ماذا تأكل الغزلان؟ الدليل الشامل لحميتها الطبيعية وكيفية تغذيتها بأمان
تُجسِّد الغزلان رقة البرّية وجمالها، غير أنّ فهم نظامها الغذائي أكثر من مجرد فضول؛ فهو خطوة أساسية للحفاظ على صحتها واستدامة موائلها. سواء كنت مراقبًا للطبيعة، أو صاحب أرض ريفية، أو مجرد محب للحيوانات، ستجد في هذا الدليل كل ما تحتاج معرفته عن الأطعمة التي تتناولها الغزلان في مختلف الفصول، وكيفية تقديم الغذاء لها – أو الامتناع عن ذلك – بطريقة تحمي القطيع والبيئة معًا.

الغزلان: عاشبات مُتخصصة وليست آكلات لكل شيء
على الرغم من أنّ الغزلان تُصنَّف كحيوانات عاشبة، فإنها ليست مثل الأبقار التي ترعى العشب بلا تمييز، بل هي حيوانات «متصفّحة» (Browsers) تنتقي أوراق الأشجار والشجيرات والكروم، بالإضافة إلى البراعم الرقيقة والفاكهة الموسمية. هذا السلوك يوفر لها قيمة غذائية عالية مع ألياف أقل صعوبة في الهضم مقارنة بالعشب القاسي.
أهم النباتات التي تفضِّلها الغزلان
- الأوراق الطرية لأشجار القيقب والبتولا والصفصاف
- البراعم والأغصان الصغيرة للشجيرات مثل العليق والساسكِتون
- الأعشاب الغنية بالبروتين في الربيع مثل البرسيم والبنفسج البري
- المحاصيل الزراعية عندما تتاح لها الفرصة، كفول الصويا والبرسيم الحجازي
- الثمار والبذور والمكسرات، خصوصًا البلوط والجوز في الخريف
الجهاز الهضمي: مُعدة مجترّة رباعية الحجرات
تملك الغزلان جهازًا هضميًا متطورًا شبيهًا بالأبقار، يتكون من الكرش، والشِّبْكية، وأمّعاء، والمنفحة. تسمح هذه التركيبة بتخمير السليلوز ببطء، ما يمكّنها من استخراج الطاقة من النباتات الخشنة.

اختلاف الحمية بين أنواع الغزلان
رغم التشابه العام في كونها عاشبات، فإنّ الأنواع المختلفة تكيفت مع موائل متنوعة:
- الأيل أبيض الذيل: ينتشر في أميركا الشمالية ويعتمد على أوراق الشجيرات والبلوط والمحاصيل الزراعية.
- الأيل البغل: يعيش غرب أميركا الشمالية ويفضل النباتات الصحراوية وشجيرات المريمية.
- الإلك (الوابيتي): أكبر حجمًا، ويرعى العشب أكثر من بقية الأنواع لكنّه يتصفح الأشجار عند الحاجة.
- الموظ: يتغذى على النباتات المائية كزنابق الماء وأغصان الصفصاف.
- الرنّة/الكاريبو: تتكيّف مع الشمال القطبي وتعتمد بشكل كبير على الأشنات في الشتاء.

كيف تتغيّر حمية الغزلان مع الفصول؟
الربيع والصيف: البحث عن البروتين
في الربيع، تتزاوج الغزلان وتُنبت النباتات براعم غنية بالبروتين، فتستغل الغزلان هذه الوفرة لبناء أنسجة جديدة، خاصّة للذكور التي تُنمّي قرونها. تشمل الوجبات المعتادة أوراق الشجيرات الغضّة، والأعشاب الطرية، والزهور البرية.

الخريف: موسم «الماست» الغني بالطاقة
عندما تنضج الجوزيات مثل البلوط والجوز، تُسرع الغزلان إلى جمع الدهون استعدادًا لفصل الشتاء. تُعَد هذه الحبوب الزيتية مصدرًا حيويًا للسعرات الحرارية، إضافة إلى التفاح البري والكمثرى المتساقطة.

الشتاء: البقاء على قيد الحياة بما هو متاح
مع انخفاض درجة الحرارة وتغطية الثلج للأرض، تقلّ الموارد، فتلجأ الغزلان إلى الأفرع الرقيقة، وقشور الأشجار، وإبر الصنوبر. ورغم أن هذه الأغذية أقل قيمة غذائية، فإنها تُبقيها حيّة حتى عودة الربيع.

هل يمكن أن تأكل الغزلان اللحوم؟
الغزلان نباتية بطبيعتها، لكنها قد تلجأ أحيانًا لأكل البيض أو فراخ الطيور أو حتى الجيف في ظروف النقص الشديد للمعادن. تبقى هذه السلوكيات نادرة ولا تشكل جزءًا منتظمًا من نظامها الغذائي.
إطعام الغزلان: متى وكيف ولماذا؟
قد يبدو إطعام الغزلان فعلًا رحيمًا، لكن التدخل البشري غير المدروس قد يؤدي إلى:
- نشر الأمراض بسبب التجمّع الكثيف حول مصدر طعام واحد
- تغيّر سلوك الغزلان واعتيادها على البشر
- مشكلات هضمية خطرة – مثل الحماض – إذا قُدِّم لها طعام غير مناسب
أطعمة موصى بها إذا كان الإطعام قانونيًا ولا مفر منه
- أعلاف تجارية مُخصصة للغزلان تحتوي على توازن دقيق للمعادن والألياف
- تقديم الأغصان المُقلمة من أشجار محلية مثل القيقب والصفصاف
- الفواكه المتساقطة طبيعياً بكميات معتدلة لتقليل الهدر وجذب الغزلان بعيدًا عن الطرق
أطعمة يجب تجنبها تمامًا
- الخبز والمعجنات ورقائق البطاطس
- الذرة المجروشة بكميات كبيرة
- بقايا المطبخ المالحة أو المحلاة
- التبن الجاف منخفض البروتين مثل قش القمح

تنبيه: تختلف القوانين المحلية بخصوص إطعام الحياة البرية. قبل تقديم أي طعام، تحقّق من تشريعات الولاية أو البلدية، فقد تفرض غرامات عالية على هذه الممارسة.
كيف تدعم الغزلان دون إفساد توازن الطبيعة؟
بدلًا من تقديم الطعام يدويًا، جرّب الإجراءات التالية:
- زرع نباتات أصلية في حديقتك لتوفير غذاء طبيعي على مدار العام
- الحفاظ على ممرات هجرة الغزلان خالية من الحواجز
- استخدام مصدّات للسيارات وتخفيض السرعة في مناطق عبور الغزلان
- تجنّب المبيدات الحشرية التي تسمّم النباتات التي تعتمد عليها الغزلان
خلاصة
الغزلان مخلوقات مذهلة تتكيف بذكاء مع تنوع البيئات والفصول. فهمنا لما تأكله – والأسباب وراء اختيارها لبعض النباتات – يساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل لحماية هذه الحيوانات والحفاظ على توازن النظم البيئية التي نعتمد عليها جميعًا.