تسمم العفن عند الحيوانات الأليفة: الأسباب والأعراض وطرق الوقاية والعلاج
يُعد وجود العفن داخل المنازل مشكلة أكثر شيوعاً مما نعتقد، ولا يقتصر ضرره على البشر فحسب؛ فكل من الكلاب والقطط قد يتعرضان أيضاً لسموم العفن التي تُعرَف بالمايكوتوكسينات. عندما يتم استنشاق هذه السموم أو ابتلاعها، قد تتسبب في أعراض سريعة الخطورة قد تصل إلى التشنجات أو حتى الوفاة إذا لم يُعالج الحيوان بسرعة. في هذا الدليل الشامل نتعرّف معاً على كيفية حدوث التسمم، علامات التحذير، أساليب التشخيص، خيارات العلاج، وأهم الخطوات العملية للحفاظ على صحة أصدقائنا ذوي الفراء.
ما هو العفن السام؟
العفن هو عبارة عن فطريات مجهرية تنمو في البيئات الرطبة والدافئة. ليس كل أنواع العفن خطيرة، لكن بعض الأنواع مثل Stachybotrys chartarum والمعروف باسم العفن الأسود تفرز مايكوتوكسينات قادرة على إحداث أضرار خطيرة لجهازَي التنفس والهضم لدى الحيوانات وحتى الجهاز العصبي المركزي.
كيف يتعرّض الكلاب والقطط للعفن؟
- الاستنشاق: استنشاق الأبواغ المتطايرة من الجدران أو الأرضيات أو أنظمة التهوية الملوَّثة.
- الابتلاع: تناول طعام أو علف مخزَّن في أماكن رطبة أو متعفنة، أو مضغ ألعاب ملوَّثة.
- التلامس الجلدي: التمدّد أو النوم في مناطق ملوَّثة بالعفن، ما يسمح بامتصاص السموم عبر الجلد التالف أو الجروح.
علامات وأعراض التسمم بالعفن
تختلف الأعراض بحسب كمية التعرّض، نوع العفن، وعمر الحيوان وحالته الصحية، إلا أن هناك نمطاً متكرراً من العلامات التحذيرية ينبغي الانتباه إليه.
أعراض شائعة لدى الكلاب
- قيء وإسهال يبدأ بشكل مفاجئ وقد يحتوي على دم.
- رعشة عضلية أو تشنجات قد تتطور إلى نوبات كاملة.
- فقدان الشهية وخمول عام.
- ارتفاع حرارة الجسم أو انخفاضها بشكل غير معتاد.
أعراض شائعة لدى القطط
- عطس متكرر وسعال جاف.
- إفرازات أنفية أو عينية ذات لون غير طبيعي.
- صعوبة أو سرعة في التنفس مع صوت صفير أحياناً.
- قيء أو خمول ملحوظ، خصوصاً بعد تناول وجبة.
أعراض تنفسية وعصبية مشتركة
- ضيق تنفس أو تنفس فموي.
- سعال مستمر غير مفسَّر.
- ارتعاشات، ترنُّح أو صعوبة في حفظ التوازن.
- شلل جزئي قد يبدأ في الأطراف الخلفية.
ملاحظة مهمة: لا تنتظر ظهور جميع الأعراض؛ ظهور عرض واحد شديد كالقيء المتكرر أو التشنجات يستوجب مراجعة بيطرية فورية.
كيفية التشخيص عند الطبيب البيطري
لا يمكن تأكيد تسمم العفن بالعين المجردة فقط. سيعتمد الطبيب البيطري على:
- التاريخ المرضي المفصَّل، بما يشمل ظروف السكن وعادات التخزين.
- الفحص السريري وقياس العلامات الحيوية.
- تحاليل دم وبول للكشف عن مؤشرات الكبد والكلى والتهابات عامة.
- أشعة سينية أو مقطعية لتقييم الجهاز التنفسي والرئتين.
- اختبارات سموم متخصِّصة أو زراعة فطرية لعينة من الطعام أو القيء.
خيارات العلاج المتاحة
العلاج يُصمَّم بناءً على شدة الحالة ونوع الأعراض، لكنه عادة يشمل:
- الإزالة الفورية لمصدر العفن: نقل الحيوان إلى بيئة نظيفة وجافة.
- العلاج الداعم: تعويض السوائل والأملاح عبر الوريد لمنع الجفاف.
- الأدوية المضادة للتشنجات: مثل الديازيبام أو فينوباربيتال لوقف النوبات.
- الفحم النشط: للمساعدة على امتصاص السموم المتبقية في الجهاز الهضمي عند الابتلاع الحديث.
- الأكسجين أو جهاز التنفس الاصطناعي: في حالات الضائقة التنفسية الشديدة.
- المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفطريات: إذا ثبت وجود عدوى ثانوية.
التوقعات (البروغنوز) ومتابعة الحالة
مع تدخل مبكر وعلاج مناسب، فإن معظم الحيوانات تتعافى بشكل كامل خلال أيام إلى أسابيع. لكن التأخر في العلاج أو التعرّض المزمن للعفن قد يخلّف أضراراً عصبية دائمة أو فشلاً كلوياً وكبدياً يهدد الحياة.
خطوات الوقاية في منزلك
- فحص المنزل بانتظام للكشف عن تسربات المياه في الأسقف أو الأنابيب.
- تشغيل أجهزة إزالة الرطوبة في الأقبية أو المناطق سيئة التهوية.
- التخلّص من الأطعمة المتعفنة فوراً، وتنظيف أوعية الطعام والمياه يومياً.
- تخزين علف الحيوانات في حاويات محكمة الإغلاق وفي مكان جاف.
- تنظيف ألعاب الحيوانات وغسل فراشها بانتظام لمنع نمو الفطريات.
- الاستعانة بشركات متخصِّصة لإزالة العفن إذا بلغت المساحة المتضررة 1 متر مربع أو أكثر.
متى يجب الاتصال بالطبيب البيطري؟
اتصل بطبيبك فوراً إذا لاحظت أياً من الحالات التالية:
- تقيؤ متكرر أو قيء مصحوب بالدم.
- نوبات أو تشنجات ولو لمرة واحدة.
- صعوبة تنفس واضحة أو زرقة في اللثة.
- خمول شديد يستمر أكثر من 12 ساعة.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يتسمم البشر من نفس مصدر العفن؟
نعم، التعرض للعفن السام يشكل خطراً على البشر أيضاً، ما يجعل معالجة البيئة المشتركة أولوية لحماية جميع أفراد الأسرة.
هل أجهزة تنقية الهواء كافية للوقاية؟
يمكن أن تساعد الفلاتر عالية الكفاءة (HEPA) في التقليل من الأبواغ المحمولة جواً، لكنها لا تعالج مصدر العفن؛ يجب إصلاح التسربات وتنظيف الأسطح المصابة.
ما مدة بقاء السموم في جسم الحيوان؟
تختلف مدة البقاء بحسب شدة التعرّض، لكن عادة يتم طرد معظم السموم في غضون 24–48 ساعة مع العلاج الداعم الصحيح.
الخلاصة
يمثل العفن السام تهديداً صامتاً يمكن أن يصيب حيواناتنا الأليفة دون إنذار مسبق. عبر الحفاظ على بيئة منزلية جافة ونظيفة، ومراقبة أي تغييرات سلوكية أو صحية، تستطيع تقليل المخاطر بشكل كبير. عند الشك، لا تتردد في طلب مساعدة الطبيب البيطري؛ فالتدخل السريع يصنع الفارق بين تعافٍ كامل ومضاعفات خطيرة.
المراجع
- أطباء بيطريون مختصون. “أعراض التسمم بالعفن عند الكلاب والقطط.” , 2023-02-05. www.veterinarypartner.com
- المكتبة الوطنية للطب. “سموم العفن وتأثيرها على صحة الحيوانات الأليفة.” , 2021-08-30. pubmed.ncbi.nlm.nih.gov
