مرض التلاصق البارد لدى القطط: الدليل الشامل للأسباب والعلاج والرعاية
قد تبدو البرودة بالنسبة لمعظم القطط مجرد شعور غير مريح، لكنها عند بعض القطط المصابة بمرض التلاصق البارد (Cold Agglutinin Disease) تتحول إلى مشكلة خطيرة تهدد حياتها. في هذا الدليل الشامل سنتعرف على كل ما تحتاج إليه لحماية قطك، بدءًا من فهم آلية المرض ووصولًا إلى طرق الرعاية المنزلية طويلة الأمد.

ما هو مرض التلاصق البارد؟
يُعدّ مرض التلاصق البارد شكلًا من أشكال فقر الدم الانحلالي بالمناعة الذاتية (AIHA)، حيث يُنتج الجهاز المناعي أجسامًا مضادة (غالبًا من نوع IgM) تلتصق بكريات الدم الحمراء عند تعرضها لدرجات حرارة منخفضة. يؤدي هذا الارتباط إلى تراصّ (تكتل) الخلايا وتدميرها، ما يُسبب نقصًا شديدًا في عددها داخل الدورة الدموية.
كيف تؤثر درجات الحرارة المنخفضة؟
عندما يبرد الطرفان أو الأذنان أو الذيل، تنخفض درجة الحرارة الموضعية للدم في هذه المناطق، فتبدأ الأجسام المضادة بالالتصاق بكريات الدم الحمراء محدثةً تكتلًا يعيق تدفق الدم ويُسرِّع انحلال الخلايا. النتيجة المباشرة هي فقر دم، أما التأثيرات الجانبية فتشمل قصورًا في إمداد الأكسجين إلى الأنسجة واحتمالية لحدوث جلطات صغيرة في الأوعية.
الأعراض والعلامات السريرية
تظهر الأعراض عادة فور انخفاض الحرارة أو بعد التعرض لجو بارد. راقب قطك للأعراض التالية:
- خمول واضح أو فقدان للطاقة
- شحوب أو اصفرار (يرقان) في لثة الفم والعينين
- بول غامق اللون (دليل على انحلال الدم)
- تبقع أو تغير لون أطراف الأذنين والذيل (قد يصل إلى نخر الأنسجة في الحالات الشديدة)
- عدم تحمل البرودة؛ بحث مستمر عن مصادر حرارة
- تسارع نبضات القلب وصعوبة في التنفس مع تفاقم فقر الدم

الأسباب وعوامل الخطر
ينقسم المرض إلى نوعين رئيسيين:
- التلاصق البارد الأولي (Idiopathic): لا يرتبط بمرض آخر واضح، ويُشخَّص بعد استبعاد جميع المسببات المحتملة.
- التلاصق البارد الثانوي: ينشأ استجابة لمرض أو حالة أخرى. أكثر العوامل شيوعًا تشمل:
- العدوى بـ Mycoplasma haemofelis (المعروف سابقًا باسم Haemobartonella felis)
- فيروس لوكيميا القطط (FeLV)
- فيروس نقص المناعة (FIV)
- الأورام اللمفاوية أو السرطانات الدموية
- التهاب البنكرياس المزمن أو أمراض مناعية أخرى
كيف يشخص الطبيب البيطري المرض؟
يعتمد التشخيص على مزيج من التاريخ المرضي، والفحص السريري، واختبارات معملية محددة:
- فحص اللطخة الدموية: يظهر تراصّ واضح لكريات الدم عند تبريد العينة.
- اختبار كومبس المباشر: يكشف وجود أجسام مضادة مرتبطة بالخلايا الحمراء.
- صورة دم كاملة (CBC): لتقييم درجة فقر الدم ووجود خلايا شبكية.
- الكيمياء الحيوية للدم: لرصد ارتفاع البيليروبين أو مؤشرات انحلال الدم.
- تحليل البول: للتأكد من عدم وجود هيموغلوبين أو بيليروبين في البول.
- فحوص إضافية: مثل اختبار FeLV/FIV، وتصوير أشعة أو موجات فوق صوتية للكشف عن أورام.

خيارات العلاج
الخطة العلاجية الناجحة تتضمن معالجة السبب الجذري ودعم جسم القط حتى يتعافى من فقر الدم.
1. إبقاء القط دافئًا
أبسط خطوة وأهمها هي منع التعرض للبرد على الإطلاق. تأكد من:
- توفير بطانيات وسرير دافئ في المنزل
- تجنب الخروج في طقس بارد أو أماكن مكيّفة بشدة
- استخدام ألبسة قطط أو وسادات تدفئة آمنة عند الحاجة
2. معالجة السبب الكامن
إذا كان المرض ثانويًا لعدوى بكتيرية أو فيروسية، يبدأ الطبيب البيطري بالعلاج المناسب (مضادات حيوية، مضادات فيروسية، أو علاج الأورام).
3. كبت المناعة
- الكورتيكوستيرويدات: مثل Prednisone لتقليل تفاعل الجهاز المناعي.
- الأدوية المثبطة للمناعة: كـ Cyclosporine أو Chlorambucil عند فشل الكورتيزون وحده.
4. نقل الدم ودعم الأكسجين
في حالات فقر الدم الحاد، قد يحتاج القط إلى نقل دم متوافق أو محلول ناقل للهيموغلوبين (Oxyglobin) لتصحيح النقص سريعًا.
5. الرعاية الداعمة
- مضادات أكسدة وفيتامينات B لتحسين تكوين الدم
- مراقبة ضغط الدم ووظائف القلب
- السوائل الوريدية إذا لزم الأمر

التعافي والمتابعة المنزلية
قد يستغرق التعافي الكامل أسابيع إلى أشهر ويعتمد على سبب المرض وشدته. إليك خطة الرعاية المنزلية المثلى:
- زيارات متابعة منتظمة: لتكرار فحوص الدم وضبط جرعات الأدوية.
- قياس الحرارة: تأكد من بقاء درجة حرارة القط أعلى من 38°C.
- مراقبة اللون: تحقق من لثة القط يوميًا لرصد أي شحوب أو اصفرار جديد.
- التغذية الجيدة: وجبات غنية بالبروتين والطاقة لتعويض خسائر الجسم.
- أنشطة منخفضة الإجهاد: قلل التوتر لمنع زيادة احتياج الأكسجين في الجسم.

الوقاية: هل يمكن تجنب المرض؟
لا توجد طريقة مؤكدة لمنع التلاصق البارد الأولي، لكنك تستطيع تقليل مخاطر النوع الثانوي من خلال:
- تطعيم القطط واتباع برامج فحص FeLV/FIV
- مكافحة البراغيث والقراد الناقلة للعدوى
- الفحص الدوري لكبار السن لاكتشاف الأورام مبكرًا
أسئلة شائعة
هل المرض مُعدٍ؟
لا، مرض التلاصق البارد نفسه غير معدٍ. ومع ذلك، بعض مسبباته مثل FeLV يمكن أن تنتقل بين القطط.
ما مدى خطورته على حياة القط؟
يتوقف ذلك على شدة فقر الدم والمرض الكامن. التدخل المبكر يرفع معدلات النجاة بشكل ملحوظ.
هل يمكن لقطي الخروج إلى الهواء الطلق؟
يُفضّل إبقاء القط داخل المنزل، خصوصًا في أشهر الشتاء أو عند انخفاض درجات الحرارة ليلًا.
الخلاصة
مرض التلاصق البارد حالة مقلقة لكنها قابلة للإدارة عند اكتشافها مبكرًا. بالمتابعة الدورية مع الطبيب البيطري، والحفاظ على دفء القط، والالتزام بالعلاجات الموصوفة، يمكنك مساعدة صديقك الوفي على عيش حياة طبيعية وصحية.