لماذا يلعقني قطّي؟ الأسباب الخفية وكيفية التعامل معها
إذا كنت من مُحبّي القطط، فربما لاحظت أن صديقك المكسوّ بالفراء يمدّ لسانه الخشن ويلعقك بين الحين والآخر. قد يبدو الأمر لطيفًا في البداية، لكن تكرار هذا السلوك أو قسوته قد يثير تساؤلاتك: ما الذي يحاول قطّي قوله؟ وهل ينبغي أن أقلق؟ في هذا الدليل الشامل نستعرض كل ما تحتاج معرفته عن لعق القطط للبشر، من الدوافع الطبيعية إلى المواقف التي تستدعي التدخّل.
الدوافع الرئيسية وراء لعق القطط لأصحابها
١. إظهار المودّة وتعزيز الروابط الاجتماعية
في عالم القطط يُعرَف هذا السلوك باسم «التنظيف الاجتماعي المتبادل». عندما يلعقك قطّك فهو يُقلّد الطريقة التي يلعق بها القط الآخر كإشارة ثقة وقبول. يفرز اللعاب الفرمونات التي تساعد على تهدئة كلٍ من القطّ والهدف الذي يلعقه، ما يجعل هذا السلوك أشبه بمعانقة دافئة بلغة القطط.
٢. تمييز الملكية ونشر الرائحة
القطط حيوانات إقليمية بطبيعتها. إلى جانب فرك الرأس والذيل، يُعَدّ اللعق إحدى الوسائل التي «يوقّع» بها قطّك عليك. يمتزج لعابه برائحتك فيخلق «عطرًا» مميزًا يدل باقي القطط (أو الحيوانات) على أنك جزء من منطقته المأمونة.
٣. سلوك مُكتسَب من الأم
منذ اللحظات الأولى بعد الولادة تبدأ الأم بلعق صغارها لتنظيفهم وتحفيز الدورة الدموية وتنشيط الرضاعة. لذلك تُبنى رابطة نفسية قوية بين اللعق والشعور بالأمان لدى القطط الصغيرة. بعض القطط، خصوصًا التي فُطِمت مبكرًا، تحتفظ بهذا الارتباط مدى الحياة وتطبّقه على أصحابها.
٤. لذّة الطعم والملوحة على الجلد
بعد تمرين أو في يوم صيفي حار قد يتعرّق جلدك فيترك وراءه بقايا ملح ومعادن. تجد بعض القطط هذا «المزيج» لذيذًا فتُلغي كل حواجز البروتوكول وتبدأ بالعقك للاستمتاع بالنكهة، ما يفسّر ازدياد شدّة اللعق بعد التمارين الرياضية.
٥. طلب الانتباه أو الطعام
من يعود من العمل متعبًا لا يرغب غالبًا في تجاهل صديقه الوفي. فبدلًا من المواء فقط، قد يستخدم قطّك لسانه لجذب اهتمامك. إذا استجبت بمكافأة أو مسح على الرأس فإنك –من دون قصد– تعزّز هذا السلوك ليتكرّر كلما أراد وجبة أو جلسة عناق.
٦. محاولة تهدئة الذات في أوقات القلق
يُفرز اللعق لدى القطط الإندورفينات التي تولّد شعورًا بالراحة. لذلك قد تلجأ إليه القطط المرهَقة بسبب تغيير في المنزل، قدوم حيوان جديد أو أصوات مزعجة مثل الألعاب النارية. إذا صاحب اللعق سلوكيات أخرى مثل الاختباء أو العناية المفرطة بالفراء، فقد يكون دلالة على توتّر يحتاج إلى معالجة.
متى يصبح لعق القط مشكلة تستدعي القلق؟
على الرغم من أنّ لعق القطط يُعَدّ في العموم سلوكًا طبيعيًا، إلا أنّ الإفراط فيه قد يشير إلى مشاكل طبية أو سلوكية. إليك أبرز العلامات التي تستوجب استشارة الطبيب البيطري أو مختص سلوكيات القطط:
- لعق متواصل يؤدي إلى تهيّج بشرتك أو خدوش ظاهرة.
- مصاحبة اللعق لمواؤ متكرر أو عدوانية مفاجئة.
- لعق القط لنفسه لدرجة تساقط الشعر أو ظهور بقع خالية.
- تغيّر مفاجئ في الشهية أو استخدام الحمام.
- أي علامات جسدية مثل القروح، الطفيليات أو الحساسية.
كيف أُقلّل من لعق قطّي لي بدون الإضرار بعلاقتنا؟
إذا كانت لعقات قطك أصبحت مؤلمة أو مزعجة، جرّب الخطوات التالية بلطف واستمرارية:
- التجاهل الهادئ: عندما يبدأ القط في اللعق، انهض بهدوء أو حوّل انتباهك لشيء آخر. عدم الاستجابة يقلل من تعزيز السلوك.
- إعادة التوجيه: اقترح لعبة تفاعلية، فرشاة مخصصة أو مكافأة لذيذة ليحول تركيزه من جلدك.
- وضع روتين ثابت: توفر الجلسات اليومية للعب والإطعام والنوم شعورًا بالأمان يقلل من السلوكيات القهرية.
- استخدام المكملات المهدئة أو الفرمونات: استشر الطبيب البيطري حول بخاخات فرمون Feliway أو مكملات L-tryptophan الطبيعية.
- الفحص البيطري الدوري: لاستبعاد المشكلات الصحية التي قد تدفع القط للعقك أو لعق نفسه بإفراط.
نصيحة خبير: لا تعاقب قطك على اللعق؛ فذلك قد يولّد لديه خوفًا ويزيد التوتر. بدلاً من ذلك ركّز على التعزيز الإيجابي للسلوك البديل.
خاتمة
يعكس لعق القطط مزيجًا من العاطفة، الغرائز القديمة، وأحيانًا احتياجات لم تُلبَّ بعد. بفهم الأسباب الكامنة وتطبيق استراتيجيات بسيطة يمكنك الاحتفاظ بروابط الحب المتينة مع قطّك مع تجنّب الألم أو الإزعاج. في النهاية، تذكّر أن قليلًا من اللعق بين الحين والآخر يعني أنك فرد من «قبيلة» قطّك الصغيرة—وهذا شرف كبير!