تدريب الجيل الجديد من كلاب البحث والإنقاذ: رحلة من المأوى إلى موقع الكارثة
حين تضرب الكوارث الطبيعية أو الصناعية، يهرع رجال الإنقاذ إلى مواقع الحطام بحثًا عن ناجين. إلا أن الأبطال ذوي الأربع أرجل – كلاب البحث والإنقاذ – غالبًا ما يكونون أول من يكتشف وجود الحياة تحت الركام. في هذه التدوينة، نستعرض كيف يتم اختيار هذه الكلاب، وتأهيلها، وربطها بعناصر الإطفاء أو الشرطة، إلى أن تصبح جاهزة لإنقاذ أرواح لا تُقدّر بثمن.
لماذا نحتاج إلى كلاب البحث والإنقاذ؟
تستطيع الكلاب، بفضل حاسة الشم الفائقة، اكتشاف الروائح البشرية تحت أطنان من الخرسانة والتراب. وقد أثبتت عمليات مثل زلزال هاييتي 2010 وانهيار سد الطين في ولاية واشنطن 2014 أن هذه الحيوانات جزء لا يتجزأ من أي مهمة إنقاذ حديثة.
مؤسسة الكلاب الوطنية لمواجهة الكوارث (SDF)
أُسست المؤسسة على يد ويلما ميلفيل بعد مشاركتها في جهود إنقاذ ضحايا تفجير أوكلاهوما سيتي عام 1995. أدركت ويلما النقص الحاد في عدد فرق الكلاب المُدرَّبة، فوضعت هدفًا طموحًا: “لا كارثة بدون كلاب مدرَّبة.” ومنذ ذلك الحين، تعمل SDF على إنقاذ الكلاب المشردة أو المهملة من الملاجئ، وتمنحها تدريبًا مكثفًا يمكّنها من إنقاذ البشر.
شعار المؤسسة بسيط وملهم: «ننقذ الكلاب ليُنقذوا بدورهم البشر».
رحلة الكلب من الملجأ إلى البطل
١. انتقاء الكلاب المناسبة
لا تُختار الكلاب عشوائيًا؛ بل يتم تقييمها وفق صفات محددة:
- دافع لعب عالي (High Play Drive)
- قدرة على التركيز وسط الضوضاء والفوضى
- ثقة بالنفس واستقلالية
- قدرات بدنية قوية للقفز والتسلق

٢. الاختبارات الأولية
يخضع الكلب لسلسلة من التحديات، مثل مطاردة كرة تتدحرج داخل مبنى مهجور، أو التسلق فوق كومات خشبية غير ثابتة. الهدف هو قياس مدى الإصرار والرغبة في حل المشكلات.

٣. التدريب في مركز “ناشيونال ترينينغ سنتر”
يمتد البرنامج التدريبي من 6 إلى 8 أشهر، ويتكوَّن من:
- تدريبات الشم المتقدمة: تعلم تمييز رائحة الإنسان وسط روائح بيئية معقدة.
- تدريبات الثقة والتوازن: السير على جسور ضيقة أو وسط نفق مظلم.
- محاكاة مواقع الكوارث: أنقاض حقيقية تُعاد هندستها لتقليد زلازل أو انفجارات.

٤. مطابقة الكلب مع المُنقِذ البشري
غالبًا ما يكون المُعالج (Handler) رجل إطفاء أو رجل شرطة يتطوع للبرنامج. تُبنى العلاقة على الثقة المتبادلة، إذ يعيش الكلب مع مُعالجه ويشاركه حياته اليومية.

٥. الاعتماد والشهادة
لكي تُستدعَى فرقة البحث والإنقاذ إلى مواقع الكوارث الفيدرالية في الولايات المتحدة، لا بد أن تحصل على اعتماد FEMA. يتضمّن الاختبار 12 ساعة من البحث المتواصل في الظلام والضوضاء والطقس المتقلّب. الرسوب يعني العودة لأسابيع أو أشهر إضافية من التدريب.
ماذا يحدث للكلاب التي لا تجتاز البرنامج؟
لا تُترك هذه الكلاب للمجهول. يتم تحويلها إلى مسارات مهنية أخرى مثل كلاب الكشف عن المتفجرات، أو حتى تُتبنّى كحيوانات أليفة للعائلات التي تحتاج إلى رفيق نشيط.
قصص نجاح تلهم العالم
- الكلبة «بريتاني»: من أوائل المستجيبين لأحداث 11 سبتمبر، قامت بتمشيط أرض «غراوند زيرو» لأسابيع.
- الكلب «جونو»: أنقذ طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات بعد زلزال هاييتي.
- الكلب «دوجي»: ساعد في العثور على مفقودين في انهيار سد واشنطن 2014.

كيف يمكنك المساعدة؟
سواء كنت متبرعًا بالمال، أو لديك القدرة على رعاية جرو نشط لبضعة أشهر، أو حتى نشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنك تساهم مباشرةً في إنقاذ أرواح مستقبلية.
طرق الدعم:
- تبرع مالي دوري أو لمرة واحدة.
- التطوع كرعاية مؤقتة (Foster) للجِراء قيد التقييم.
- الترويج لعمل المؤسسة عبر وسائل التواصل.
في النهاية، قد يبدأ مسار كلب الإنقاذ بلعبة كرة مطاطية في ساحة ملجأ، لكنه قد ينتهي بإنقاذ حياة إنسان تحت أنقاض زلزال. هذه الرحلة البطولية تستحق منا كل دعم وتقدير.
المراجع
- ويلما ميلفيل. “تاريخ مؤسسة الكلاب الوطنية لمواجهة الكوارث.” , 2021-05-10. www.searchdogfoundation.org