمكن أن يضع حدًّا للمشكلة من جذورها.

هل التعقيم أو الخصي حلٌّ سحري؟
تُشير البيانات إلى أن الكلاب المُعقَّمة أو المُخصيَّة تُظهر عمومًا مستويات أقل من السلوك العدواني، خصوصًا المُوجّه ضد الكلاب الأخرى من الجنس ذاته. ومع ذلك، فالنتيجة ليست مضمونة مئة بالمئة؛ فالعوامل الوراثية والبيئية لا تزال تلعب دورًا مهمًّا.
كيف يمكن الوقاية والتعامل؟
- ابدأ التنشئة الاجتماعية في عمر مبكر قدر الإمكان.
- استخدم أساليب تدريب إيجابية قائمة على الثواب.
- قدّم للكلب نشاطًا بدنيًّا وذهنيًّا كافيًا يوميًّا.
- استشر طبيبًا بيطريًّا لاستبعاد أي أسباب طبية.
- اطلب مساعدة اختصاصي سلوك معتمد إذا لاحظت علامات عدوانية متزايدة.


متى يجب استشارة اختصاصي السلوك؟
إذا تجاوز السلوك العدواني مجرد التحذير اللفظي (الزمجرة) إلى العضّ أو محاولة العضّ، أو إذا شعرت بأنك غير قادر على السيطرة على الموقف بأمان، فإن تدخل اختصاصي سلوك بيطري أمرٌ حيويّ. هؤلاء الخبراء يُقيّمون أسباب العدوانية ويضعون خطة تعديل سلوك مخصّصة.
الخلاصة: العدوانية سلوك مُعقَّد سببه مزيج من الجينات، والتجارب المبكرة، والتربية، والحالة الصحية. لا يكفي إلقاء اللوم على السلالة؛ فالتنشئة الاجتماعية والتدريب الإيجابي والرعاية البيطرية الشاملة هي مفاتيح الوقاية.